آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أدونيس الحداثة بين المغايرة و الخرق

  1. #1
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    10/09/2009
    المشاركات
    15
    معدل تقييم المستوى
    0

    Neww أدونيس الحداثة بين المغايرة و الخرق

    -أدونيس الحداثة بين المغايرة و الخرق :
    يسعى أدونيس إلى تشكيل خطاب نقدي مبني على أساس مفارقة ''الثبات والتحول'' ، هذه المفارقة إنما جسدت في فكره مقياسا جوهريا من خلاله يتمثل الموروث النقدي والشعري تمثلا حديثا ، حيث يخلصه من إطاره الماضوي و يعتقه من مجال التصنيف الأكاديمي المعهود.
    لـذلك نجد هذا الناقد يقول:''باللازمنية'' وينتهج مبدأ الخرق و اللامألوف كرؤية خاصة تمكنه من الغوص في غياهب الفكر العربي، الذي طمست معالمه انطلاقا من التقوقع في محراب النـــظرة المـــتوارثة والمتحجـــرة والتي تحـــولت مع الــــوقت إلى إيديولوجيا معــــرفية تجسد فكرة النسق الإبستمولوجي الذي ساعـد على اختصار الثقافة العربية في موقف وحيد هو: ''فكرة النموذج'' ،لذلك حاول ''أدو نيس'' قراءة الموروث قراءة مغايرة،شكل فكر رامبو وما لارميه، و بودلير أهم دعائمها حيث يقول :"أحب أن أعترف بأنني كنت من بين من أخذوا بثقافة الغرب غير أنني كنت كـذلك بين الأوائل الذين ما لبثوا أن تجاوزوا ذلك، و قد تسلحوا بوعي و مفهومات تمكنهم من أن يعيدوا قراءة مورثهم بنظرة جديدة و أن يحققوا استقلالهم الثقافي الذاتي، وفي هذا الإطار أحب أن أعترف أيضا أني لم أتعرف على الحداثة الشعرية العربية من داخل النظام العربي السائد وأنظمته المعرفي، فقراءة بودلير Baudelaire غيرت معرفتي بأبي نواس و كشفت لي عن شعريته وحداثته، و قراءة ملارمية Mallarmé هي التي أوضحت لي أسرار اللغة الشعرية وأبعادها الحديثة عند أبي تمام ، و قراءة رامبوRIMBAUD ونرفال NERVAL هي التي قادتني إلى اكـتشاف التجربة الصوفية بـفــــرادتها و بهــــائها وقــــراءة الـــــنقد الفرنسي الحديث هي التي دلتني على حداثة النظر النقدي عند الجرجاني" .
    غير أن تأثر ''أدو نيس'' بالفكر الفرنسي و غيره لا يلغي خصوصيته الفكرية بل على العكس فهو يثري من مفاهيمه ورؤاه الفلسفية التي تتنوع بين "الثبات والتحول- لإبداع والإتـباع ، الحداثة و القدم المقدس،المدنس- الارتداد، التنميط." فـــهــذه الثنائيات ،وإن بدت غريبة نوعا ما فهي تجسد رؤية الكـــاتب للعالم الــــذي يبنيه من منطق الخرق ، فكل ما شذ عما هو متعارف عليه في الجانب الفكري و الشعري حسب أدو نيس فهو حداثي.
    فالحداثة الأدونيسية إذن حداثة خرق و تجاوز الأزمنة، و من هنا فهو يدعو إلى البحث عن الأنا الفاعلة خارج نطاق ''النمطية القديمة'' وبذلك يتحدد موقفه من الواقع في تفرقته بين ثقافتين ''الـثقافة السائدة''و'الثقافة الطليعية''حيث يشكلان قطبين متعاكسين في بنية الثقافة العربية ،فالثقافة السائدة حسبه هي:''جزء من الايدولوجيا السائدة،هذه الإيديولوجيا المتحققة في مؤسسات المجتمع العربي العائلة المدرسة،الجامعة،التشريع,السياسة,الدين الثقافة بأشكالها الإعلامية والأدبية" مجسدة في ممارسات الأجهزة الإيديولوجية في النظام العربي السائد لا تؤسس شروطا جــديدة و عــلاقات جديدة و إنما العلاقات الاستقلالية الماضية"
    إذا كانت الثقافة السائدة تلك الثقافة النمطية التي لا تؤسس إلا الاجترار الثقافي و الفكري الذي يعمل على تقييد و احتواء الواقع الفكري الراهن، فإن الثقافة الطليعية التي ينتمي إليها الناقد هي "طـــليعة تمتلك وعـــيا بكونها مسودة و إنـــها تململ من أجل التحرر والانبثاق من شروط حياتها هذه، و من لإيديولوجية السائدة".
    وانطلاقا من هذا فإن أدونيس يرفض فكرة أدلجة التراث وتحويله إلى نسق معرفي يمارس هيمنة من نوع خاص،وهي قولبة الواقع الفكري الراهن ضمن قوالب قديمة تعيقه عن التطور خدمة أغراض النظام الثقافي السائد الذي حاول تنميط النتاج الفكري والأدبي في موقف الجوهرأو الأصل وفي هذا المنظور يبطل قول القائل أن الماضي انتهى،وأنه لم يعد فعالا أو أنه ليس مشكلة خصوصا أن تحويل التراث إلى قوة إيديولوجية توجه الحاضر،يرتبط بموقف تقويمي أخلاقي:لا يكون العربي عربيا إلا بقدر إيمانه و ارتباطه بتراثه كما تفهمه هذه الأجهزة الإيديولوجية السائدة وتعلمه ".
    إن مهمة الثقافة الطليعية حسب أدونيس تتمـثل في إعادة قـراءة الموروث بطريقة واعية تتجاوز النظام الفكري المغلق لتؤسس للمغاير والمختلف،وتتمثل في أن التراث لم يعد"مشكلة نظرية و فكرية فحسب و إنما هو أيضا مشكلة سياسية واجتماعية و تبدو تبعا لذلك أهمية النقد و ضرورته نقد الثقافة الطليعية السائدة و نـقد مفهوماتها خصوصا مفهومها للتراث و للماضي بشكل عــــام".
    ومن هنا جاءت مهمة الثقافة الطليعية التي تحاول تغيير الواقع الفكري المتأزم، كما تصبو إلى الإنعتاق من القيود الإبستيمولوجية التي وضعتها الثقافة السائدة على العقل العربي, و يرى أدونيس أن الخطاب الديني في وجـــهته الــسياسية قد مارس سلطة فكرية حالت دون تطور الوعي العربي، و ذلك بتنميطه و ضبطه ضمن مسارات معنية يعد الخروج منها ضربا من الإلحاد و الكفر.
    ورغـم شمـولية الخطاب الديني إلا أنه تعرض عبر التاريخ لمجموعة من الثورات التي حاولت الخروج عن إطاره الميتافيزيقي و إقامة وعي خاص بها،" لكن الأهم هو أن هذه الايدولوجيا السائدة تم خلخلتها وإهـلاكها في محــطات تاريخية مخـــتلفة يــظهر ذلك في الحركات الثورية "القرامطة-الزنج-الثورات الشعبية والنزاعات الفكرية والعلمانية "الاعتزال، الإلحاد، (الرازي،ابن الرواندي) والحركة الصوفية و الحركات الشعرية المحدثة"
    وحتى نحقق الاستقلالية الفكرية في الواقع يجب علينا حسب أدونيس أن نهدم العناصر الثابتة في التـــراث ونفعّل العناصر المتغيرة وذلك حتى نحقق ديناميكية للفكر ونحرره من السلطة الماضوية، فالتراث بحمولته الإبستمولوجية الثابتة أصبحت لها استمرارية في وقتنا الحاضر، هذه الاستمرارية اعتزلت الجانب القيمي للفكر العربي في إطار الاجترار الــــثقافي حيث طغت على جانبه المتفاعل، وأصلت للثبات والـتحجـر،لذلك يحاول هذا الناقد استغلال العناصر المتحولة والمتغيرة والـــــمبدعة كـوسيلة لـتحطيم أسـطــورة ''الـــنموذج'' و''الأصل'' و''القيمة'' و''المرجع'' والتحلل من سلطة النسق الماضوي وذلك بتكـــوين قيم فكرية جديدة تساعده على إقامة ''الإبداع و التجاوز'' كـــطريقة خاصة في التفكير و" فهم طبيعة العلاقة بين رؤيا الثبات و رؤيا التحول أو طــــبيعة الصراع بين منحى الإتباع و منحى الابتداع".
    وحتى نتحلل من القيم الماضوية الطاغية يجب علينا أولا أن نفهم حقيقة العلاقة بين الثبات والتحول بين الإبداع والابتداع،هذه العلاقة التي يبنيها أدونيس على الهدم وتغيير ثوابت البينة تقليدية للذهن العربي ، و ذلك بإستئصال الثقافة السائدة كليا وحتميا وبالتالي تتحول آلية الهدم عند أدونيس إلى موقف إيدولوجي صارم يؤسس إلى قطع الصلة مع الـــموروث الـــذي أصبح في نظره المعادل الموضوعي ''للثقافة السائدة''، و من هنا يقع هذا الناقد في شرك المفارقة الفكرية السالبة القائمة على ثنائية ''الإعادة/الترك''.
    "إن رغبة أدونيس في الانفلات من الماضي و هدمه تنبع أساسا من رغبته في هدم الثقافة السائدة و هو و إن كان يسلم باستخدام الثقافة السائدة للتراث – يحرم نفسه من ذات السلاح, و يؤمن على النقيض بأثر التراث و ينفيه في نفس الوقت".
    يرى أدونيس أن انتهاك المألوف من باب الخطيئة سيفتح مجالا أوسع للنقد و سيضع النظام الثابت تحت مجهر المعاينة و المقارنة، و بالتالي الخروج بنتائج نستطيع اعتبارها ''بنيات مفجرة'' للأسس الثابتة في الثقافة السائدة، فامرؤ القيس وعمر بن ربيعة، شكلا من خلال مورثهما الشعري، قمة النزعة الشهوية أو الإباحية و هما بهذا خرقا نظام العرف السائد و أسسا لفكر أو لوعي مغــاير، لعبت فيه مناهضة العرف الديني والاجتماعي دورا بارزا، ومن هنا نستطيع القول أن قيمة الشعر في نظر أدونيس أصبحت تتمثل في إشباع لذة و تحقيق ثورة رفض الدين و المجتمع "و مــــن هنا يتعامل الباحث مع الشعر على أساس أنه يرضي نزوة و يشبع شهوة, لم يعد الشعر تأسيسا لــــرؤية جــــديدة للعالم تتجاوز كل . الرؤى القديمة و تتحرر منها بل صار تدنيسا للمقدسات".
    و تمتد القراءة لشعر ''أبي نواس'' و ''أبي تمام'' بطريقة مخالفة لما هو معهود، فهـــو يعــطي أبعادا تأويليه جمالية خاصة لهذا الشعر حيث قرأ شعر'' أبي نواس'' قراءة صوفية انتشلته مـن ميدان الشهوة الحيوانية و النفسية المضطربة والمعقدة ،إلى ميدان الفلسفة الروحية و الوجودية و الـصوفية المعقدة ،ومن هنا فإن قراءة أدو نيس تختلف اختلافا جذريا عن قــراءات غيره، حيث أصبح الـنص الشعري النـواسي يماهي ويماثــــل التجربة الصوفية القائمة على الـــمطلق واللازمن واللا مرئي و اللاملموس،فالخمر في النص النواسي أصبحت تجربة حياته يكتشف مـن خلالها الشاعر ذاتـه كما يكشف العالم فهي ليست ،" ينبوع تغير، وإنما هي كذلك ينبوع تغيير إنها تمنح شاربها قوة السيطرة على الـزمن و هـــي تبدل القيم في العالـــم و تغـير أجل الحياة" .
    أما أبـــو تـــمام فقد استطاع أن يخـلق لغة جديدة تتسامى عن لغة عصره،أرجع لها إشعاعها وعـــــذريتها الــــمفقودة،وصبغها بـــصبغة الـــغموض الشفافة التي تــــــمنح الـنـــص أبعادا دلالية ومعـنوية،مختلفة لا متناهية تساهم في خلود النص و بقائه، كهرم قابع في وجه الزمن " لـــــقد أبدع أبو تمام لغة جديدة تغاير لغـة الحياة الشعرية السائدة".
    ومن هنا فإن حداثة أدو نيس تتعالى عن المألوف و تؤســس للمختـلف، تسعى للـــحرية وتنقاد نــحو اللاشكل. ترفض الواقع المألوف لتجسد واقعا مثاليا أساسه الخرق و المغايرة.نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  2. #2
    شاعر
    نائب المدير العام
    الصورة الرمزية عبدالله بن بريك
    تاريخ التسجيل
    18/07/2010
    العمر
    62
    المشاركات
    3,040
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: أدونيس الحداثة بين المغايرة و الخرق

    جزيل الشكر على هذه المقالة المركزة حول شعر أدونيس
    و علاقته بالتقليديّ و المستحدث.
    تحيتي و احترامي ،أستاذة "نصيرة مصابحية "

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •