يا قائد كتائب الواتا: الرُّتبُ، أم المُشاة؟!

* بقلم: هلال الفارع
كل الخبراء العسكريين، وجميع منظّري التكتيكات العسكرية، يؤكدون أن حسم أية معركة لا يكون إلا على الأرض، وأن المشاة وحدهم هم القادرون على إنجاز النصر النهائي، وتوقيعه باسم كل القوات على اختلاف أسلحتها، والأدوار المنوطة بها.
أقول هذا لأن القائد الحربي في الخندق الأول عامر العظم خير من يعرف ذلك، وهو – بتربيته النفسية العسكرية – أقدر على نسب الإنجاز لأصحابه الحقيقيين.
منذ التحقت بالواتا وأنا أتردد على مختلف الأندية، فألاحظ أسلوب عمل الأخوات والإخوة فيها، وحجم نتاجاتهم، ونوعيتها.. ولقد تعلّقت بمنتدى الترجمة أكثر من غيره، فكانت له النسبة الكبيرة من زياراتي، إما لأنني أرغب في الاطلاع والمعرفة، وإما تلبية لدعوة كريمة من أهل هذا المنتدى الجميل لي للمشاركة في البحث عن معنى كلمة في العربية، أو لصياغة تعبير عربي شافٍ.. وقدمت للزميلات والزملاء ما قدرت عليه، وهو قليل جدًا.
ليس هذا هو المهم.. المهم أنني ومن خلال تواجدي لاحظت إقبال البعض من الأخوات والإخوة على الترجمة بهمم عالية، وإحجام البعض الآخر، أو الركون إلى جهود الموجودين، والاكتفاء بالتوجيه، أو المشاركات الجزئية، أو الجانبية فقط.
وبالعودة إلى موضوع المشاة، فإنني وجدت أن في هذا المنتدى الخطير شأنه جنودًا مجهولين يعملون بصمت، وبإخلاص شديد ومواظبة نادرة، وفي مقدمة هؤلاء جميعًا الأستاذ حسن أبو خليل، والأستاذ سمير الشناوي، أما الأستاذة إيمان الحسيني، فليست في حاجة إلى تزكيتي، أو شهادتي، لأن الجميع يعرف دورها في الترجمة والإشراف والتصويب والتوجيه... وفي كل شيء.
الأستاذ حسن أبو خليل يعمل من واقع صعب، وفي ظل ظروف أصعب، أنا أعرفها، وأرصدها هنا من باب الغيرة والحق، وليعلم الجميع أنه لم يتم بيني وبين الأستاذ حسن أبو خليل أي اتصال، ولست في حاجة إلى التأكيد على هذه النقطة، فمصداقية حديثي لا يرقى إليها أي شك، ولا أزكي نفسي أبدًا. كما على الجميع أن يعي أن الأستاذ حسن أبو خليل يعمل من الأرض المحتلة، ويعاني إرهاقًا لا يستطيعه غيره للوصول إلى معلوماته، أو إيصالها، نظرًا لظروف الاحتلال، وللإمكانات، وهذا ليس عيبًا، لكنه شرف كبير يمتاز به حسن أبو خليل، ويسمو به عاليًا جدًا.
أما سمير الشناوي، فيكفي أن عددًا كبيرًا من قضايا الترجمة هو من يثيرها بأسلوبه القصصي الممتع، الذي أؤكد أنه أثمن وأكمل من نسبة كبيرة مما يودع في منتدى القصة على أنه قصص، بينما يجعله الشناوي مقدمة جاذبة لمواضيعه الذكية الغنية المحترمة. كما أنه لا ينتظر دعوة للمشاركة، ولا يهمل طلبًا للمساعدة، إلى الحدّ الذي أعرف أن مسؤولياته في منتدى الترجمة تكون أحيانًا على حساب راحته ووقته، بل وعلى حساب عمله الذي يعتاش منه قبل ذلك كله.
أما إيمان الحسيني، فلن أقول فيها الكثير، فقط أذكّر أنها المبادرة الأولى لربط منتدى الترجمة بالمنتدى الأدبي، والساعية الكبرى لتوظيف قدرات المترجمين في خدمة الشعراء والأدباء وغيرهم.
ولأن الإنسان ينسى.. والنسيان فضل ونعمة من الله، ولأن الله أمرنا بالتذكّر" فذكر إن نفعت الذكرى " فإن من واجبي ألا أمرّ هنا، فأنسى جهود الأستاذ سامي خمو، التي يعتز بها كل من يمر على حديقة عطاء منتدى الترجمة الجميل، وأرى من واجبي التنويه بجهوده المميزة والخاصة، والإشادة به، مع عدم إغفال كل من له دور هنا، أو هناك، وأتمنى أن أراه مضاعفًا قريبًا.
أعود فأذكّر بالمشاة، الذين يكرسون حسم المعارك، ويسجلونها فعليًا، حتى وإن وقّع تقاريرها أصحاب الرّتب الذين يحرصون على أن تظل بساطيرهم لامعة، وسجائرهم دامعة.
كما أود أن أذكّر الجميع بأن العلوم العسكرية الميدانية الحديثة تؤكد على أن أعظم الاستراتيجيات، التي تحقق النصر النوعي، هي تلك التي يتقدم فيها القادة جنود المشاة إلى الميدان.
تحية شعرية عسكرية ميدانية محقة.