Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
موسوعة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ..

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 20 من 23

الموضوع: موسوعة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ..

العرض المتطور

  1. #1
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    Smi28 موسوعة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ..

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    ربما عجزي وضعفي يجتمعان لدفعي لتخليد صفحة أجمع فيها أخلاقك يا من بكيت شوقا لنا وحبا ورحمة
    وهتفت بأننا إخوانك الذين لم يحالفنا الحظ برؤياك ..
    حبيبي ونبي وسيدي وشفيعي محمد صلى الله عليه وسلم ، لك وحدك وحبا في الله تعالى وفيك أجمع هذه القصص التي يتجلى فيها سمو أخلاقك ونبل تعاملك في زمن شحت فيه مكارم الأخلاق وقل فيه الرجال !!

    اسأل الله وحده أن يجبر كسري ويقوي ضعفي وأن يسدد قلمي الوليد الهزيل لأن أكون أهلا لكتابة ما يليق بك يا نبي ورسولي محمد صلى الله عليك وسلم ..

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  2. #2
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: موسوعة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ..

    مدخل ~

    وأجمل منك لم تر قط عيني *** وأكمل منك لم تلد النساء
    خُلقت مبرأً من كـل عيـب *** كأنك قد خلقت كما تشاء

    حسـان بن ثابت رضي الله تعالى عنه ~

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  3. #3
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: موسوعة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ..

    [ الرحمة ]

    قال تعالى : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) سورة الأنبياء : 107

    يقول الأستاذ علي أبو عبد الكريم ،

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة واسلام على سيدي ومولاي نبينا محمد واله وصحبه اجمعين وبعد:
    في الاية الكريمة وصف الله تعالى نبيه محمد بالرحمةوجعل الله تعالى نبيه محمدا r رحمة للخلق كافة فقال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107)
    قال ابن كثير :
    يخبر تعالى أن الله جعل محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين أي أرسله رحمة لهم كلهم فمن قبل هذه الرحمة وشكر هذه النعمة سعد في الدنيا والآخرة ومن ردها وجحدها خسر الدنيا والآخرة كما قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29))(إبراهيم : 28 ، 29) .
    وقول ابن كثير قاصر على أهل التكليف من الجن والإنس ، ولكن رحمة النبي تشمل كل شئ ، فتشمل الجن والإنس والجماد والحيوان وغيرها من الكائنات على ما سنفصله .
    وذلك إن الله سبحانه وصف نفسه بأنه رب العالمين فقال تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2)
    وقال تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف:54)
    وقال تعالى : (وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف:104)
    فهل نقول أن الله تعالى رب الجن والإنس فقط ؟! بل رب كل الخلق سبحانه وتعالى ، فعندما يصف رب العالمين رسوله محمدا r أن رحمة للعالمين فهو يعم كل المخلوقات .
    قال ابن القيم :
    وأصح القولين في قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) أنه على عمومه .وفيه على هذا التقدير وجهان :
    أحدهما : أن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته ، أما أتباعه فنالوا به كرامة الدنيا والآخرة ، وأما أعداؤه : فالمحاربون له عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم ؛ لأن حياتهم زيادة لهم في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة ، وهم قد كتب عليهم الشقاء فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم في الكفر.
    وأما المعاهدون له : فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته ، وهم أقل شرا بذلك العهد من المحاربين له وأما المنافقون : فحصل لهم بإظهار الإيمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهلهم واحترامها ، وجريان أحكام المسلمين عليهم في التوارث وغيره .
    وأما الأمم النائية عنه : فإن الله سبحانه رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض ، فأصاب كل العالمين النفع برسالته .
    الوجه الثاني : أنه رحمة لكل أحد ؛ لكن المؤمنون قبلوا هذه الرحمة فانتفعوا بها دنيا وأخرى ، والكفار ردوها فلم يخرج بذلك عن أن يكون رحمة لهم ؛ لكن لم يقبلوها كما يقال : هذا دواء لهذا المرض ، فإذا لم يستعمله المريض لم يخرج عن أن يكون دواء لذلك المرض .
    وروى مسلم (2599) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ
    قَالَ : إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً .
    قال تعالى : ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159) .
    ويمضي السياق القرآني في جولة جديدة .. جولة محورها شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقيقته النبوية الكريمة وقيمة هذه الحقيقة الكبيرة في حياة الأمة المسلمة ؛ ومدى ما يتجلى فيها من رحمة الله بهذه الأمة وحول هذا المحور خيوط أخرى من المنهج الإسلامي في تنظيم حياة الجماعة المسلمة ، وأسس هذا التنظيم فنجد حقيقة الرحمة الإلهية المتمثلة في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وطبيعته الخيرة الرحيمة الهينة اللينة ، المعدة لأن تتجمع عليها القلوب وتتألف حولها النفوس .
    فيتوجه الخطاب إليه صلى الله عليه وسلم بطيب قلبه وإلى المسلمين بشعرهم نعمة الله عليهم به .. ويذكره ويذكرهم رحمة الله الممثلة في خلقه الكريم الرحيم ، الذي تتجمع حوله القلوب .. الذي هو أفضل من الملائكة لأن الملائكة من العالمين ، وأن القوم لما انهزموا عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ثم عادوا لم يخاطبهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتغليظ والتشديد وإنما خاطبهم بالكلام اللين ، ليستجيش كوامن الرحمة في قلبه صلى الله عليه وسلم فتغلب على ما أثاره تصرفهم فيه ؛ وليحسوا هم حقيقة النعمة الإلهية بهذا النبي الرحيم ثم يدعو أن يعفو عنهم ويستغفر الله لهم .. وأن يشاورهم في الأمر كما كان يشاورهم غير متأثر بنتائج الموقف – غزوة أحد – لإبطال هذا المبدأ الأساس في الحياة الإسلامية .
    فهي رحمة الله نالته ونالتهم ؛ فجعلته صلى الله عليه وسلم رحيماً بهم ، ليناً معهم ولو كان فظاً غليظ القلب ما تألفت حوله القلوب ولا تجمعت حوله المشاعر . فالناس في حاجة إلى كنف رحيم وإلى رعاية فائقة ، وإلى بشاشة سمحة وود يسعهم وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم .. في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ؛ ويحمل همومهم ولا يعينهم بهمة ويجدون عنده الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضاء وهكذا كان قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا كانت حياته مع الناس ما غضب لنفسه قط ولا ضاق صدره بضعفهم البشري ، ولا احتجز لنفسه شيئاً من أعراض هذه الحياة بل أعطاهم كل ما كانت يداه في سماحة ندية ووسعهم حلمه وبره وعطفه ووده الكريم . ومامن واحد منهم عاشره أو رآه إلا امتلأ قلبه بحبه ؛ نتيجة لما أفاض عليه صلى الله عليه وسلم من نفسه الكبيرة الرحيمة .
    وكأن الله جل جلاله يقول له : فبرحمة الله يا مـحمد ورأفته بك، وبـمن آمن بك من أصحابك، لنت لهم لتبَّـاعك وأصحابك فسهلت لهم خلائقك، وحسنت لهم أخلاقك، حتـى احتـملت أذى من نالك منهم أذاه، وعفوت عن ذي الـجرم منهم جرمه، وأغضبت عن كثـير مـمن لو جفوت به وأغلظت علـيه ، لتركك ففـارقك ولـم يتبعك ولا ما بعثت به من الرحمة، ولكن الله رحمهم ورحمك معهم ..
    فطبيعتك يا محمد طبيعة تتناسب لما يطلب منك في هذه المسألة فهم خالفوك ولم يستجيبوا لك حينما قلت : " إليَّ عباد الله . إني رسول الله " ، وهذا شئ يُحفِظ ويُغضب ولكنه لا يُحفظ طبيعتك ولا يُغضب سجيتك لأنك مفطور مع أمتك على الرحمة فكأنه يريد أن يُحنن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته التي أصابته بالغم .
    وهذه الآية جاءت عقب أحداث حدثت في أحد :
    الحدث الأول :
    أنه صلى الله عليه وسلم رأى ألا يخرج إلى قتال قريش خارج المدينة بل يظل في المدينة ، فأشار عليه المحبون للشهادة والقتال للتعويض كما فاتهم من شرف القتال في بدر أن يخرج إليهم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رأيهم ولبس لأمته فلما أحسوا أنهم أشاروا على رسول الله بما يخالف ما كان قد بدر منه تراجعوا وقالوا : يا رسول الله إن رأيت ألا نخرج ، فقال : " ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل " .
    الحدث الثاني :
    تخلف عبد الله بن أُبيّ ابن سلول – رأس المنافقين - بثلث الجيش .
    الحدث الثالث :
    مخالفة الرماة لأمره صلى الله عليه وسلم وتركهم مواقعهم على الرغم من أنه صلى الله عليه وسلم قد حذرهم من ذلك وقال لعبد الله بن جبير الذي أمَّره على الرماة : " أنضح عنّا الخيل بالنَّبل ، لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فأثبت مكانك من قِبلك " ولكنهم خالفوا أمر رسول الله .
    الحدث الرابع :
    فرارهم حينما قيل : قُتل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    الحدث الخامس :
    حيث كان يدعوهم ؛ فروا لا يلوون على شئ .
    كل هذه الأحداث كادت تترك في نفسه صلى الله عليه وسلم آثاراً ، فبالرحمة التي أُودعت في قلبك فاستعملها في كل مجال وبها قد التفوا حولك لأدبك الجم ولتواضعك الوافر لجمال خلقك ، ولبسمتك الحانية ، ونظرتك المواسية ، لتقديرك لظرف كل واحد حتى أنك إذا وضع أي واحد منهم يده في يدك لم تسحب يدك أنت حتى يسحبها هو ، خُلُقٌ عالٍ ، فاجعله حيث يه لتتنازل عن الهفوات وليسعها خُلقك وحلمك ، لأنك في دور التربية والتأديب . وهي لا تقتضي أن تغضب لأي بادرة تبدر منهم ( وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) ، لأنك تخرجهم عما ألفوا من أمور الجاهلية والذي يخرج واحداً عما ألف لا يصح أن يجمع عليه إخراجه عما اعتاد بالأسلوب الخشن الفظ لأنه في حاجة إلى التودد والرحمة والملاطفة ، ولتكن معهم ليناً (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَن اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (الشعراء: 215)
    وقال : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ الْجَاهِلِينَ ).
    وقال : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (القلم: 4) ..
    وقال تعالى : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) (التوبة:128) .أنه تعالى وصف الرسول في هذه الآية بخمسة أنواع من الصفات :
    الصفة الأولى :
    قوله تعالى : (مّنْ أَنفُسِكُمْ ) وفي تفسيره وجوه :
    الأول : يريد أنه بشر مثلكم كقوله: (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مّنْهُمْ ) (يونس: 2) وقوله: (إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ ) (فصلت: 6) والمقصود أنه لو كان من جنس الملائكة لصعب الأمر بسببه على الناس ..
    الثاني : (مّنْ أَنفُسِكُمْ ) أي من العرب ، قال ابن عباس : ليس في العرب قبيلة إلا وقد ولدت النبي عليه السلام بسبب الجدات، مضرها وربيعها ويمانيها .. والمقصود منه ترغيب العرب في نصرته ، والقيام بخدمته ، كأنه قيل لهم : كل ما يحصل له من الدولة والرفعة في الدنيا فهو سبب لعزكم ولفخركم، لأنه منكم ومن نسبكم ..
    الثالث : (مّنْ أَنفُسِكُمْ ) خطاب لأهل الحرم ، وذلك لأن العرب كانوا يسمون أهل الحرم أهل الله وخاصته ، وكانوا يخدمونهم ويقومون بإصلاح مهماتهم فكأنه قيل للعرب : كنتم قبل مقدمه مجدين مجتهدين في خدمة أسلافه وآبائه ، فلم تتكاسلون في خدمته مع أنه لا نسبة له في الشرف والرفعة إلى أسلافه ؟ ..
    والقول الرابع : أن المقصود من ذكر هذه الصفة التنبيه على طهارته، كأنه قيل : هو من عشيرتكم تعرفونه بالصدق والأمانة والعفاف والصيانة ، وتعرفون كونه حريصاً على دفع الآفات عنكم وإيصال الخيرات إليكم، وإرسال من هذه حالته وصفته يكون من أعظم نعم الله عليكم.
    وقرىء (مّنْ أَنفَسِكُمْ ) أي من أشرفكم وأفضلكم ، وقيل : هي قراءة رسول الله وفاطمة وعائشة رضي الله عنهما.
    والقول الخامس : أنه قال ( من أنفسكم ) ولم يقل : جاءكم رسول منكم ، وهي أشد حساسية وأعمق صلة وأدل على نوع الوشيمة التي تربطهم . فهو بضعة من أنفسهم تتصل بهم صلة النفس بالنفس ..
    الصفة الثانية :
    قوله تعالى : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ) والعزيز هو الغالب الشديد ، والعزة هي الغلبة والشدة. وأما العنت هي المشقة والشدة والمعنى أي يشق عليه مكروهكم ، وأولى المكاره بالدفع مكروه عقاب الله تعالى ، وهو إنما أرسل ليدفع هذا المكروه ..
    الصفة الثالثة :
    قوله تعالى : (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ) وهو الحرص على إيصال الخيرات إليكم في الدنيا والآخرة ، فهو شديدة معزته عن وصول شيء من آفات الدنيا والآخرة إليكم .. لا يُلقى بكم في المهالك ولا يدفع بكم إلى المهاوي فإذا هو كلفكم الجهاد وركوب الصعاب فما ذلك من هوان بكم عليه ولا بقسوة في قلبه وغلظة ، إنما هي الرحمة في صورة من صورها . الرحمة بكم من الذل والهوان والرحمة بكم من الذنب والخطيئة والحرص عليكم أن يكون لكم شرف حمل الدعوة وحفظ رضوان الله والجنة التي وعد المتقون ..
    الصفتان: الرابعة والخامسة :
    قال ابن عباس رضي الله عنهما : سماه الله تعالى باسمين من أسمائه ، فقال : (بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ ) ولم يقل : رؤوف رحيم بالمؤمنين ، فلم ترك هذا النسق ؟
    الجواب : أن قوله : (بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ ) يفيد الحصر بمعنى أنه لا رأفة ولا رحمة له إلا بالمؤمنين.
    فأما الكافرون فليس له عليهم رأفة ورحمة ، وهذا كالمتمم لقدر ما ورد في هذه السورة من التغليظ كأنه يقول : إني وإن بالغت في هذه السورة في التغليظ إلا أن ذلك التغليط على الكافرين والمنافقين. وأما رحمتي ورأفتي فمخصوصة بالمؤمنين فقط ، فلهذه الدقيقة عدل على ذلك النسق.
    فلما كان عليه الصلاة والسلام إمام العالمين ، وجب أن أكثرهم حلما وأحسنهم خلقاً
    وروي عن بعض الصحابة أنه قال : لقد أحسن الله إلينا كل الإحسان ، كنا مشركين ، فلو جاءنا رسول الله بهذا الدين جملة، وبالقرآن دفعة لثقلت هذه التكاليف علينا، فما كنا ندخل في الإسلام ، ولكنه دعانا إلى كلمة واحدة ، فلما قبلناها وعرفنا حلاوة الإيمان ، قبلنا ما وراءها كلمة بعد كلمة على سبيل الرفق إلى أن تم الدين وكملت الشريعة ..

    المصادر
    - تفسير ابن كثير (3/202)
    - عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين لابن قيم الجوزية ص182
    -(مظاهر الرحمة في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم ) أبوحسام الدين الطرفاوي

    > يتبع إن شاء الله <

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  4. #4
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: موسوعة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ..

    بقلم : مها الجريس

    لــم يكن خلق الرحمة في شخصية محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً يتولَّد من الرؤية أو المخالطة او تفرضه الوقائع وما يصاحبها من مشاعر، بل هو أعمق من ذلك بكثير. لقد كان هاجساً يتملكه وخلقاً يجري في دمه حين ينزل أمر من الله تعالى يخشى أن يشقَّ على أمته فلا يطيقونه، وهذا من أخصِّ أوصافه صلى الله عليه وسلم حين امتدحه ربه تبارك وتعالى بقوله: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيْزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيْصٌ عَلَيْكُمْ بِالـمُؤْمِنِيْنَ رَؤُوفٌ رَحِيْمٌ[1]. وهذا ما عبَّر عنه صلى الله عليه وسلم صراحة في أكثر من حديث حين قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)[2]. وقال عن الجهاد في حديث أبي هريرة أيضا: (لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت عن سرية، ولكن لا أجد حملة ولا أجد ما أحملهم عليه ويشق علي أن يتخلفوا عني)[3]. وحين سئل عن الحج أكل عام؟ قال: (لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم)[4]. وليلة أسري به فرض الله على أمته خمسين صلاة في اليوم والليلة فرآه موسى عليه السلام وأمره أن يراجع ربه ليخفف منها حتى صارت خمساً وذلك خشية أن تشق على أمته ولا يؤدونها. وقصة الإسراء والمعراج وفرض الصلاة بطولها عند الإمام مسلم[5].

    وفي صلاة التراويح في رمضان صلى بهم ثلاث ليال ثم تركهم خشية أن تفرض عليهم وكان يخفف بهم الصلاة ويطيلها لنفسه، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إليهم في رمضان فخفف بهم ثم دخل فأطال ثم خرج فخفف بهم ثم دخل فأطال فلما أصبحنا قلنا: يا نبي الله جلسنا الليلة فخرجت علينا فخففت ثم دخلت فأطلت قال: (من أجلكم)[6]. وحين ذكر فتنة الدجال كان يقول لأصحابه أنه سيكون هو من يجادله لو خرج فيهم وهو حي وإن لم يكن حياً فإن كل امرئ مسؤول عن نفسه. لكن قلبه الرحيم لم يكن لينسى أن يستخلف الله تعالى على كل مسلم من هذه الفتنة العظيمة فقال صلى الله عليه وسلم: (إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم)[7].

    وكان صلى الله عليه وسلم يحب اليُسْرَ على الناس ويأمر به. قالت عائشة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من عندي وهو مسرور طيب النفس ثم رجع إلي وهو كئيب، فقال: (إني دخلت الكعبة ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي)[8]. وكان مبعث خوف النبي صلى الله عليه وسلم أن تقع المشقة والتعب على الأمة لقصدهم الاتباع لرسول الله في دخول الكعبة وذاك لا يتيسر لغالبهم إلا بتعب ومشقة.

    لقد كان يدعو الله تعالى لأمته كثيرا وفي الحديث عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً صلاة فأطال فيها فلما انصرف قلنا أو (قالوا) يا رسول الله أطلت اليوم الصلاة قال: (إني صليت صلاة رغبة ورهبة سألت الله عز وجل لأمتي ثلاثاً فأعطاني اثنتين وردّ عليّ واحدة. سألته أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها. وسألته أن لا يهلكهم غرقاً فأعطانيها. وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فردّها عليّ)[9]. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني وعيسى إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فرفع يديه وقال: (اللهم أمتي أمتي) وبكى، فقال الله عز وجل: (يا جبريل اذهب إلى محمد -وربك أعلم- فَسَلْه ما يبكيك؟). فأتاه جبريل فسأله فأخبره صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم فقال الله: (يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك)[10].

    لقد كان عليه الصلاة وأزكى التسليم رحيماً شفيقاً بأمته أجمعين. قرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه ذات يوم شيئا من سورة النساء فلما بلغ قوله تعالى فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيْدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيْدَاً، يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِيْنَ كَفَرُوا وَعَصَوا الرَّسُوْلِ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُُ وَلا يَكْتُمُوْنَ الله حَدِيْثَاً فقال صلى الله عليه وسلم: (حسبك). قال بن مسعود: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إقرأ علي القرآن) قال: فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: (إني أشتهي أن أسمعه من غيري) فقرأت النساء حتى إذا بلغت فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيْدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيْدَاً رفعت رأسي أو غمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل[11]. لقد كانتا تذرفان رحمة بأمته التي قامت عليها الحجة ولم يبق لهم من عذر في مواجهة عذاب الله تعالى وأنه سيكون شهيداً عليهم يوم القيامة.

    وكان يمنع أصحابه من الإكثار في المسألة لئلا يشدد الله عليهم، وفي هذا قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لََكُمْ تَسُؤْكُمْ، وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِيْنَ يُنَزَّلُ القُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا الله عَنْهَا وَالله غَفُوْرٌ حَلِيْمٌ، قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِيْنَ[12].

    ومن مظاهر رحمته بأمته صلى الله عليه وسلم أنه ضحّى يوم عيد الأضحى عن نفسه وعن من لم يُضَحِّ من أمته رحمة منه بالجاهل والفقير. ومن مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته أنه كان يخشى أن تصيب دعوته أحداً من الناس في ساعة غضب أو ثورة نفس لأنه صلى الله عليه وسلم بشر كسائر البشر، فقد سأل الله تعالى أن لا يقبل دعوته على مسلم وأن يجعلها له زكاة وطهارة وقربة. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم إني أتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه فإنما أنا بشر، فأي المؤمنين آذيته، شتمته، لعنته، جلدته،فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة)[13].

    ومن مظاهر رحمته بهم حرصه على رجوع الغائب المسافر إلى أهله واجتماع شملهم. فعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظن أنا اشتقنا أهلنا وسألنا عمن تركنا في أهلنا فأخبرناه، وكان رقيقاً رحيماً فقال: (إرجعوا إلى أهليكم فعلموهم ومروهم وصلوا كما رأيتموني أصلي وإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم)[14].

    ومن مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته تذكيرهم برحمة الله تعالى بعباده وحثهم على حسن الظن به سبحانه، وهو باب واسع يطول الحديث فيه لكن سأقتصر على بعض تلك الأحاديث. فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قدم على النبي سبي فإذا امرأة من السبي تحلب ثديها تسقي إذا وجدت صبياً في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: (أترون هذه طارحة ولدها في النار؟). قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال: (لله أرحم بعباده من هذه بولدها)[15]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي)[16]. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو تعلمون قدر رحمة الله لاتَّكَلْتم) أحسبه قال: عليها[17]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزءاً واحداً فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه)[18]. وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق مابين السماء والأرض فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة)[19].

    ومن مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته أجمعين انه خَبَّأ دعوته المستجابة لتكون شفاعة لهم يوم القيامة وقد قال: (لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة)[20]. وكان نهاهم أن يبلغوه عن أحد منهم شيئاً يكرهه لئلا ينفر منهم. قال صلى الله عليه وسلم (لا يبلغني أحد منكم عن أحد من أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر)[21].

    ومن مظاهر رحمته بأمته صلى الله عليه وسلم أنه دعا بالرفق لمن ولي أمرهم فرفق بهم ودعا على من شقّ عليهم فقال صلى الله عليه وسلم: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشَقَّ عليهم فشُقَّ عليه)[22]. فكان ذلك نبراساً وهدياً لكل من يتحمل أمانة ومسؤولية في أمته إلى أن تقوم الساعة.

    ومن هنا فإننا لا نعجب من ازدياد أتباع هذا الدين مهما حاول أعداؤه أن يشوهوه لأنه بكل بساطة "رحمةٌ للعالمين".


    [1] سورة التوبة / الآية 128
    [2] صحيح البخاري 838
    [3] صحيح البخاري 2750
    [4] صحيح مسلم 2380
    [5] صحيح مسلم 234
    [6] مسند الإمام أحمد 12111 وقال في مجمع الزوائد رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح (3/173)
    [7] مسلم 5228 وفي الحديث قصة الدجال بطولها
    [8] رواه أصحاب السنن عدا النسائي وضعفه الألباني في الضعيفة (6/420)
    [9] سنن ابن ماجة 3941 وقال الهيثمي في الزوائد إسناده صحيح. ورواه الترمذي 2175 وقال حديث حسن صحيح.
    [10] صحيح مسلم 301
    [11] صحيح البخاري 4216
    [12] سورة المائدة / الآية 101
    [13] صحيح مسلم 4707
    [14] صحيح البخاري 5549
    [15] صحيح البخاري 5540
    [16] صحيح البخاري 6855
    [17] قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 213) رواه البزار وإسناده حسن
    [18] صحيح مسلم 4942
    [19] صحيح مسلم 5988
    [20] صحيح البخاري 5829
    [21] سنن أبى داود 4860 وله شاهد عند أحمد حسنه الشيخ أحمد شاكر (1/396)
    [22] صحيح مسلم 3407

    >>> يتبع إن شاء الله <<<

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  5. #5
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: موسوعة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ..

    مواقف تدل على رحمته صلى الله عليه وسـلم :-

    1- يرحم غلام أبي مسعود الأنصاري:

    يروي أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه فيقول: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَمًا لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا "اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ". فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ. فَقَالَ: "أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ، لَلَفَحَتْكَ النَّارُ أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ"[1].

    2- "يا أنيس اذهب حيث أمرتك":

    عن أنس بن مالك قال: "كان رسول صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت: والله لا أذهب. وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم. قال: فخرجتُ حتى أمُرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قابض بقفاي من ورائي؛ فنظرت إليه، وهو يضحك فقال: "يَا أُنَيْسُ، اذْهَبْ حَيْثُ أَمَرْتُكَ". قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله. قال أنس: والله لقد خدمته سبع سنين أو تسع سنين، ما علمتُ قال لشيء صنعت: لمَ فعلت كذا وكذا، ولا لشيء تركت: هلاَّ فعلت كذا وكذا"[2].

    3- ويقبل الحسن بن علي رحمة به:

    قَبَّل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس[3]، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا. فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ"[4].

    4- يطيل السجود رحمة بالصبي:

    عن شداد بن الهاد[5] قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حَسَنًا أو حُسينًا، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبَّر للصلاة، فصلَّى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها. قال أبي: فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يُوحى إليك. قال: "كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي؛ فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ"[6].

    5- ويرحم زوجه عائشة رضي الله عنها:

    اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ رضي الله عنها -ابنته- عَالِيًا، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ: أَلاَ أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم! فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَحْجِزُهُ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ: "كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنَ الرَّجُلِ؟" قَالَ: فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيَّامًا ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَهُمَا قَدِ اصْطَلَحَا، فَقَالَ لَهُمَا: "أَدْخِلاَنِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ فَعَلْنَا قَدْ فَعَلْنَا"[7].

    6- اذهب فأطعمه أهلك:

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت! فقال: "وَمَا ذَاكَ؟" قال: وقعت بأهلي في رمضان. قال: "تَجِدُ رَقَبَةً؟". قال: لا. قال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟" قال: لا. قال: "فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟" قال: لا.

    قال (أي الراوي): فجاء رجل من الأنصار بعرق -والعرق: المكتل- فيه تمر، فقال: "اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ". قال: أعلى أحوج منا يا رسول الله؟! والذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا. ثم قال: "اذْهَبْ، فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ"[8].

    7- إن منكم منفرين:

    عن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني -والله- لأتأخر عن صلاة الغداة؛ من أجل فلان مما يطيل بنا فيها. قال: فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قط أشد غضبًا في موعظة منه يومئذٍ، ثم قال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُوجِزْ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ"[9].

    8- فإن الله قد غفر لك:

    عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ونحن قعود معه إذ جاء رجل، فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدًّا، فأقمه عليَّ. فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أعاد فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدًّا فأقمه عليَّ. فسكت عنه، وأقيمت الصلاة، فلما انصرف نبي الله صلى الله عليه وسلم قال أبو أمامة: فاتَّبع الرجلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف، واتَّبعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظرُ ما يرد على الرجل، فلحق الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدًّا فأقمه عليَّ.

    قال أبو أمامة: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَرَأَيْتَ حِينَ خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ أَلَيْسَ قَدْ تَوَضَّأْتَ فَأَحْسَنْتَ الْوُضُوءَ" قال: بلى يا رسول الله. قال: "ثُمَّ شَهِدْتَ الصَّلاَةَ مَعَنَا". فقال: نعم يا رسول الله. قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّ اللهَ قَد غَفَرَ لَكَ حَدَّكَ -أو قال- ذَنْبَكَ"[10].

    9- يخفف الصلاة رحمة بأم الصبي:

    عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنِّي لأَقُومُ فِي الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ"[11].

    =============

    [1] مسلم: كتاب الأيمان، باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده (1659)، وأبو داود (5159)، والترمذي (1948)، وأحمد (22404)، والبخاري في الأدب المفرد (171)، والطبراني في الكبير (683)، وعبد الرزاق (17933).
    [2] مسلم: كتاب الفضائل، باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقًا (2310)، وأبو داود (4773).
    [3] الأقرع بن حابس: هو ابن عقال التميمي المجاشعي الدارمي، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح مكة وحُنينًا والطائف، وهو من المؤلفة قلوبهم، وقد حَسُنَ إسلامُه. شهد فتح العراق وفتح الأنبار، وكان على مقدمة خالد بن الوليد. انظر: ابن عبد البر: الاستيعاب 1/193، وابن الأثير: أسد الغابة 1/149، وابن حجر: الإصابة، الترجمة (229).
    [4] البخاري كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته (5651)، ومسلم: كناب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالصبيان والعيال (2318).
    [5] شداد بن الهاد، واسم الهاد: أسامة بن عمرو، وسمِّي كذلك لأنه كان يوقد النار ليلاً للأضياف. شهد الخندق، وسكن المدينة، وتحول إلى الكوفة، وله رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن مسعود. انظر: ابن حجر: الإصابة (3856)، وابن الأثير: أسد الغابة 2/374.
    [6] النسائي (1141)، وأحمد (27688)، والحاكم (4775)، وصححه ووافقه الذهبي، وابن خزيمة (936)، وابن حبان (2805)، واستدلَّ به الألباني في إطالة الركوع. انظر: الألباني: صفة صلاة النبي ص148.
    [7] أبو داود (4999)، وأحمد (18418)، والنسائي في السنن الكبرى (8495)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
    [8] البخاري: كتاب كفارات الأيمان، باب من أعان المعسر في الكفارة (2460)، مسلم: كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان... (1111).
    [9] البخاري: كتاب الأحكام، باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان (6740)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة (466).
    [10] مسلم: كتاب التوبة، باب قوله تعالى "إن الحسنات يذهبن السيئات" (2765).
    [11] البخاري: كتاب الجماعة والإمامة (15)، باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي (675)، ومسلم: كتاب الصلاة (4)، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة (470).


    المصـدر : هنا

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  6. #6
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: موسوعة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ..

    كان النبي صلى الله عليه وسـلم يحث على الرحمة وعلى هذا الخلق العظيم كيف لا والله عزوجل وصفه بالرحيم ، يقول صلى الله عليه وسلم : (( إنما يرحم الله من عبادهـ الرحماء ))1
    وقوله صلى الله عليه وسـلم : (( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) 2
    ويقول أيضا : (( من لا يرحم لا يُرحم )) 3
    وقال أيضا : (( لا تنزع الرحمة إلا من شقي )) 4
    وقال في وصف المؤمنين : (( مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى )) 5
    ========
    1- رواه البخاري (2/100) ، (8/166)
    2- ذكره البيهقي في السنن الكبرى ( 9/41 )
    3-4 : رواه الترمذي (1923) . ورواه أبو داود ( 4942 ) . ورواه الإمام أحمد (2/ 310،422)
    5-رواه مسلم (66) كتاب البر والصلة

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •