صورة .. وصمت
من بين آلاف الصور التي تناقلتها كل وسائل الإعلام ومواقع التواصل .. ووكالات الأنباء ووثقت جرائم العدو ، ومنجزات المقاومة ...لم اشعر بالارتباك قدر ما شعرته أمام هذه الصورة .. ام فلسطينية تدوس رقبة جثة إبنها العميل بعد تصفيته على يد المقاومة في غزة .. لكن الصورة اربكتني .. حتى اني أحس (بفشل في الشعور) .. كالفشل الكلوي .. لكن الشعور لا غسيل له .. أحس بفشل في القدرة على التعبير ... أكتب وأحذف ثم أعود لأكتب وأحذف .. .. وأعجز عن الإحاطة بكل ما تحمله هذه الصورة من تناقضات .. راودتني للحظة رغبة في البكاء .. ثم تجاهلت الصورة لساعات .. ثم تجنبت ان انظر اليها بتدقيق ... خرجت اشتريت علبة سجائر مع ان علبتي لم تنته بعد .. وعرجت على امي لدقائق .. سألتها كيف حالك؟ .. وفاجأتني انها لم تجبني جوابها المعتاد بل نظرت الي باستغراب ثم سألت (ايش في يما)؟ قلت لها: لا شيء ، سألتك كيف حالك؟ .. قالت: الله يرضى عليك انا بخير .. ثم عادت لتسأل (في اشي يما)؟ قلت لها :لا شيء .. وعندما هممت بالخروج باغتتني (يما برضاي عليك ما تضل قاعد قدام الأخبار .. أبوك انجلط من ورا هالعادة)!! خرجت وأنا اتساءل كيف عرفت أن كآبتي سببها شيء متعلق بالأخبار؟ .. لكنها عرفت .. لست ادري ..
ثم عدت وتأملت الصورة بأدق تفاصيلها طافحا بالبلادة .. كما لو ان قلبي مغلف بقصدير الشواء ... فكرت لبرهة : لم لا تكون هذه المرأة أم شهيد ممن ارتقوا نتيجة خيانة هذا العميل؟ .. اجد ان هذا الافتراض يجعلني ابني مقاربة مختلفة مع الصورة تجعلها صادمة أقل .. لكنها أمه تقول المواقع .. وتؤكد :هي امه... .. ما زلت أكتب وأحذف .. ثم أكتب وأحذف .. وأقول: لماذا صورة وتعليق؟ ... لم لا تكون صورة وصمت؟ .. هذه الصورة ينبغي ان تنشر تحت عنوان : بدون تعليق...
محمد أبو رحمة
جميع الحقوق لا يمكن حفظها
ملاحظة: فهمت من بعض تعليقات الأصدقاء ان الصورة قديمة ،وليست من احداث غزة الأخيرة .. لكن ذلك لن يغير من الأمر شيئا ..