نهاية الطريق
قصة قصيرة لحسين فيلالي
نشرت بمجلة المجاهد الأسبوعي- الجزائر- بتاريخ 19/02/1988

نزل عليك الخبر كالصاعقة
ماذا؟ سحر!…..؟
أحسست بصداع شديد يجثم على مؤخرة رأسك. رحت تستجمع شتات ذاكرتك، تبحث عن صاحبة البشرة البيضاء، الطويلة القامة. استحضر الأحياء، والأموات. ارتسمت أمامك صور عديدة. نبشت الذاكرة حتى القاع لكن دون جدوى.دفعت للعرافة بخمسين دينارا، وانصرفت، تجر رجليك كالخمور، تفترسك هواجس مختلفة .
تدخل منزلك، ترتمي على فراش متهرئ، تستعيد أنفاسك المختنقة، تعتدل ،تسند ظهرك للحائط . مرآة الخزانة الخشبية تتحدى صمتك. تعكس وجهك الشاحب ، تتأمله بغرابة كأنك تراه ،لأول مرة. تقترب زاحفا ، عرق كالثلج يكسو جسدك ، غمامة قاتمة تعلو وجهك ، ضباب كثير يغشو بصرك ، يخيل إليك ظهور بقع سوداء على جبينك، تحاول تحسسها بيدك اليسرى، يلامس أنفك المرآة ، تزداد ضربات قلبك، تقف مستعينا بالخزانة وتخرج .
إلى أين ؟
لا تدري، تدفع بجسدك المتثاقل إلى الأمام، وتمشي ، تقطع الشارع الواحد مرات عديدة وأنت لا تشعر .وتسير تسير ،حتى تبتلعك خمارة الحي . الأعين محمرة، الرؤوس مترامية على الطاولات، والرجال يعانقون الكؤوس بحرارة . تستوقفك ضحكات متقطعة، تشدك إلى الركن الأيسر للحانة ، فتى يقبل فتاة بشراهة. رائحة العطر، امتزجت بالخمر فنسجت أرجوجة للرذيلة . تحاول الانصراف، تتعالى الضحكات، تطوقك من كل جهة، تزج بك بين أحضان النادل،يسير بك إلى الركن الأيسر للحمارة ،تجلس،الطاولة مبتلة، أعقاب السجائر متناثرة ،كل هذا لم يعد له أي معنى في قاموس حياتك،المهم أن تحتسي زجاجة، و تخرج.تبتلع الأولى، مرارة حادة تقطع لسانك،ثورة عارمة تجتاح أمعاءك، تكاد تتقيأ،تضغط على نفسك،تعلها بثانية، و ثالثة، و رابعة. تشعر برغبة قوية في الغناء و الرقص،تنتصب مائلا، تضرب بيدك على الطاولة، و بصوت لا يتعدى أذنيك تصيح: سكوت ـ وقبيل أن تلفظ آخر حرف من هذه الكلمة، كانت الكراسي تداعب الرؤوس،و الزجاجات تصافح الوجوه، و أنت بارك على ركبتيك، تمسح خيوطا حمراء تناثرت على قميصك...