تصويبات لغوية – الجزء الرابع
د. تيسير الناشف

أحيانا تضم الجملة فعلين، أولهما لازم يلحقه حرف جر مناسب وثانيهما متعد تعديا مباشرا. في هذه الحالة لا يصح عطف الفعلين الواحد على الآخر مباشرة. على سبيل المثال، لا يصح القول: أكل الحصانُ، وداس على، العشب. في مثل هذه الحالة يجب إيراد المفعول به، وهو العشب، بعد الحصان ثم عطف الفعل الثاني يلحقه حرف الجر المناسب منتهيا بضمير الاسم (في هذه الحالة "العشب"). يجب القول، على سبيل المثال: أكل الحصانُ العشبَ وداس عليه. وإليكم مثالا آخر: ليس من الصحيح القول: شاهد الطلابُ وشاركوا في الموكب. الصحيح هو: شاهد الطلابُ الموكبَ وشاركوا فيه.
وفي بعض الحالات يكون الفعل متعديا تعديا مباشرا ودون أن يلحقه حرف الجر، مثلا: قَبِلَ سعيد وقودا. وأحيانا يكون الفعل نفسه متعديا على نحو غير مباشر، ويكون حر الجر الباء لاحقا به (ويسمى حرف الجر ذلك باء التعدية، أي الباء الذي يجعل الفعل متعديا على نحو غير مباشر). على سبيل المثال: قَبِلَ سعيد بالهدية.
هذه السمة النحوية توفر المرونة التي تيسر استعمال الأفعال في حالة عطف بعضها على بعض. في هذه الحالة يمكن للكاتب أن يأتي بفعلين متعديين تعديا مباشرا أو أن يأتي بفعلين متعديين بالتعدية غير المباشرة بباء التعدية. على سبيل المثال يمكن القول: قبلتُ وآمنتُ بالفكرة أو تذكرتُ وقبلتُ الفكرةَ. وهاكم مثالا آخر: دخلت وشاهدت دمشق الخالدة، ودخلت وتمشيت في مدينة القدس الخالدة. وذلك ينطبق على جمل ترد فيها ثلاثة أفعال أو أكثر.
وفي اللغة الإنكليزية، على سبيل المثال، يجيز الأسلوب إيراد فعلين، أو أكثرمن فعلين، يلحقهما حرفا جر مختلفان الواحد منهما عن الآخر، يكونان متجاورين في نفس الجملة. على سبيل المثال يجوز القول:
The committee agreed on, and approved of, the report.
وينبغي أن تكون الترجمة إلى اللغة العربية كما يلي: اللجنة وافقت على التقرير وأقرته (وليس من الصحيح أن تكون الترجمة: اللجنة وافقت على، وأقرت، التقرير).
أوزان الأفعال
يوجد في اللغة العربية أوزان أفعال، وأوزان الأفعال العشرة التالية هي الأكثر شيوعا واستعمالا: فَعَلَ، فَعَّلَ، فاعَلَ، أَفْعَلَ، تَفَعَّلَ، تَفاعَلَ، إِنْفَعَلَ، إفْتَعَلَ، إفْعَلَّ، إسْتَفْعَلَ. وجميع أوزان الأفعال هذه وغيرها تُرَدّ إلى وزن الفعل فَعَلَ. وهو فعل ماض ثلاثي مجرد. وأغلبية أوزان الأفعال مشتقة من الفعل الثلاثي المجرد.
وكلمة مِحور أو كلمة مَرْكز مصدر ميمي وزنه مِفْعَل أو مَفْعَل. والفعل الثلاثي المجرد لـ"محور" هو حور، والفعل الثلاثي المجرد لـ"مركز" هو ركز. وليس من الصحيح، كما يفعل مع الأسف بعض المتكلمين والكتاب، اشتقاق "تمحور" أو "تمركز" من محور أو مركز، وذلك لأنه لا يوجد فعل ثلاثي على صيغة "تمحور" أو "تمركز" أو كلمات أخرى من هذا القبيل. لا تشتمل كل أوزان الفعل على حرم الميم باعتباره حرفا أصليا أو مضافا إلى الفعل الثلاثي المجرد أو الفعل الذي أضيف إليه حرف أو حرفان أو ثلاثة. من أجل التعبير عن معنى الفعل الماضي من أفعال من هذا القبيل يمكن استعمال الصيغ التالية: اتخذت اليابان المحيط الهادئ محورا لسياستها الخارجية، تركزت القوات البرية على الجبال، اتخذت أفريقيا القاهرة مركزا (مصدر ميمي) لنشاطها الثقافي.
ومن الجدير بالذكر وزن الفعل التالي لأنه فعل مجرد رباعي: فَعْلَلَ: دَحْرَجَ.
In other words
الترجمة العربية لهذه العبارة هي "بعبارة أخرى"، ومن الخطأ ترجمتها بـ "بمعنى آخر"، فالمعنى المقصود هو نفس المعنى ولكن اللفظ أو العبارة مختلفة.
قواعد تحكم استعمال "بعض"
ينبغي القول، على سبيل المثال، واجه الفارسان بعضُهما بعضا. وفي هذه الحالة تكون كلمة "الفارسان" مبدلا عنه، وتكون عبارة "بعضهما" بدلا جزئيا. ويمكن القول: واجه بعضُ الفارسين بعضا.
وينبغي القول: زار الناسُ بعضُهم بعضا، أو: زار بعضُ الناس بعضا. ومن الخطأ القول: زار الناسُ لبعضهم بعضا أو: زار الناسُ لبعضهم البعض.
وينبغي القول: ذهبت الفتياتُ بعضُهن إلى بعض، أو: ذهبت بعض الفتيات إلى بعض.
وينبغي القول: بالجهالة أضعف الغافلون بعضُهم بعضا، أو: أضعف بعضُ الغافلين بعضا.
وستكون لنا عودة إلى هذا الموضوع بمزيد من التفصيل.
استعمال خاطئ لكلمة "هناك"
من غير السليم الاستعمال اللغوي التالي: لأن هناك مرحلة ثانية من التصويبات سأجتازها وقت الطباعة. والعبارة الصحيحة هي: لأنني سأجتاز مرحلة ثانية من التصويبات وقت الطباعة. وذلك لأن المرحلة الثانية غير موجودة ما دامت غير مجتازة.
وعلى نفس المنوال، من الخطأ القول: هناك كتاب آخر سيعدّه الباحث. والصحيح هو: سيُعدّ الباحث كتابا آخر. وذلك لأن الكتاب الذي لم يعدّ ليس موجودا.