حسين فيلالي
يمثل رضا حو فجر القصة الجزائرية ،وهو فجر صادق.عبر رضا حوحو في قصصه عن هموم الجزائريين وعالج مشاكلهم بأسلوب سهل، وممتع. من يقرأ قصة نماذج بشرية، وصاحبة الوحي يكتشف كاتبا له دراية بفن القصة القصيرة.وتزداد هذه القناعة حين نقف على حسن اختيار الكاتب مواضيع قصصه، وبراعته في رسم شخصياته، و تنويع أسلوب القص من سرد وحوار، ووصف.
ففي قصة الشيخ زروق يرسم القاص الشخصية رسما فنيا دقيقا:(الشيخ زروق في العقد السادس من عمره،ضخم الجثة،كثيف اللحية،أسمر اللون...).
هذا الرسم الفني الخارجي للشخصية لا يكتف بإعطاء المتلقي صورة عن شخصية واقعية قد تكون مألوفة لديه، وإنما يجعله يتقبل ما يمنحها الكاتب من سلطات متميزة داخل المجتمع(......ذو مهابة ووقار، يخشاه الناس ويحترمونه..).
أما في قصة ثري الحر ب، فإن الوصف الخارجي للشخصية إنما يراد منه
-حسب رأينا -أداء وظيفة التحديد، تحديد المرتبة الاجتماعية التي تحتلها الشخصية في سلم المجتمع: (....واحتلت سلسلة ذهبية سميكة صدره تصرخ في وجوه الناس بثراء الرجل وجاهه). فالسلسلة الذهبية ،وإن بدت في الواقع صامتة، لا لغة لها، إلا أن القاص يوظفها في سياق يجعل لها إيحاءات تخترق حجاب الصمت، و يمنحها وظيفة الكشف عن الثراء.
توظيف الأسلوب الساخر من المميزات الطاغية على كتابات حوحو،ففي قصة فتاة أحلامي يعالج الكاتب آثار الخجل وانعكاساته على الفرد بأسلوب سلس يفتك من القارئ ابتسامة أو حتى قهقهة(..وانتظرت وبعد دقائق رأيتها قادمة تحمل طردا كبيرا ،لاحظت أنها تجد عناء شديدا في حمله ،ولم أر قبل ذلك فتاة رشيقة تحمل مثل هذه الطرود الضخمة، الثقيلة...تقدمت نحوي فأخذت مني الطرد وقذفت به داخل المسكن، واختفت وراءه وهي تقول: سأمنحك غدا قطعة شكلاطة مقابل حملك.وهنا فقط انتبهت من غفوتي أو قل إذا شئت من غفلتي وعلمت أن قنيصتي أو عشيقتي في هذه الليلة لم تكن سوى العانس "بولوني" قارعة جرس الجامعة.).
هذه القصة تبقى متميزة في تقنية الحكي،تشد القارئ، وتشوقه لمتابعة الحكاية حتى إذا وصل إلى نهايتها عمدت إلى تكسير أفق انتظاره واختلست منه ابتسامة ساخرة من البطل، وقد تتحول السخرية إلى شفقة عليه.
في هذه الفترة كانت القصة الجزائرية تطرح جمالية خاصة، وتسعى إلى تلبية ذوق يبحث عن واقعية المضامين، ووضوح اللغة وسهولتها.
كان القاص في هذه المرحلة يبحث عن التماثل بين الشخص والشخصية، لذا كان يعمد إلى محاولة التدقيق في رسم ملامح شخصياته الورقية وكأنها نماذج بشرية واقعية من لحم ودم.