أما بعد،
فما فعلَتْ عَواتِكُ اليرموك ووِلدانه؟ وأيّ حرب هذه التي لا تبقي ولا تذر؟ أيّ قتال هذا الذي لا يَميز حجرا من شجر؟ يذوب القلب من كمد إذ يرى أرض الشام وقد تلظَّتْ، وما أحسب سماءها إلا تكاد تميّز من الغيظ. ويل لك أيها الخِبُّ الحقير! أما ترى مُلكك يضيق وما كان رحبا؟ كيف والملك لله الواحد القهار؟ أما ترى أنك إلى ذلٍّ وصَغار؟ فإلام التّعاشي أيا قاصمة الدهر؟ هؤلاء أشياعك يفرّون ذات اليمين وذات الشمال. وانظرْ كرّ فيالقِ الحق وأنتم إلى فرّ وخذلان! ولكنْ سُكِّرت أبصاركم. قد بطل سحرك وزال زِيانك، وها أنت ترى الزحف المبارك تحفّه الملائكة وتغشاه الرحمة، وجُندك إلى تولٍّ واندحار. ألا سُحقا سحقا!
أتى عليكم حين من الدهر غرّتكم فيه شوكتكم وعدّتكم، ونسيَ مَلؤُك الذين ما علموا إلهاً غيرك أنّ الأمر بيد الله يُقلّبه كيف يشاء، وأن الأيام دُول، وما كنتم تضرعون كِفاء، أو تصرعون أندادا، وإنما ألْوَيتُم بالمستضعفين بغير حق إلا أن يقولوا متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟
هو نَزْعُك لا تُخطئه العين، فلا خفّف الله عليك السّكرات! ولا قبضك إليه إلاّ ممزَّعَ الأوصال! وأيّ العالَمين يحزن لِغَيبتك؟ وأيّ الخلق يسوؤه فِراقك؟ فإلى الجحيم أيها الثاوي المُبرِم! وربَّ ثاوٍ يُمَلُّ منه الثَّواء.
والسلام على من اتبع الهدى
5 صفر 1434ه
18 دجنبر 2012م