أما بعد،
فها نحن نرى الخراب الذي حلّ بالشام بظلم منك وجبروت، وكان حريّا بك أن تصيخ وتخفض جناح الذل رحمة بالعباد الذين تأمَّرتَ عليهم بغير وجه حق. فهلّا كان رفقا بنفسك وقد جعل الله لك عبرة في من سبق حين أبى قلبك الرحمة واللين؟ ولكن هيهات هيهات، إنما يعتبر أولو الأبصار. خربت الديار وأصابت اللأواءُ الآمنين وكدَّهم النَّصَب، ومِن قبلُ ظهر الفساد في البر والبحر. ما عساك تقول الآن وأنت ترى الذي اقترفه تجلدٌّ كذِبٌ؟ أيشرحُ صدركَ الخرابُ اليَباب؟ وَدِدنا لو طرحتَ نفاقَ القول ونطقتَ بلسان الحق فإنا لنعلم أنك الرِّعديد وأيم الله. بل إنا لنكاد نرى فؤادك ينخلع فرَقا ويزيغ البصر وأنت ترى جنود الله تسير على يقين يُؤتاه الصابرون. وهل تعرف أصبر منهم؟ بلى، قد صبروا وصابروا ورابطوا، والأجرُ الآن بغير حساب.
ألا بئست إمارةٌ تُخرَّبُ لأجلها البلاد ويشقى العباد! بئست الدنيا التي تُسفح لأجلها قطرة دم! وبئس الأمير لا يَرقُب في أهله إلاًّ ولا ذِمة. ولكن قدر الله غالب، ولقد حانت ساعتك، ولتريَنَّ أشد مما رأى السفهاء قبلك وأقسى. وإنا لنرى خبطَك في عمياء دليلَ ضعفك وقُربَ دَحْرِك وبشائرَ نصر مبين، وما ذلك على الله بعزيز. وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.
والسلام على من اتبع الهدى
23 ذو القعدة 1433ه