الحسين(ع) في قلب العقاد
بقلم
جاســم البغدادي / شــبكة العراق / نوفمبر / 27 /2012
تفجرت ثوره الامام الحسين(ع), فأن كان عباس محمود العقاد مفكرا اسلاميا اغنى الفكر الاسلامي بعشرات الكتب والابحاث بل انشأ موسوعه اسلاميه تحت عنوان موسوعه العقاد ,فضلا عن مجموعه العبقريات الاسلاميه التي اشتهر بها فاستحق بذلك لقب عملاق الفكر العربي لما كان يمتلكه من خزين ثقافي هائل ومنوع واراء نافذه لا تـُطرح الا بعد احاطتها بكل جوانب الموضوع وتعمقها في كل تفاصيله الجزئيه ..لكن قلم العقاد سال مداده من قلبه لا من عقله حين كتب عن الحسين (ع) ابو الشهداء.يخال لي ان العقاد كتب بقلم الشاعر اكثر من قلم المفكر المعهود به .لكن الغرابه ان العقاد رغم انه كتب بمشاعره الا ان ادلته العقليه في الرد على المشككين بثوره ابي الاحرار الحسين (ع) فاقت كل ادله علماء الشيعه لقوتها وجلاءها من مواضع لم يفكر احد بها من قبل فمثلا نسمع ان ردود علماء الشيعه حول اتهام الحسين (ع) انه كان طالب ملك نراهم يستقتلون في اثبات ان الامام(ع) لم يكن يطلب الملك بل الاصلاح استنادا لقوله (ع) ( انما خرجت لطلب الاصلاح في امه جدي رسول الله (ص).. ) مع ان ذلك لا يتنافى -ولو عند الخصوم- مع طلب الملك الذي غالبا ما تسبقه مبررات داعيه له كالاصلاح واقامه العدل وما على شاكله ..فيما نرى العقاد يختصر ذلك ويسكت الخصوم بتاكيده ان طلب الملك ليس عيبا في نفسه وان العيب في الغايه التي يراد منها الاستحواذ على الملك يقول في رده (وايسر شئ على الضعفاء الهازلين ان يذكروا هنا طلب الملك ليغمزوا به شهاده الحسين (ع)فهؤلاء واهمون ضالون مغرقون في الوهم والضلال , لان طلب الملك لا يمنع الشهاده وقد يطلب الرجل الملك شهيدا قديسا وقد يطلبه وهو مجرم برئ من القداسه ,وانما هو طلب وطلب وانما هي غايه وغايه)... ومن احق بالحسين(ع) بالملك انذاك كي يعاب عليه طلب الملك ؟؟مع انه اراد ارجاع الملك للخلافه الاسلاميه الاختياريه لا الجبريه .. وهذا ما استدل به العقاد في الرد على من اتهموا رسوله مسلم بن عقيل (ع) بقله الحزم وعدم الجديه في معالجه اوضاع الكوفه حين قدم عليها عبيد الله بن زياد حيث ان المبدأ الذي سار عليه الحسين (ع) في ثورته هو مبدأ الحريه في اختيار الناس لامرهم دون مؤامرات او اغتيالات تبعد الثوره عن اهدافها الانسانيه والاسلاميه الاصيله , ولذا كما يقول فان ثوره الحسين لا يفهمها الامن كان يستشعر مبادئ وروحيه الاسلام التي جاء بها النبي الاعظم (ص) .. ثم يعطف على من ارادوا تبرئه يزيد بن معاويه من دم الحسين (ع) فيشن عليهم نقدا لاذعا حين يلقبهم ب(أجراء الذمم ) الذين يؤجرون ذممهم للسلطان , ويعتبر ان مايأخذه هؤلاء من اجور سلطانيه على مايكتبون كاف لايفائهم حقهم اما ان يزاد على ذلك اعتماد اقوالهم واراءهم فهذا من باب الزياده الغير مبرره والغير مستحقه , ويفند هذا الدفاع باستخدام عامل الزمن الذي فصل بين وصول الحسين (ع) لكربلاء وحتى قتله وما جرت بين يزيد وابن زياد من مكاتبات حول الموقف المفروض اتخاذه بشأنه , ويفنده ايضا من استقراء لسياسه يزيد بعد قتل الحسين (ع) وما جرى على اهل المدينه المنوره ومكه ليصل ان ما حدث في كربلاء هو من تدبير ابن معاويه وهو ما يستقيم مع تصرفات الحكام في كل زمان من القاء تبعيه الجرائم على اعوانهم والتملص منها , تاركين اذاعه ذلك للكتاب المأجورين ...ويرد على من يخطئ الحسين (ع) لخروجه مع معرفته انقلاب الامور في الكوفه فيقول ..ان كان ذلك خطأ فهو خطأ الشهداء في كل العصور .. ويتسائل من هو الشهيد ان لم يكن ذلك الذي يرى ان الظروف تخذله فيمضي لما امن به واعتقده .. ولو ان كل حركه كانت مرهونه بالظروف المواتيه لكان كل الحركيين اهل سياسه ومنفعه ولما كان للشهاده معنى او قدسيه ويمضي العقاد ببيان عظمه الثوره الحسينيه , فيصفها حينا انها حرب النور والظلام ..وانها معركه بين خدام البطون والاكباد وخدام العقائد , وان مدينه كربلاء لو أعطيت حقها من التكريم لكانت عاصمه لكل بني البشر الذين يعتزون بانسانيتهم ..ويصف قله اصحاب الحسين (ع) ان القمم الشامخه لا يتسلقها الا القليل من الناس .. وان نفوس هؤلاء ارتفعت الى الافاق العلويه لكل القيم الانسانيه , فيما انتكست نصره يزيد الى الاغوار العميقه من الخسه . ومن يرحل في كتابه يرى كيف انه مجد ثوره الحسين(ع) حتى يقدم الحسين (ع) رمزا للضمير الانساني كما قدم كربلاء عاصمه انسانيه وان الانسانيه (المسكينه) ستظل بحاجه الى دماء الشهداء السائرون على نهج الحسين (ع) ليضيف للفكر العربي والانساني اطروحه حسينيه لاغنى للعالم عنها ما دام يتطلع الى وحده اخلاقيه وروحيه .في وقت يتعارك فيه بعض (المعممين ) الذين ينصبون انفسهم خطباء هذه الثوره الانسانيه العظيمه حول القاعده الفقهيه التي تحلل (التطبير) فيبتكر فكرهم الخلاق عن ان اصل الاشياء الاباحه وبالتالي فالتطبير مباح فيخلطوا بين اباحه شرب الماء واباحه قتل الانسان لنفسه , وبين عمليات التجميل وفلق الراس بالقامه !!
قيل ..سُئِل العلامه الحلي من احد المنسوبين للاسره العلويه والمنحرفين عنها : لماذا تصلون وتسلمون على الائمه والمفروض حصر ذلك بالنبي (ص) فاجابه ان القران الكريم يقول ( الذين اذا اصابتهم مصيبه قالوا انا لله وانا اليه راجعون ..اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمه..الايه ) والائمه كانوا اذا اصابتهم مصيبه يسترجعون فقال الرجل وقد ابهته الجواب : وأي مصيبه جرت على الائمه ؟!! فقال الحلي: والله لو لم تصبهم مصيبه الا انتسابك لهم فهي اعظم مصيبه يستحقون بها الصلوات ..رحم الله العقاد فقد فقد عرف الحسين(ع) بقلبه فعبقت انامله بواحد من اجمل واغنى كتبه قدمه باحنائه اجلال لمقدم ذكرى ابي الشهداء الحسين(ع).