الشيعة البحرينية فى مصر...مخاطر ومحاذير
---
تأتى زيارة وفد بحرينى يضم قادة جمعية الوفاق البحرينية الشيعية الى القاهرة خلال هذا الاسبوع فى اطار السعى الطائفى والمذهبى لتسويق افكارهم وارائهم ومواقفهم ضمن مخططات مرسومة وخطط منظومة تهدد استقرار المنطقة وامنها.
واذا كان مقبولا ان تستقبل مصر لدورها الاقليمى المتميز ومكانتها السياسية وقيمتها الحضارية كل من يرغب ان يجد له مكانا فى الاقليم او يقدم رؤيته واطروحاته الى العالم اجمع، إلا انه من غير المقبول أن يجد اصحاب الافكار المتطرفة والسياسات القائمة على انتهاج العنف والتدمير، ومن يسعون الى نشر التفرقة المذهبية والعقائدية كاسس لتوجيه سياسات الدول والتحكم فى شئون مجتمعاتها، موطئ قدم لهم فى القاهرة، وان يكون وجودهم موضع ترحيب وحسن ضيافة من جانب المسئولين المصريين او النخبة المثقفة الواعية لمخاطر اللحظة الراهنة وتحدياتها، او من جانب الرأى العام المصرى الذى اصبح اثبت للعالم اجمع بفضل ثورته العظيمة ان الاوطان اغلى من الدماء وان الحفاظ على امنها واستقرارها هى جهاد فى سبيل الله وان الاستقواء باية قوى خارجية لن تصب فى مصلحتهم الوطنية.
ولذا، تمثل زيارة الوفد البحرينى وما ينظمه من لقاءات صحفية او تليفزيونية واقامة حلقات نقاشية او ندوات ومؤتمرات بحثية امر يجب ان يحاط بكثير من الحذر من جانب المسئولين المصريين ادراكا منهم لمخاطر مثل هذه التحركات على اكثر من مستوى، أبرزها:
1- أن هذا الوفد يمثل الطائفة الشيعية فى البحرين يتأكد ذلك بمطالعة اسماء رؤساء الوفد واعضاءه، فرئيس الوفد "على سلمان" هو امين عام جمعية الوفاق الشيعية، ورضى الموسوى (شيعى) وهو نائب امين عام جميعة وعد، وهو ما يجب اخذه فى الاعتبار حول المخاطر التى حذر منها المسئولين المصريين على رأسهم مفتى الديار المصرية الدكتور على جمعة حينما حذر من المد الشيعى ومخاطره على مصر.
2- ان استقبال امثال هذه المجموعات التى ترتبط ارتباطا مباشرا لا يخفى على احد بايران يؤكد على هذه المخاوف فى ظل المطامع الايرانية وطموحاتها الاقليمية، خاصة وان التعامل فى مثل هذه الحالة ليس على المستوى الرسمى، وإنما يمثل تعاون من ابواب خلفية وطرق ومسالك غير مرئية، وهذا هو النهج الايرانى فى سياستها الخارجية حيال دول الجوار الاقليمى، فالدعم الكامل الذى تقدمه طهران لشيعة دول الخليج بصفة عامة يؤكد على ذلك.
3- غموض الهدف الذى تبتغيه مثل هذه الوفود فى زياراتها الخارجية، فاذا كان مفهوما ان هناك مساعى لهذه المجموعات لتوضيح وجهة نظرها السياسية بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف معها، إلا انه ليس مفهوما اختيار التوقيت الان، فمن المعلوم ان الاوضاع البحرينية قد استقرت واستعادت الدولة هيبتها فى ضوء استكمال منظومة الاصلاحات التى كانت قد بدأتها منذ اوائل القرن الحالى، دلل على ذلك التقارير الدولية والاقليمية التى اشادت بالجهود التى بذلتها الحكومة البحرينية فى النهوض بالمجتمع البحرينى فى مختلف المجالات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واعلاميا وثقافيا. وهو ما يطرح التساؤل هل يتزامن القيام بمثل هذه الزيارات للتغطية على الاحداث المأسوية التى يعيشها الشعب السورى الشقيق تحت نيران رئيسه المجرم الذى لم يتوان فى ارتكاب المجازر بحقه؟ فمثل هذه الزيارات والوفود ومحاولة تسليط الاعلام عليها تأتى فى اطار المحاولات الايرانية والسورية ومن يدور فى فلكهم من قوى وتجمعات حزبية وسياسية للفت الانظار عن حجم الانتهاكات والممارسات اللاانسانية التى ترتكبها جيش بشار الاسد بحق المواطنين السوريين.
فى ضوء هذه المخاطر، يبقى القول أن مصر دائما كانت الداعمة لكل حركات التحرر والاستقلال شريطة ان تكون حركات وطنية تعلو الانتماء الوطنى على كافة الانتماءات، فلن يأت اليوم الذى تصبح فيه مصر داعمة لاحدى الحركات او التكتلات التى تعلو الانتماء العقائدى او المذهبى او القبلى او الفئوى او الطائفى كما هو حال اعضاء هذا الوفد اليوم الذين يعلون الانتماء الدينى والمذهبى على الانتماء الوطنى، فهل تستحق المساندة والدعم المصرى او حتى مجرد الاستقبال؟