دور النقابات العمالية في ظل الخصخصة
هذا البحث قومت بعملة فى مدينة الاسكندرية وهو بحث علمى بحت للتعرف على مشاكل العمال فى ظل الخصخصة .
لم تعرف الحركة النقابية بالمعني الصحيح حتى بداية الخمسينيات، فكل ما كتب طوال الثلاثينيات والأربعينيات كان بأقلام محامين يعالجون قانون العمل الفردي وما ينشأ من منازعات مابين العمال وأصحاب الأعمال في ضوء مواد قانون العمل والقانون المدني، فكان الاعتراف الأول بالنقابات لم يتم إلا في عام 1942 بصدور القانون 85. والحركة النقابية في مصر لها جذورها منذ زمن بعيد، وقد اختلفت أدوارها وفقاً لمراحل التطور النقابي عبر التاريخ.
والمتتبع لتطور الحركة النقابية في مصر، يجد أن مهمة التنظيمات النقابية قد تطورت في عصرنا الحاضر نظراً لتغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية، فلم تعد النقابات تقتصر دورها علي الدفاع عن المصالح المشتركة لأفراد منتمين إلي مهنة واحدة أو متقاربة والعمل علي النهوض بهم ورفع مستواهم بتحسين أحوالهم الاجتماعية والمادية، إذ أن النقابات اليوم أصبحت عاملاً حيوياً في تقدم الأمة.
ولهذا فان دور النقابات لم يظهر إلا منذ التحول الاشتراكي في مصر بصدور القرارات الاشتراكية عام 1961، وحينما صدر ميثاق العمل الوطني في يونيه عام 1962 وعمل علي تطوير رسالة النقابات العمالية من مجرد كونها طرفا مقابلاً للإدارة في عملية الإنتاج إلي اعتبار النقابات الممثل الشرعي للعمال، وقد حدد دور النقابات في أربع مسئوليات رئيسية هي:

1- التوعية الفكرية
2- زيادة الإنتاج
3- صيانة حقوق العمال ومصالحهم
4- الاهتمام بالخدمات الاجتماعية
وهنا يتساءل الباحث عما كان دور النقابات في هذا المجتمع الجديد – المجتمع الاشتراكي -. ولكن تبدو الحقائق واضحة، إذ نجد أن القطاع العام كان يمثل 80٪ من أوجة النشاط الاقتصادي وترتب على ذلك انتقال ملكية الغالبية العظمى من المشروعات من الأفراد إلي الشعب بطريقة التأميم للقضاء علي ظاهرة الصراع بين العمال وأصحاب الأعمال، وأصبحت أيضا للنقابات العمالية دور تستطيع من خلال ممارسة مسئولياتها القيادية عن طريق الإسهام الجدي في رفع الكفاية الفكرية والفنية ومن ثم رفع الكفاية الإنتاجية للعمال.
وبهذا بدأت للنقابات - خلال هذه المرحلة – مرحلة النضج والاكتمال، وتطور بذلك مفهوم النقابات، وتغيرت رسالة النقابات من مجرد كونها طرفاً مقابلاً لطرف الإدارة في عملية الإنتاج إلي الحد الذي يجعل منها قاعدة طليعية في عملية التطوير، وحرص الدستور أيضاً علي نص في مادة "41" التي تناولت التنظيم النقابي بأنه حق مكفول، وللنقابات شخصية اعتباريه وذلك علي الوجه المبين بالقانون.
وبذلك نجحت النقابات في ضم مزيد من العاملين إلي صفوفها وحثهم على الإسهام العقلي في أوجه نشاطها، كما أصبحت في وضع يسمح لها برعاية المهنة التي تمثلها وحماية أعضائها وتقديم كل الخدمات لهم.
إن أهمية هذا البحث تكمن في أن دور النقابات العمالية لم يعد قاصراً علي العامل فقط بل أصبح ضروريا أن تهتم النقابات بالإنتاج بحيث انه إذا زاد الإنتاج وقله تكلفته، استطاع العامل إن يحصل على نسبة اكبر منه، ولن يتحقق ذلك إلا إذا تحمل العمال نصيبهم من المسئولية عن طريق المشاركة في خفض التكاليف، وزيادة الإنتاج، وتحسين نوعيته. لذلك يرى المفكرون الاشتراكيون أن الدور الاقتصادي للنقابات في الوقت الحاضر لا يقتصر علي مجرد الدفاع عن مصالح الأعضاء، وإنما يتعدى ذلك إلي رفع الكفاية الفنية والإنتاجية للعامل.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو إذا كان دور النقابات هو الدفاع عن العمال من تعسف الإدارة، والدفاع عنهم وعن حقوقهم وإصدار التشريعات الكفيلة بذلك في ميدان العمل والإنتاج، إذا ما هو دور النقابات العمالية في ظل الخصخصة؟ ذلك بعد أن أعلنت الدولة أن هدفها هو توسيع قاعدة الملكية الخاصة، ومنح القطاع الخاص دور متزايد في الاقتصاد. تجنباً لمشاكل إشراف الحكومة والقطاع العام علي أنشطة اقتصادية قد تكلف الحكومة الكثير وجب إتباع القاعدة الآتية: أي نشاط يمكن أن يؤديه القطاع الخاص بتكلفة اقل وبكفاءة اعلي من القطاع العام يجب إن يتم خصخصته.
وفي بداية السبعينيات رأت الدولة أن مقتضي التوازن بين القطاعين العام والخاص يوجب تحقيق العدالة في أسباب المنافسة المشروعة بينهما، فأعلنت الحكومة عام 1973 سياسية الانفتاح الاقتصادي التي تهدف إلي تحرير الاقتصاد المصري، وتشجيع القطاع الخاص بحرية أكثر، ولذا صدر قانون الاستثمار عام 1989، وظل الحال كما هو عليه إلي أن صدر قانون 203 لعام 1991 وكان فحواه أن الحكومة أرادت ترغيب القطاع الخاص في شراء الشركات التابعة للقطاع العام، وتوسيع قاعدة الملكية، واعتمد هذا القانون علي إرساء بعض الحقائق ومن أهمها فصل الملكية عن الإدارة، والتحديد الواضح لاختصاصات الجمعية العامة، ومجلس الإدارة، والعضو المنتدب، وتنظيم العلاقة بين الشركات القابضة والشركات التابعة، وتحرير الشركات من رقابة كثير من الأجهزة الرقابية.
لذلك كان الهدف من البحث هو هل تم تطوير قانون جديد للنقابات؟ أم ظهرت تعديلات له؟ وما هو دور النقابات العمالية في ظل الخصخصة؟ هل ظل كما هو أم لحقه تغيراً؟ وما هي علاقة الخصخصة بالنقابات؟ وهل ظل الدور كما هو أم أن النقابات عدلت قوانينها في ظل قانون الخصخصة؟ أم أن الخصخصة همشت دور النقابات؟ وهل العمال أضيروا من الخصخصة؟ وما هو موقف النقابات من ذلك؟
مشكلة البحث:
تتحدد مشكلة البحث الراهن في محاولة الإجابة علي تساؤل رئيسي مؤداه، هل أدت النقابات العمالية رسالتها كاملة في ظل الخصخصة؟
وللإجابة علي هذا التساؤل يجب أولا أن نلم بمدى ما تقوم به النقابات العمالية من خدمات لأعضائها، أو بمعني آخر يجب أن نقدم عده تساؤلات للنقابات العمالية لنستطيع في النهاية أن نحكم علي مدي نضوجها وإدراكها لواجبها وقيامها برسالتها ويندرج تحت هذا التساؤل الرئيسي عده تساؤلات تمثل أهداف فرعيه للبحث وهي:
1- هل تدافع النقابات عن مصالح الأعضاء؟
2- هل تعتبر النقابات كحلقة اتصال تربط بين أعضائها وبين جميع جهات الاختصاص؟
3- هل تقتصر النقابات علي خدمة الفرد أم يمتد نشاطها أيضاً إلي نطاق الجماعة فتقوم بالمشروعات التي تعود علي الأعضاء بالمنفعة العامة؟
4- إلي أي مدي وصلت النقابات علي رفع المستوي الأخلاقي والثقافي والاجتماعي؟
5- هل تداوم النقابات السعي المتواصل لدي جميع جهات الاختصاص لتحسين حالة الأعضاء مادياً وأدبياً؟
6- هل تتعاون النقابات مع الإدارة في كل ما يحقق النهوض بالصناعة؟
7- هل تساعد النقابات العمال الذين تم خصخصتهم، وماذا فعلت لهم؟
8- هل تم تعديل في قانون النقابات ليواكب قانون الخصخصة؟