الأحداث حولنا

الشيخ صالح المغامسي


الاقتراح التركي بأن يكون فاروق الشرع رئيسا لحكومة انتقالية، ووصفه بأنه رجل عقل وضمير، ولم يشارك في المجازر السورية، يعد أخف ضررا وأحلى الأمرّين لما يمكن أن يُصنع لتقف الدماء السورية الزكية في أرض الشام.
إن وقف بطش طاغية الشام مطلب أولي، وإذا يتعذر، والحال كما نرى، أن ينصر أهل الشام عسكريا، فلا غضاضة في أن تقبل المعارضة بهذا الاقتراح التركي.

وإن كان غالب الظن أن طاغية الشام هو نفسه لن يقبل بهذا المقترح، وسيخرج بوقه (المعلم) ليقول إن هذا انتهاك صارخ للسيادة وتعدٍّ سافر على القيادة، وكثيرا ما تكلف الحرب إذا كانت بين أحرار ولئام، وليس بعد لؤم بشار وجمعه لؤم.

الصراع بين السنة والشيعة قديم، وقد حملت إيران بعد ثورة الخميني راية قيادة المذهب الشيعي في العالم، وسنحت لهم أحداث أتقن أهل فارس التعامل معها لإقناع عوام وجماهير أهل السنة بصحة ما يدعون إليه، ولا خلاف في أن أهل فارس مشهود لهم بالفطنة منذ القدم، وثمة آثار حديثية وتاريخية تشهد بهذا.

لكن تلك الفطنة توارت تماما في أحداث سوريا؛ إذ دفعت إيران بكل ثقلها دعما لبشار الأسد سرا وجهرا، ورمت إليه بفلذات أكبادها وخيرة شبابها لتقاتل معه، وهي ترى عيانا ما يصنع بشعبه وبأهل السنة خصوصا، فلم يعد أحد من جماهير أهل السنة يصدق ملالي إيران وساستها السياسيين في وجوب نبذ الطائفية المذهبية.

وأصبحت جماهير أهل السنة حانقة على هذا الدعم الفارسي لطاغية الشام، ولو قدر أن إيران تبرأت من صنيعه وأظهرت ولو - مجرد دعوى - كما هو حالها مع القضية الفلسطينية، أنها لا تؤيد ما يقوم به حاكم سوريا ولا ترى مبررا لهذا القتل المجحف في إخوانهم في الشام، لتغيرت بذلك نظرة كثير من أهل السنة للمذهب الشيعي، لكن سبحان من أعمى بصائرهم وبصيرتهم عنه مع ظهور نفعه ويسر فعله مذهبيا وسياسيا وعسكريا، وهذا بعض ما يسمى في القرآن بالاستدراج، نعوذ بالله من فجأة نقمته وزوال نعمته.

الإعدامات لبعض السعوديين في العراق التي أعلن عن تنفيذ بعضها تدمي القلب، فهؤلاء إخواننا وأبناؤنا وأهلونا، نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم، ويعز علينا والله أن يتحكم رجل مثل المالكي في رقابهم.

وهذا كله يدفعنا لأمور كثر، أعظمها مراجعة الخطاب الديني لدينا، ولا يزال البعض (عفا الله عنا وعنهم) يخاطبون العامة والشباب بما لا يحسن نشره، وليس من الحكمة التغريد به، مما يكون له أثر بعد ذلك لا يبعد عن حال ومصيرنا إخواننا في العراق.

وحق علينا جميعا في هذا البلد؛ ولاة أمر وعلماء وأصحاب رأي، أن نعمل جاهدين على أن نفك أبناءنا من أغلال حكام العراق وقضاته، وأي ورقة ضغط يغلب على الظن أنها تجبر حكام العراق على التوقف عن ظلمهم وتهديدهم ونكالهم بأبنائنا يجب استعمالها ومخاطبتهم بها.

عن الشرق الأوسط