المنجم

نُسبُت الى كلية الزراعة لمدة سنة, وتعرفت في شعبة العلوم على شاب يُدرس الفيزياء, وعلمت انه العراقي الوحيد المتخصص في الفلك من جامعة لندن,... فذهلت من الواقع المُر الذي نعيشه, ونضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب !
الا ان من عاش تلك الحقبة, لا يمكنه الأستغراب, فكل شيئ خاضع للسياسة , ولا يمكن لأحد عدم التنفيذ لأي امر يصدر له, وفق الشعار المرفوع آنذاك :
" نفذ ثم طالب", وعلى اية حال, فقد ارتضى ذلك الدكتور, ذوي الأختصاص النادر ان يُدرس علم الفيزياء لطلبة السنة الأولى في كلية الزراعة في ابي غريب !
جمعتني واياه مأساة التَنسيب الى كلية بعيدة عن تخصصنا, وآمنا بالواقع, وزادت علاقتنا متانة, حيث كان يحب الشعر والنكات النصف " مزنجرة",.. وهو بنفس الوقت كان يدهشني بأحاديثه عن النجوم وحركة الكون, ويفسر الأبراج, ..اضافة الى حدسه لأمور قبل وقوعها,.. الا انه فشل في احد المرات, ولم يستطع التكهن بما كان السبب في انزعاجي !..وقال" لازم انت تحب !", ونفيت ذلك , وطلبت منه التكهن عن السبب الحقيقي , حيث جلبت معي سيارة بيجو فرنسية ,آخر موديل يدخل بغداد , وقد تولعت بها, الا انه لم يوفق, وحولت تلك الحدوثة الى ابيات من الشعر الآتية:

نعم انا احب, ولا تسألني من حبيبتي
هي حلوة زاهية لا تجيد مطلقاً لغتي
ليست سكسونية ولا روسية الصنعة
صبية باهية,.. قد ملأت علي وحدتي
ازعجتني بالأمس,ثم اعادت لي بهجتي
فهل عرفتها,... ياعالم الفلك في كليتي