Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968
أم الشهيد --- مصطفى عكرمة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أم الشهيد --- مصطفى عكرمة

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي أم الشهيد --- مصطفى عكرمة

    مصطفى محمد عدنان عكرمة شاعر سوري ولد عام 1943 في قرية بابنا شمال شرقي الحفة في محافظة اللاذقية.
    التحق بالمدرسة الابتدائية ثم الإعدادية بالحفة وتخرج من الثانوية الصناعية باللاذقية 1962. اتبع دورة تدريبية في بريطانيا 1965 م لمدة ستة أشهر وأصبح خبيرا فنيا في الإرسال التلفزيوني وعمل لدى التلفزيون السوري 1962 - 1993 في دمشق ومن ثم انتقل إلى دائرة برامج الأطفال 1993 - 1995 م. بدأ كتابة الشعر في المرحلة الإعدادية منذ عام 1958، وتم نشر شعره في العديد من الصحف والمجلات. انتسب إلى الجامعة مرتين (كلية الحقوق في جامعة دمشق وكلية الأدب العربي في جامعة بيروت العربية) ولم يتمكن من متابعة التحصيل لظروف مادية.
    كتب عددا من المسلسلات الإذاعية الطويلة، كما كتب حوالي 500 حلقة من برنامج تمثيلي اذاعي (أولئك أبنائي) وعلم وعمل لإذاعة جدة وحوالي 150 حلقة من (تسبيح ربي) لإذاعة الرياض. وكتب 30 حلقة من برنامج تلفزيوني للدعوة الإسلامية باسم (دروب النور) وفيه 72 نشيد وبث مرارا على كثير من المحطات العربية وترجم إلى عدة لغات وأيضا" كتب معظم أغنيات برنامج الأطفال التلفزيوني المشهور (إفتح يا سمسم).، وبرنامجا تلفزيونيّاً لجمعية الدعوة الإسلامية العالمية في طرابلس مؤلفا من ثلاثين حلقة مستقلة، وفي كل حلقة قصيدتان.
    دواوينه الشعرية كثيرة منها: فتى الإسلام 1979 - حتى ترضى 1982 - يا بلدي 1997 - محمديات 2000، وللأطفال مجموعة تضم اثنتي عشرة قصة شعرية مصورة 1978 - أجمل ما غنى الأطفال 1983، ومسرحية شعرية بعنوان : جند الكرامة طبعت عدة مرات.
    أعماله الأخرى : جذور وفروع (قصة للأطفال).
    ===
    مؤلفاته

    منها من دفتر الحياة (مقالات ناقدة ساخرة) كما نشر العديد من المقالات الأدبية والدراسات في الكثير من الدوريات العربية عن القيم التربوية في شعر عدد من كبار الشعراء مثل المتنبي وأبو العتاهية ومارون عبود والشاعر القروي ودراسة عن الشاعر الكبير عمر أبو ريشة وغيرهم. كتب عشرات القصائد والأناشيد وما زال يكتب لقناة المجد الفضائية للأطفال.
    فاز بالجائزة الأولى ونصف الجائزة الثانية في مسابقة المسرح المدرسي بسورية بمسرحيتين، الأولى: جند الكرامة: تربوية شعرية للفتيان، والثانية: محاكمة الحساب: وهي تربوية هادفة (وقد عممتا نصا" مسرحيا" الزاميا" في جميع مدارس سوريا).
    ===


    أم الشهيد
    30 تموز (يوليو) 2006بقلم مصطفى عكرمة

    ذهبت تسائل عن فتاها
    لهفى يســـــــابقها أســاها
    السهد أضناها ونار الشوق يحرقها لظاها
    وتكاد لولا الكِبر والإيمان تهمي مقلتاها

    بالأمس ودعها، وهب يحث للساح المسيرا
    وتعاهدا أن سوف يكتب بالدم النصر الكبيرا
    أتراه وفى نذره، أم أنه أمسى أسيرا؟؟

    قالت سأسأل من أراه ليطمئن قلبي
    قالوا: أتعنين الفتى المغوار؟ قالت إي وربي
    قالوا: رأيناه بوجهك إن وجهك عنه ينبي

    رأت الجراح بصدره
    فاستبشرت تختال كبرا
    كانت جراح الصدر تهتتف إنني وفيت نذرا
    إني وربك لم أُدرْ
    يا أمّ للأعداء ظهرا

    فدنت تقبله فقالوا ملتقاكم في الخلود
    قالت ودمع الفرحة البرى تلألأ في الخدود
    حسبي إذا ذكر الشهيد بأنني أم الشهيد


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: أم الشهيد --- مصطفى عكرمة

    مصطفى عكرمة..
    شاعراً معلماً
    جمانة طه
    دمشق
    من يتعرف إليه يدرك منذ الوهلة الأولى أنه شاعر، فالقلق يسكن في عينيه والريح تستريح بين يديه، والشعر يقف على شفتيه، هذا هو حال مصطفى عكرمة الشاعر المطبوع، الذي ينساب الشعر منه بلا تكلف، لطيفاً ناعماً مثل خد أسيل.
    يقول الشاعر اليوناني هوراس الذي ولد عام 65 قبل الميلاد: «إن الشعراء قد اكتسبوا بين الناس مكانة الحكماء والنبيين، من جراء توسطهم في حل مشاكل الخلق»، فكرة هوراس هذه لم تكن جديدة، بل قديمة وشائعة، فالرومان القدماء نظروا إلى الشاعر والنبي وكأنهما واحد، ونحتوا من لغتهم لفظة (فاتيس)، التي تشير إلى الشاعر وإلى النبي، هذا اللقب السماوي جاد به ذلك الشعب، على ذلك الفن الذي يأسر القلب.
    وإذا كان أفلاطون قد شن على الشعراء حملة لا هوادة فيها وأقصاهم عن جمهوريته، لأن الشعر على حلاوته وطراوته يحمل في موضوعاته ميوعة وفسوقاً تفسد الفتيان وتضلل النشء، فإن اليونانيين القدماء خالفوا رأيه وموقفه ورأوا أن للشعر وظيفة تعليمية، وجعلوا مقام الشاعر في المجتمع مقام المعلم الذي يهذب الناس ويرقى بهم، فكانوا يطلقون على شعرائهم الكبار صفة الشعراء المعلمين، والشاعر مصطفى عكرمة قد سيطرت عليه طبيعتان: طبيعة الشاعر المرهف الإحساس، وطبيعة المعلم والمرشد، قبض على هذا السر اليوناني ومارسه في كتاباته للأطفال، فقدم للنشء الصغير شعراً تربوياً، يصلح لأن يكون نواة لمنهج تعليمي تربوي في المرحلة التعليمية الأولى، فها هو يلفت النظر بلسان أحد الأطفال إلى ضرورة القيام بزيارة طبيب الأسنان، للحفاظ على الأسنان سليمة نظيفة: ‏
    ربي أوجد لي أسناني كي تخدمني لا تنساني ‏
    فيها أمضغ كل طعامي حتى ‏
    يسهل هضم طعامي ‏
    أذهب كي أحمي أسناني عند ‏
    طبيبٍ للأسنان ‏
    كي يحفظها ويداويها ويعلمني ما يحميها ‏
    وينبه في قصيدة أخرى إلى دور الإشارة الضوئية، وأهمية ألوانها ودلالاتها، ليتعلم الأطفال منها كيف يعبرون الطريق بأسلوب حضاري، يؤمن لهم السلامة ويجنبهم المخاطر: ‏
    الضوء الأحمر قد بانا
    لا تعبر يا طفل الآنا ‏
    *** ‏
    الضوء الأحمر إنذار قد تأتي منه الأخطار ‏
    وثوان يتلوه الأخضر فيمر الناس من المعبر ‏
    الفرق ثوان لا أكثر ‏
    ما بين الأخضر والأحمر ‏
    *** ‏
    ستون عاماً ويزيد، ريعانها في مدينة الحفة التي تطل على اللاذقية من علٍ، وشبابها وشيبها في دمشق حاضرة التاريخ، فتغذت شاعريته من جمال الطبيعة في الحفة: ‏
    ويا كروماً أنا في حضنها ولد هل تذكرين قليلاً شقوة الولد ‏
    الشمس كانت بها ملكي وطوع يدي والبدر كالشمس ما أحلاه طوع يدي ‏
    ونهلت، أي شاعريته، من ثقافة دمشق وجلال تاريخها: ‏
    شآم المجد ظلمك مستطاب به ألهمت عن قومي الخطابا ‏
    فأسلس واستطال وطاب شعري ولولا أنت لم يك مستطابا ‏
    وخلال هذه الفسحة من الزمن التي عاشها بين الحفة ودمشق، عبر العصامي مصطفى عكرمة مفازات حياتية وشعرية عديدة بكثير من التعب والمجاهدة، لكنه خرج في كثير منها منتصراً حاصداً النجاح. ‏
    وفي عودة إلى كتاب فن الشعر لهوراس، نجد أنه جعل غاية الشعراء من شعرهم هي الإفادة أو الإمتاع، ويرى أن شأن القصيدة كشأن الصورة، واحدة تعجب المرء لو وقف بالقرب منها، وأخرى تأخذه لو وقف بعيداً عنها، فهذه أرضت الناس مرة واحدة، والأخرى ترضيهم حتى لو عرضت عليهم عشر المرات، وينطبق الشق الأخير من قول هوراس على قصائد مصطفى عكرمة، التي كلما تكرر سماعنا لها أحببناها واكتشفنا فيها مواطن جمالية جديدة ومعاني إنسانية عالية، هذه الجمالية في الصورة والسمو في المغزى والتألق في الإلقاء والحرص على التوحيد بين الشعر والدين والأخلاق توحيداً بنائياً ووظيفياً، منح الشاعر وشعره حضوراً لافتاً في جميع ما عرض من موضوعات، سواء أكانت دينية أم وظيفية وحتى عاطفية، فهو لم يتجاهل مشاعره الإنسانية الخاصة، على الرغم مما يظهر من تحفظ في هذا المجال، ولأن أعذب الشعر أكذبه، لفتتني أشعاره في الغزل ووجدتها تفيض شفافية وتطرب النفس عذوبة. ‏
    فالمرأة حين تتوهج سحراً في الكلمة، تمنح الحياة سناً والقلب ضوءاًٍ والحلم فرصاً جديدة. ‏
    لقد أبحر الشاعر عكرمة في فضاءات العشق بحرفية ومهارة، واستطاع أن يعوم في بحر من التجلي والإبداع من غير أن يغرق فيه، ومثالنا على ذلك أبيات من قصيدة يصف فيها مشاعره نحو امرأة لامست يدها يده، مع أنه في العادة يتحرج من مصافحة النساء: ‏
    مددت له كفي.. فغاب وغيبا وأيقظ أحلام الحياة وطيبا ‏
    وطاف بروحي في عوالم حبه وجاب بها الدنيا.. وأدنى وقربا ‏
    مددت له كفي.. فروّته وارتوت فما كان أحلى ما سقينا وأعذبا ‏
    فلا الكف كفي.. لا.. ولا الثغر ثغره ‏
    ولكنما قلبان.. في الكف ذوِّبا ‏
    ترى هل كانت الصورة تعبيراً عن حالة حقيقية، أو أنها من تخيلات الشاعر وأحلامه، لاسيما أن الفن يقع في الوسط بين الحلم والواقع. ‏
    وفي مقطع من قصيدة أخرى يصف لحظة التقاء نظراتهما، يقول: ‏
    سلمت بالطرف لما عبرت ويح نفسي.. أسرت أم سحرت ‏
    رعشة منها سرت في أضلعي ليتها ما بين جنبيها سرت ‏
    قد نسيت الأمس واضيعته وبدأت العمر لما نظرت ‏
    *** ‏
    وإذا كان الشعراء، كما يقول شيلي، هم الكهنة الذين يترجمون وحياً لا يدركون كنهه، وهم المرايا التي تعكس الظلال الماردة التي يرمي بها الغد على الحاضر، وهو الأبواق التي تنشد في المعركة، وهم الأثر الذي يحرك ولا يتحرك. ‏
    فإن مصطفى عكرمة الذي جعل من شعره مرآة للشعب وقضاياه، اشتغل بقناعة وتصميم على مشروعه الشعري الديني والأخلاقي، فجاءت كلماته جريئة وصادقة، ولأنه أدرك أثر شعره وتأثيره، لم يغن أحلامه الشخصية بل تماهى فيها مع أحلام أمته وتطلعاتها، فمن كلماته يطل وجه الوطن، ومن حروفه يفوح عبق الرياحين: ‏
    الحسن أنت وأنت المجد يا بلدي هل أنت من كبدي أم أنت لي كبدي ‏
    صاغتك بالحسن كف الله منفرداً يا طيب فردٍ بزهو الحسن منفرد ‏
    فاسلم، فديت، لحب أنت ناظمه أيا تراباً به أشفى من الرمد ‏
    فمجد الأمة وعزة الأوطان، لا يتحققان إلا بالعودة إلى ينابيع الدين الإنسانية والأخلاقية: ‏
    فلا الأوطان أوطان ‏
    أذا ما ساد طغيان ‏
    وبالإيمان كل الناس ‏
    لي أهل وأعوان ‏
    يشد عرى أخوتنا بدين الله إيمان ‏
    ولا سبيل أمام العرب للتخلص من الظلمة والظلام، إلا بالاتحاد: ‏
    فكم مرت بأمتنا خطوب وزادتها ثباتاً واحتداما ‏
    شموس الحق نحن إذا اتحدنا فلن تلق الظلوم ولا الظلاما ‏
    أما الإنسان الذي هو أحد المحاور المهمة في أشعار مصطفى، فيتوجه إليه طالباً منه أن يجعل من حياته مسيرة محبة وتراحم، فالموت يقف بالمرصاد مهما طالت السنوات: ‏
    يا أيها الإنسان إنك ميت مهما تعش ستموت يوماً راغما ‏
    لا.. لن يؤخر ساعة عنك الردى مال.. ولا مجد.. ولو بلغ السما ‏
    فعلام لا تحيا الحياة محبة وتزيد فيها للأنام تراحما ‏
    *** ‏
    معالم كثيرة يمكن تلمسها في شعر مصطفى عكرمة، والإشارة إليها، ومحطات عديدة تستحق منا التوقف عندها، لكن المجال لا يسمح لي بأكثر مما توقفت عنده أو أشرت إليه، مع أن البحر لا يختصر بقطرة. ‏
    ويكفي مصطفى عكرمة فخراً، أنه استطاع أن يؤسس لشعره موقعاً مميزاً في مدونة الشعر العربي المعاصر، وأن ينبت في خميلة الوطن شجرة، أغصانها محبة وورقها خلق وإيمان. ‏


  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: أم الشهيد --- مصطفى عكرمة

    قل لي متى نتوحّد؟ شعر: مصطفى عكرمة (سورية)
    القدس نادتنا، ونادى المسجدُ ** أين الأپاةُ، وأين أين المنجدُ؟

    القدس نادتنا، ولم تلق الصدى ** وبها اليهود كما تشاء تعربدُ

    قتلِت بها الايمان، وهي رضيعةٌ ** قتلاً ينادي إنه مُتعَمّدُ

    ولكم كإيمان تهاوى رُضّعٌ ** جوعاً، وقتلاً، والأسى يتجدّدُ

    زُغْبٌ ولم ينطقْ بحرفِ ثغرها ** تصلى وأحقاد اليهود الموقدُ

    والثاكلاتُ المرضعاتُ تصعّدت ** أنّا تهُنّ، وكيف لا تتصّعدُ!

    هُرِعت تلوب، وضاع منهنّ المدى ** إلا مدىً فيه الرصاص مسدّدُ

    صَمّ (الحضاريون) عنها سمعهم ** فكأن كل العالمين تهوّدوا

    طوِيَ الجهادُ، وُمزّقتْ راياتُه ** والحاكمون إلى التّرهلِ أخلدوا

    ومحبّة الكرسي قد أنستهمو ** أن الإپاء بشعبهم مُتجسّدُ

    وبأن أمتنا بشرع جهادنا ** إمّا علا.. فله المقامُ المفَردُ

    هي أمة العدل الذي إلاّ به ** لا لن تشاهد من يَعزّ، ويسْيَدُ

    ماكان من ذنبِ لها إلاّ الهدى ** حملته للدنيا عساها ترشُدُ

    عدلت فجُنّ الظالمون لعدلها ** والعدل لا يرضى به من أفسدوا

    والكفر عبر الدهر يرهبه الهدى ** والمهتدون له العدوّ الأوحدُ

    والكفر أهلوه جميعاً مِلّةٌ ** مهما تعادوْا هم على قومي يدُ

    حتى غدا إفناء قومي مقصداً ** للظالمين ، وماسواه مقصِدُ

    فعلام يا أهل التقى لم تلتقوا ** وعلام يا أهل الهدى لم تهتدوا؟!

    أتوحد الأحقادُ كلّ خصومه ** ومنابت التوحيد لا تتوحّدُ؟!

    الله أرشدهم بمحكم آية ** وأرى بأنهمو أبوْ أن يرشدوا

    يسترحمون نظامَ أخزى عالَم ** هو بالظلوم، وللظلوم مشيّدُ

    ماكان يوماً بالجديد نظامهم ** مادام فيه من أضلّ يُسوّدُ!

    فالظلم عبر الدهر يبقى واحداً ** والكون عبر الدهر منه مهدّدُ

    لن تنبتَ الأزهارَ ألفُ قذيفةِ ** والحب في ظل اللظى لا يولدُ

    لن ينقذ الإنسانَ من طغيانه ** إلا اليقينُ الخالصُ المتجردُ

    القدس نادتنا، وواَلَهفي لها ** تُسبى ، ويبكي من أساه المسجدُ

    لفّ الحريقُ سهولَها، وجبالَها ** فإذا ضحاها مُدْلَهمّ أسودُ

    وقذائف التدمير صُبت فوقها ** فإذا بما جمع العفاةُ مُبَدّدُ

    دُكت مبانيها، وغُيّبِ أهلُها ** فبها الألوف بما تهدّم توأدُ

    لتكاد تهتف (زلزلت زلزالَها) ** والقارعاتُ يهول منها المشهدُ

    مِزقاً ترى الأجسادَ تنِكر أهلَها ** قدمٌ هنا، وهناك ما ظُنّتْ يدُ

    نثرت مُنتّفةً، ورُمّد بعضُها ** أوّاه للجسدِ الطريّ يُرمّدُ

    ويلُ المُشاهِدِ من مَشاهِدَ جمّةٍ ** يُرغي بها حقدُ اليهود، ويُزبِدُ

    إني لأُمسكُ رأفةً وتوجعاً ** من ذكر أهوالٍ تقوم وَتقعُدُ

    أين الذين بحبها قد تاجروا ** وتجنّدوا، ولها جيوشاً جَنّدوا؟!

    أين التقاة، وأين أين جهادهم ** أين الأُولى قد عبّدوا، أو حُمّدوا؟!

    أين النصارى الناصرون يسوعَهم ** أوَما لعيسى كان فيها المولُد؟!

    أوَ مالهم قد كان رمزَ محبةٍ ** ولبعثه سيكون فيها الموعدُ!!

    أو ما عليه بغى اليهود وأجمعوا ** أن يصلبوه، وكلّهم متعمّد!!

    أيزيدهم أهل المسيح تناصراً ** وهمو بتعذيب المسيح تفردّوا؟

    أيكافؤون على الجرائم بالرضا ** وجميع ما قدكان منهم يُحمدُ؟!

    وبرغم مازِدنا النصارى إلْفةً ** صرنا بأسلحة النصارى نُحصَدُ؟!

    لم تؤذ منهم مهجةٌ في شرعِنا ** ولكمَ بهم وَصىّ النبيّ محمّد؟!

    ياقوم عيسى كيف ينصر من بغى ** عمداً عليه، وكيف كيف يُؤيّد؟!

    لكأنّ كلَ المنصفين قد انتهوا ** والمدّعين تديّناً قد هُوّدوا!

    أين الحضارة أين زعم دعاتها ** أين الذين بها علينا سُوّدوا؟!

    أين الصناعات التي باهْوا بها ** أين ادعاؤهمو أتوْا كي يُسعِدوا؟!

    ماكان تصنيع السلاح لِرحمةٍ ** فينا، ولكن كان كي يستعبدوا

    أو مَا به ذلّوا الشعوب، ودَمّروا ** أضعاف ما زَعَموا غداً سيُشيّد؟!

    تأبى الوحوش الضاريات فعالَهم ** فالوحش لولا الجوعُ لا يتصيّد

    وهمو أبادوا الآمنين تجبّراً ** وبغوْا على كلّ الشعوب، وأفسدوا

    لتُحِس أن الراسيات تململت ** من ظلمهم، وانهدّ منه الجلمَدُ

    لولا سلاحهمو، ولولا دعمُهم ** لرأيت أن الغاصبين تشرّدوا

    ورأيتَ هذا الكونَ يحيا آمناً ** هيهات تلقى من به يتنهّدُ!

    والكونُ يشهد أنه في شرعنا ** لم يؤذ للإلحاد يوماً مُلحدُ!

    المجد فيه لمن يُفيد ويتّقي ** فمن اتّقى فهو الأعزّ الأمجدُ!

    وحضارة الطاغوت لم تُعرفْ لها ** قِيمٌ، ففيها المستبدّ يُسوّدُ

    ويلَ الضعيف إذا تأوّه من أسىً ** زَعَمَ الطغاةُ بأنه يتوعّد!

    لكنما الآمال تعمرُ قلبَه ** وبكل بارقةِ لديه موعدُ

    والظلم مهما اشتد يبقى خائفاً ** فهو الشقيّ لخوفه والأنكدُ

    مترقبٌ من ألفِ صوبِ أسهماً ** ويُحِسّها في جانبيه ستغمدُ

    سَتَكِلّ من حمل السلاح يمينُه ** ويخِرّ وهو المستجير المجهدُ

    ولسوف ينتصر الإله لجنده ** من صابروا، وعلى الجهاد توحدوا

    القدس نادتنا فأين المنجدُ ** أوَلم يَحِنْ يا قومَنا أن تنهَدوا؟!

    القدس إنذارٌ لكل مُوّحِدٍ ** إن لم نُجبْها لن يظل مُوحّدُ!

    لم يبق ممّا قد دهاها آمنٌ ** والأپرياء الأعزلون استشهِدوا

    أيُجابه الأعداءَ طفلٌ أعزلٌ ** وذوو الجيوش على الأرائك ترقدُ؟!

    أيَدُ الصغارِ تصدهم بحجارةِ ** ولأمة الإسلام ماكانت يدُ!!

    ونقول: إنا مؤمنون أعزّةٌ ** ولغيرنا الرايات ليست تُعقدُ

    وننام والأحلام ملءَ رؤوسنا ** وعدّونا متأهبّ متوعّدُ!

    أيُباد أهلونا جهاراً في الضحى ** ويدنّس الأقصى ونحن نزغردُ!

    وبكذبة ننسى جرائم حقدهم ** إني كفرت بكل من لا يحقدُ

    يا حالمين بسِلْم أعداء الهدى ** هُديَ الأنامُ، ووحدكم لم تهتدوا

    من لم يهبّ مجاهداً عن حقّه ** فلسوف يركع للطغاة، ويسجدُ

    ولسوف تحقِره بنوه في غدٍ ** ولسوف يلفِظه، ويلعنه الغدُ

    يا حاكمون أما كفاكم فرقة ** واحسرتاه لكم إذا لم ترَشدُوا

    كل الشعوب تريد منكم وقفةً ** فقفوا كراماً ساعةً، ثم اقعدوا

    هي ساعةٌ، لا تحقروها ساعةً ** تكفي إذا ماكان فيكم سيّد

    فكّوا قيود الشعب وانطلقوا به ** فإلى متى بأس الشعوب مُسيّدُ؟!

    أوَما بسوريّا لكم من عبرةٍ ** شمخت فكان لها العلى والسؤدُد؟!

    أوَما بإيران الجهاد ودحرها ** أعتى الطغاة لنيل عزّ مرشدُ؟!

    أوَما بحزب الله بشرى عزةِ ** عزّ القريب بها، وسُرّ الأبعدُ؟!

    وحماس روحي تفتدي فتيانها ** من روضوا الجلّى ولم يترددوا؟!

    القدس نادتنا وما فعلوا بها ** إلا نذيرٌ - لونعي - وتوعدُ

    إن لم نجب داعي الجهاد بقدسنا ** فبما حسبناه البناء سنوأدُ

    سيظل عصر الخانعين مهانةً ** فهو الأذل بذلهم والأنكدُ

    وستهتف الأجيال يوماً بعدهم ** ياليت من خانوا الحمى لم يولدوا

    القدس نادتنا فنمنا وانبرى ** طفلٌ لقبضته سيبتسم الغدُ

    سيزول من ظلموا برغم عتوّهم ** وحجارة الأطفال سوف تُخلّـدُ


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •