المولوتوف والمآتم فى البحرين.. ما العلاقة؟ ا
عندما تذكر كلمة المولوتوف يتبادر للذهن فورًا صور المعارك والحروب والقتال الشرس والمواجهات العنيفة بين الأعداء والحرص الشديد على إيقاع أقصى قدر من الخسائر في الأرواح والعتاد والممتلكات في صفوف الغير.
وعلى خلاف من ذلك، عندما نسمع كلمة دور العبادة أو بيوت الله تعالى حيث تستقر في نفوسنا السكينة وتسكن قلوبنا الطمأنينة باعتبار أن هذه الأماكن طاهرة ومقدسة يرتادها كل من يريد التقرب والتعبد لله تعالى.
ولكن يبدو أننا بتنا أمام واقع جديد ومختلف عن السياق السابق والذي كان مسلمة من المسلمات وبديهية من البديهيات لا يختلف عليها اثنان، إذ جاء اكتشاف قوات الأمن البحرينية نفقاً داخل مأتم بعذاري يستخدم لصناعة “المولوتوف”، لقلب هذه المسلمات راسًا على عقب، وأثار في النفس تساؤلات عدة من قبيل : ما الهدف من هذه الأنفاق؟ ومن أمر ببنائها ولماذا وما الدور الذي تقوم به؟ وهل نحن نعيش في واقع كالواقع المعاش في الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى يلجأ البعض إلى بناء هذه الأنفاق وفي المآتم؟ ولماذا اختار المآتم دون غيرها من الأماكن الأخرى؟
حقيقة ما يجري على الأرض البحرينية يؤكد أن الإرهابيين فقدوا وعيهم بل وفقدوا دينهم أيضًا، فقدوا وعيهم عندما قرروا أنهم يعيشون تحت احتلال “أجنبي” يحشدون طاقتهم لمواجهته ومقاومته ويبيحون لذلك استخدام جميع الأساليب والأدوات حتى لو كانت الضحية هي أبناء الوطن الذين يسكنون أرضه ويتمتعون بخيره ولكنهم يعطونه شرهم ويمنحونه غيهم وبغيهم.
كما إن هؤلاء فقدوا دينهم عندما استباحوا دم مواطنين ومقيمين بهذه الوطن وأحلو قتل من يقومون بتوفير الحماية لهم والدفاع عنهم، وعندما استغلوا أماكن التقرب إلى الله تعالى وتحويلها إلى مصانع للتفجير والإرهاب وليست بيوتًا للعبادة والدعاء.
ربما تولد يقين لدى هؤلاء بأن هذه الأماكن هي الآمنة والبعيدة عن المراقبة والمتابعة لذا فهي الخيار الأمثل لتفريخ الإرهابيين والتخطيط والتدبير والقتل والتدمير.
إنهم بذلك يعترفون بأن الدولة توفر لهم الأمن لممارسة شعائرهم على خلاف ما يروجونه من معاناتهم من التمييز والقمع من قبل سلطات الدولة إلا أنهم وكما هي عادتهم دائما لا يقدرون تلك الحرية ولا يعرفون لها معنى ولا قيمة.
لعلنا نلاحظ أن المخربين باتو يضربون في جهات عدة وفي ذلك دليل أكيد على إفلاسهم كما إنه جرس إنذار خطير بمواجهة مخاطر وتحديات عدة في آن واحد لإصرار هؤلاء الإرهابيين على الشحن والتوتير والتصعيد ضمن خطط مدروسة وخاصة بعد فشلهم في تدويل الملف الحقوقي والخسارة التي لحقت بهم في أعقاب اجتماعات جنيف مؤخرا.
ومن أبرز مظاهر وملامح المرحلة الجديدة تنامي الأدوار والمواقف التحريضية والتصعيدية لمن يسمون أنفسهم رجال الدين وبعض المهووسين الذين يرون في أنفسهم ناشطين ومدافعين عن حقوق الإنسان وهم أبعد ما يكون عن مثل هذه الأوصاف، كل ذلك بالتزامن مع استمرار التظاهرات والاعتصامات وإغلاق الشوارع وسد الطرقات ومواصلة أعمال الحرق والتخريب.
ومن الملامح الأخرى اتساع الأنشطة الخارجية وفي هذا السياق جاءت زيارة البعض إلى جمهورية مصر العربية ومشاركة البعض الأخر في اجتماع محافظات إيران بالعاصمة طهران ليمثلوا محافظة البحرين، وقد تزامن ذلك مع تنظيم ملتقى اسبوع التضامن الإيراني مع “السجناء” البحرينيين في إيران خلال الفترة من الرابع إلى السابع من شهر اكتوبر الجاري تحت عنوان “القادة في السجون” وقد تم تنظيم الملتقى في عدد من المدن الإيرانية وبمشاركة من رؤوس الفتنة والفساد القابعين في لندن، وكل ذلك يؤكد الخيانة العظمى لهؤلاء وتبعيتهم لإيران، ورغبتهم في تحويل المشروع الديمقراطي البحريني إلى نظام محاصصة مذهبية وطائفية على الطريقة العراقية الراهنة.
إن المجتمع يواجه خطيرًا جسيمًا يتطلب أقصى درجات التكاتف والتعاون خلف الدولة لتتمكن من دحر هذا الخطر والقضاء على نهائيا.