من مذكرات صاحب الحمار 2

حسين فيلالي

طلب مني حماري أن أرافقه إلى حديقة الحيوانات، فغضبت، وصحت في وجهه: أن يسكت، ويتأدب. عدت، وقلت في نفسي: لعله يريد صلة رحمه، وزيارة أقاربه، وهي العلاقات التي بدأت تندثر عند بني البشر. ابتسمت، كبر الحمار في عيني، مسحت على رقبته، وقلت:سامحني، أنا مدعو لحضور تجمع حزب المساواة.

قهقه حماري، هز ذيله، ونهق، وهي عادة تنتابه كلما استهجن أمرا ثم أخذ بيدي:

-تعال معي,

-إلى أين؟

- إلى الحديقة.، ثم أردف:

في الحديقة العمومية تشعر بالمساواة، وتتكشف طبيعة المخلوقات على حقيقتها، يتبول الإنسان، كما الحيوان أمام الناس، ويطارد الحيوان أنثى غيره كما الإنسان دونما اكتراث بالآخرين.

أخذتني حمية الذكورة فقلت له:

في الأنثى غواية إبليس,.

غضب، نهق،حرك ذيله، وقال:

- وفي الذكر كيد الشيطان, و غواية حواء لم تخرج آدم من الجنة، وإنما خرجا بوسوسة الشيطان. ينصب الرجل شراكه للمرأة حتى إذا ما وقعت، وصدقت وسوسته، داسها، وقال عاهر، و راح يوسوس لضحية أخرى.

قلت في غضب:اصمت اصمت ثم أضفت:

- لا أدري أذكر أنت أم أنثى.؟

- أنا حمار أصيل ثم تابع كلامه:

صدقت زوجتي، كانت رحمها الله تقول:انتم ذكور هذا الزمان لا ترون الأشياء إلا مؤنثة، حلمكم لا يتعدى خريطة جسد انثى ، تتسترون خلف التشبيب بقوس، أو التغزل بالحرية، أو الوطن أو شجرة، أو حمامة كما فعل الشاعر حميد ثور في عهد عمر بن الخطاب، ويفعل آخرون في زماننا.

.