بحث رائع قام به أحد الاصدقاء - بدون ذكر اسمه - جازاه الله الف خير

ماذا تعني كلمة علمانية ؟

العلمانية ترجمة للكلمة الإنجليزية سكيولاريزم "secularism"
وهذه الكلمة لهـا نظائرها في اللغات الأوربية و الكلمة مشتقة من الكلمة اللاتينية سيكولوم "saeculem " وتعني العصر أو القرن أو الجيل أما في لاتينية العصور الوسطى فإن الكلمة تعني العالم أو الدنيا ويورد قاموس " أكسفورد " التعريفات التالية لمصطلح علمانــية " سكيولار ـ sacularـ ":


1ـ ينتمي للحياة الدنيا و أمورهـا
2ـ مدني و عادي و زمني
3ـ ينتمي لهذا العالم الآلي و المرئي تميز له عن العالم الأزلي الروحي
4ـ يهتم بهذا العالم وحسب
5ـ غير روحي
أما كلمة العلمانية " سكيولاريزم " فقد عرفها المعجم تعريفا شاملاً هو : العقيدة التي تذهب إلى أن الأخلاق لا بد أن تكون لصالح البشر في هذه الحياة و استبعاد كل الاعتبارات الأخرى المستمدة من الإيمان بالإله أو الحياة الآخرة .

وقد يظن البعض أنها كلمة مشتقة من العلم وأنها منسوبة إلى العلم وهذا ليس صحيح فلا صلة للعلمانية بالعلم وإنما هي كلمة منقولة من الغرب الأوربي ـ موطن نشأتها ـ إلى البلاد الإسلامية و العربية على الأخص والمراد بها في القاموس الإنجليزي النظرية التي تقول أن الأخلاق و التعليم يجب ألا يكونان مبنيان على أسس دينية .

أما دائرة المعارف البريطانية : فتقول عن العلمانية أنها حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالدنيا وحدها وذلك لأنه كان لدى الناس في العصور الأوربية الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا و التأمل في الآخرة .
فجاءت الدعوة إلى العلمانية لمقاومة هذا الاتجاه وظلت تلك الدعوة تتطور باستمرار خلال التاريخ الأوروبي الحديث حركة مضادة للدين ، ومضادة للنصرانية ، وبذلك جعلت دائرة المعارف البريطانية حديثها عن الفلسفه العلمانيه نوعا من الإلحاد .

فالعلمانية في لغة الغربيين وعرفهم : " اللادينية " وهي حركة اجتماعية ذات فلسفة معينة هدفها إبعاد الدين عن الحياة كلها الاجتماعية ، الأخلاقية ، التعليمية ، السياسية والشائع بين الناس أنها تعني فصل الدين عن الدولة وهذا خطأ فهي تعني إبعاد الدين عن الحياة كلـها و العلماني هو الشخص الذي لا يطبق الدين في السياسة ولا في شئون الحياة كلها.

ومن الملاحظ أن أن الكثير يعرف العلمانية بأنها ”فصل الدين عن الدولة“
وعند تعريف العلمانية باعتبارها فصل الدين عن الدولة فهذا إما سطح القضية تماما ، وقلص نشاطها حيث أن تعريف العلمانية باعتبارها فصل الدين عن الدولة هو أكثر تعريف شيوعا للعلمانية.
ومن أفضل التعريفات للعلمانية ما ورد في الموسوعة الميسرة للمذاهب والأديان المعاصرة :
”دعوة إلى إقامة الحياة على غير الدين وتعني في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم ” .

ظروف نشأة العلمانية:ـ



تتلخص ظروف نشأة العلمانية في القاعدة التالية " لكل فعل ردة فعل مساوية في القوة ومضادة له في الاتجاه " حقا كانت العلمانية ردت فعل للظروف الدينية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية السيـئة التي عاشتها أوربا في القرون الوسطى ومن خلال عرض هذه الظروف نتعرف على كيفية نشأة العلمانية
أولا: الظروف الدينية :ــ
عاشت أوربا فتره قاست فيها قهر الكنيسة وتسلطها الفكري على العقدي و العلمي في نفس الوقت
*أـ من ناحية التسلط الفكري العقدي يتلخص فيما يلي :-

1ـ ما قيل بعد دخول شاوول المسيحية ، وبعد مؤتمر نيقيه عام 325مـ .
2 ـ فكرة الصلب و الصليب : وهي التي قامت على أن الله يعاقب ذرية أدم ! بسبب الخطيئة التي أرتكبها أبوهم وطرد بها من الجنة وأستحق بها هو و أبناؤه ! البعد عن الله بسببها : وبمقتضى منة الرحمة كان على الله أن يغفر سيئات البشر، ولم يكن من طريق للجمع بين العدل و الرحمة إلا بتوسط ابن الله و وحيده وقبوله أن يظهر في شكل الإنسان و أن يعيش كما يعيش الإنسان ثم يصلب ظلم ليكفر عن خطيئة البشر
3 ـ غفران الذنوب ، حيث صدر عن مجمع روما قرار خطير يعطي البابا حق غفران الذنب .

* ب ـ الجانب العملي من سيطرة الكنيسة :
1ـ حياة الرهبنة التي تمارس في الأديرة بالانقطاع عن الحياة العامة و الامتناع عن الزواج وتضم الراهبين و الراهبات
2ـ عصمة البابوات : أعطي البابوات العصمة من الخطأ بقرار من مجمع روما المنعقد عام 1896م وأصبح للبابا حق الطاعة العمياء
3ـ محاكم التفتيش : و التي قيل بدأت في أسبانيا عام 1487م وقيل بعد ذلك في فرنسا حين أراد البابا " جريجوري التاسع " محاكمة الهراطقة مخالفي الكنيسة و ذلك عام 1123م

ثانياً : الظروف الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية :
وهي عوامل مساعده للظروف الدينية فكانت تشكل عوامل مساعدة ولئن وصلت أوربا في قرونها الوسطى إلى الحضيض في تعاملها مع الدين فلقد كانت كذلك بالنسبة لظروفها الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية
* كانت أوربا تعيش حياة الإقطاع حيث يملك نفر بسيط الأرض بما عليها ومن عليها ولم يكن للعامل حق في أجر عادل ، بل كان يمثل شيء يملكه الإقطاعي ومن ثم كانت الغالبية من الناس تعيش حياة الفقر و الفاقة و العوز بينما قلة من الناس تعيش حياة الترف و الدعة والفجور وبذا نشأ اجتماعيا في المجتمع طبقتان :
1ـ طبقة السادة التي تملك كل شيء ولها كل شيء !
2ـ طبقة العبيد التي لا تملك شيء وليس لها أي شيء !

وكانت الكنيسة لا تكتفي بالسكوت على مظالم الإقطاع بل كانت بنفسها تمارس الإقطاع
وأما الجانب السياسي فقد كان خاضعا لنفس الظروف ، الحاكم إقطاعي يتملك الإقطاعيين ويتملك العبيد ، ويقدم الإمبراطور إعانة سنوية مقابل قيامه بالحكم وفرض الضرائب و تحصيلها وكان هذا يمثل ما أسموه بالسلطة الزمنية وإلى جوار السلطة الزمنية كانت السلطة الدينية ممثلة في الكنيسة التي بلغ جورها حد إقامة محاكم التفتيش التي راح ضحاياها 300.000نسمة منهم 32.000ماتوا حرقا .

نتائج هذه الظروف
كانت ردود الأفعال التي ظهرت نتيجة القهر الذي مورس ضد العقول و القلوب من قبل سلطات الكنيسة فكانت ردة الفعل ظهور نداءات بفصل الدين عن الدولة و بتقييد سلطان الكنيسة داخل جدرانها " حبس الدين في رأي المعتدلين و بإعدام الدين في رأي المتطرفين " ومن المنادين بذلك " مارتن لوثر ـ ديكارت ـ فولتير" وظهرت الثورات التي حملت شعارفصل الدين عن الدولة وذلك بعد القرن16 م وهذه هي بداية ظهور العلمانية .

أفكار ومعتقدات العلمانية

تتلخص أفكارهم ومعتقداتهم في الأمور التالية :
1ـ بعض العلمانيين ينكرون وجود الله أصلا
2ـ بعضهم يؤمنون بوجود الله لكنهم يعتقدون بعدم وجود أية علاقة بين الله وبين حياة الإنسان
3ـ الحياة تقوم على أساس العلم المطلق وتحت سلطان العقل والتجريب
4ـ إقامة حاجز سميك بين عالمي الروح و المادة ، والقيم الروحية لديهم قيم سلبية .
5ـ فصل الدين عن السياسة وإقامة الحياة على أساس مادي
6ـ تطبيق مبدأ النفعية " البراكماتيزم " على كل شيء في الحياة
7ـ نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية وتهديم كيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية .
8ـ أما معتقدات العلمانية في العالم العربي والإسلامي التي انتشرت بفضل الاستعمار و التبشير فهي ..
الطعن في حقيقة الإسلام و القرآن و النبوة
الزعم بان الإسلام أستنفذ أغراضه وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية
الزعم بأن الفقه الإسلامي مأخوذ من القانون الروماني
الزعم بأن الإسلام لا يتلاءم مع الحضارة ويدعو إلى التخلف
تخلف المرأة المسلمة والدعوة إلى تحريرها وفق الأسلوب الغربي
التقليل من شأن الحضارة الإسلامية وتضخيم حجم الحركات الهدامة في التاريخ الإسلامي والزعم بأنها حركات إصلاح
العمل بالأنظمة و المناهج اللادينية عن الغرب ومحاكاته فيها
تربية الأجيال تربية لا دينية
إذا كان هناك عذر ما لوجود العلمانية في الغرب فليس هناك أي عذر لوجودها في الشرق .

واقع العلمانية في الغرب

حين تحرر الإنسان الغربي من سيطرة الكنيسة و الإقطاع تحرر من سيطرة الخرافة و الدجل و الظلم ورافق ذلك بزوغ فجر التقدم الصناعي و الثورة العلمية وحين أخذت الشعوب الغربية بالنهج العلماني الجديد في إطار المستجدات العلمية و الفكرية و السياسية الجديدة كانت نتائج ذلك :
1ـ التقدم العلمي الهائل: فقد تحرر العقل الغربي الذي كان أسير الأساطير التاريخية أنطلق يبحث ويجرب ويفكر ويتقصى فأبدع في هذا المجال بما لا تعرفه البشرية وقد أنتج ثورة صناعية غيرت وجه الأرض وطبيعة علاقة الإنسان بالبيئة المادية من حوله
2ـ الرخاء الاقتصادي الواسع الذي أصبحت تعيشه الشعوب الغربية : إذ أن منجزات العلم وظفت في العديد من جوانبها في رفاهية الإنسان في ضرورياته من غذاء وكساء وعلاج وسكن وخدمات
3ـ الاستقرار السياسي : وذلك من خلا استبعاد صور وأشكال العنف في التعبير عن الآراء والتوجهات السياسية وترسيخ آليات وأخلاقيات وقوانين وأعراف للحوار أو الصراع السياسي
4ـ احترام حقوق الإنسان وحرياته : وبالذات الإنسان الغربي وبالمفهوم الغربي أيضا للحقوق و الحريات حيث أصبح زعيم أكبر وأقوى دولة في العالم يحقق معه ويحاكم كأي فرد .
5ـ انتشار الإلحاد بجميع صوره وأشكاله في حياة الغربيين : لأول مره في تاريخ البشرية تقوم دولة و أنظمة ومعسكرات عالمية تتبنى الإلحاد في أشد صورة غلو وتتطرف ومادية ، وتصادم فطرة الإنسان وضرورات العقل مع الإيمان ومستلزماته تحت شعار تقديس العقل وإنما هو تسفيه العقل والعياذ بالله .

6ـ السيطرة الغربية على شعوب العالم الأخرى ، واستعمارها ، واستعبادها ، واستغلال خيراتها ، والتنافس بين الدول الغربية في ذلك مما تسبب في قيام حربين عالميتين قد ذهب ضحيتها عشرات الملايين من البشر ، وما زال التهديد قائم بحرب ثالثة قد تكون سبباً في دمار الأرض والقضاء على الحضارة البشرية ومنجزاتها.
7ـ العجز عن حل المعضلة الإنسانية التاريخية في غرس اليقين والطمأنينة في نفس الإنسان فلم يعد الإنسان يجد الإجابة على تساؤلاته الكبرى المصيرية الملازمة له عبر تاريخه عن حقيقة وجوده وبيان ماهيته ورسالته ودوره ووظيفته وإلى أين مآله ومصيره ونهايته هذا الأمر الذي كان محور اهتمام المذاهب والفلسفات والمبادئ و النظريات ، وموضوع الملل والنحل والرسالات السماوية .

وضع الشعوب الغربية بعد أن عاشت العلمانية :

بعد أن عاشت الحضارة الغربية قرابة ثلاثة قرون في ظل العلمانية نرى الإنسان الغربي يعيش مأزقاً نفسياً وروحياً وفكرياً أشد وأعمق من مأزقه حين بشرت العلمانية بحل معضلته ، على الرغم من التقدم المادي والرفاه المعيشي وصدق القائل سبحانه "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى "
أسباب العلمانية في العالم الإسلامي
دخول العلمانية إلى العالم الإسلامي كان للأسباب الآتية :
1ـ انحراف المسلمين الذي يقابل تحريف النصرانية في أوربا لا سيما الانحراف المتعلق بالتوحيد و العقيدة وانحسار مفهوم . الإسلام في مجال الشعائر التعبدية.
2ـ الكيد اليهودي الصليبي ، وهدفهم مشترك إخراج المسلمين من دينهم وصبغهم بالصبغة الغربية اللادينية .
3- وجود الزعماء العملاء للماسونية والشيوعية في سدة الحكم