آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الخوف من المستقبل خطأ في التفكير ؟ أم غفلة عن الإيمان ؟

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية فؤاد عزام
    تاريخ التسجيل
    15/08/2009
    المشاركات
    167
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي الخوف من المستقبل خطأ في التفكير ؟ أم غفلة عن الإيمان ؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أصبح الخوف من المستقبل مشكلة نفسية عند الكثرة الغالبة من الناس , ومن صوره وتجلياته المتعددة : الإحساس الدائم بالقلق , وعدم الرضا بالواقع , والتفكير الحائر في الغد , وتقلبات النفس في الحالات المتناقضة في آن واحد , فهذا الخائف فرح حزين راض معترض صحيح مريض , مكر مفر , مقبل مدبر معا , ومن تجلياته كذلك توقع ما هو أسوأ دائما واعتبار هذا التوقع حقيقة لا مفر منها , ومن ثم اتخاذ القرارات النفسية المناسبة لهذا التوقع , وهذه القرارات والقناعات القائمة على هذا التوقع تصيب النفس بوابل من القلاقل والمشاكل وليت الأمر اقتصر على الفرد وحده ولكنه يمس من يعيش معه من أهل فإن لم يصبهم وابل فطل .
    مثال هذا : الشاب الأعزب الذي يريد العفاف بالزواج , ولم يستطع الباءة المالية بعد , فهو قابع بين قلمه وورقته , يفكر ويقدر... ما عدد آلاف الجنيهات التي يحتاجها لزواج كريم , ويراوح بين دخله وتوفيره فيجد أنه يحتاج لبلوغ هدفه خمسا وسبعين سنة فوق الخمس والعشرين التي قضاها من عمره , وطبعا عندها (إنعاش) سيرد إلى أرذل العمر ولن يكون له في حواء حاجة , وهي أيضا لن يكون لها فيه حاجة , وبناء على هذا التفكير يجد أن المستقبل كهف من الظلمات الحالكات ليس فيه طاقة نور ولا منفذ نسيم , فيخاف من المستقبل ويمتلئ منه رعبا ؛ فيكتـئب ويحزن ويقابل الدنيا وأهلها بوجه من الرفض المطلق .
    وهذه الأخت الكريمة التي لم يقدر لها أن تجد الزوج الصالح حتى تقدم بها السن قليلا كيف تفكر في مستقبلها ؟
    إنها دائما تطل على المستقبل من نافذة الحاضر , فلن يكون اليوم القادم بأحسن حالا من الماضي ولا الحاضر , وحتما سأبقى وحدي في هذا البيت الذي أعيش فيه شبه أسيرة لأبوي وزوجات إخوتي , وربما أدخل الآخرة قبل أن أعرف الدنيا , هكذا تظن , وبناء عليه ترفض كل شيء , وتسوء معاملتها لمن حولها جميعا , وترفض الزينة التي خص الله بها من ينشأ في الحلية , وهنَّ النساء - وتفضل الزهد في غير موضعه , وربما تعاني من الاكتئـاب وما يستتبعه من أمراض عضوية لا يدرى ما سببها .
    وهذا الأخ الذي أنعم الله عليه بالعمل في وظيفة ما – داخل بلده أو خارجها - , ولكنه يشعر أنه غير مستريح , إنه يرى أحوالا معوجة , ومسالك لا ترضي الله , ولا يستطيع أن ينكر , وليس بطلا من أبطال الإنسانية الذين يحدثنا عنهم التاريخ ليمتلك قوة السباحة ضد التيار ,ويأبى التحكم الظالم للنفس في النفس , فيرى أن هذه الفتن كالليل إذا يغشى لا مفر منه ولا إسفار له , ومن ذا الذي يستطيع أن يقتلع هؤلاء الجبابرة الذين يضادون الله في ملكه , ويبارزونه في سلطانه ؟ .
    , ويقع صاحبنا في حال من البؤس النفسي تهيئ له أن هذه نهاية المطاف , ومرسى السفينة فيتألم من المستقبل الذي سوف يستمر على هذه الحال البغيضة , ويتعب ويمرض ويشفى ثم يفكر تارة أخرى مع كل حادث وموقف فيعود سقيما , ويبيت سليما [أي لديغا] , وهكذا تتقاذفه الأحوال النفسية السلبية كما يتقاذف اللاعبون الكرة فتظهر على محياه أمارات الشيخوخة وهو لا يزال في نضرة الشباب وغضاضة الإهاب , ويفكر في الموت مع أن سنه وعضلاته لا يزالان يغنيان للحياة ويغازلان مواطن الجمال ...الله يجازي من كان السبب ..... الولد شاب قبل دخول الكتاب !!!.
    ولا أريد الإسهاب في ذكر الأمثلة وعرض النماذج ويكفي أن نعرف أن العامل المشترك بين هؤلاء جميعا هو الخوف من المستقبل بناء على خبرات الماضي وشواهد الحاضر اللحظي أو اليومي .
    والسؤال الآن : هل هؤلاء الخائفون محقون في خوفهم أم لا ؟
    هناك شرط واحد ليكون معهم حق , هو شرط العلم , أي أن تكون معهم الحقيقة القائمة على الدليل والبرهان وليس الظن والتخمين , وهذا شيء نتعلمه من القرآن الكريم وهو يزرع فينا هذا اللون من التفكير العلمي قال تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:259) والشاهد قوله تعالى ( فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فهو لم يقل( أعلم ) إلا (بعد أن تبين له ) فبعد أن شاهد الحقيقة بعينه ولاحظها في كل مراحل تطورها خرج بالنتيجة ووصل إلى العلم الحقيقي .
    وقال تعالى يخاطب الذين يشركون به غيره (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الاحقاف:4) والشاهد أنه سبحانه يطالب المشركين بالدليل العلمي على شركهم ليكونوا صادقين فإن لم يأتوا بالعلم فهم كاذبون .
    وقال تعالى يخاطب الذين يكفرون باليوم الآخر ويزعمون أن الملائكة إناث وأنهم بنات الله – سبحانه وتعالى علوا كبيرا - ( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (النجم 27, 28) والشاهد أن الله تعالى يطالبهم بالدليل العلمي على زعمهم ويبين أن هذا الزعم غير صحيح لأنه قائم على الظن , والظن تخيل وليس حقيقة وشتان بين الأرض والسماء .
    وهناك آيات كثيرة جدا تؤكد على مفهوم ( العلم والدليل والبرهان والحجة ) ليس هنا كمجال حصرها . ونعود إلى أصحابنا الخائفين من مستقبلهم , الحانقين على واقعهم , ولتسألهم : هل خوفكم من المستقبل بناء على أحوال الماضي ووقائع الحاضر يقوم على العلم والدليل أم على الظن والتخمين ؟
    هل لديكم أدلة مؤكدة على أن الزمن لن يتغير , وأن الأحوال نفسها التي تعيشونها الآن سوف تثبت على ما هي عليه , وأن الأشخاص الذين ترونهم سيظلون كما هم , وبعبارة أخرى أن الزمن بكل محتوياته سيظل واقفا دون تغيير ؟ إن كنتم بذلك موقنين فأنتم تدعون الألوهية غير عالمين !! ومن ذ الذي أحاط علما بالماضي والحاضر والمستقبل إلا الله تعالى ؟.
    ألم يقل شاعركم :
    آه لو ملكت تصريف الزمن
    كيفما أهوى وأنى أرغب
    لرجعت الدهر للماضي إذن
    فإذا بي حيث كنا نلعب
    ألا ترونه يعبر عن عجزه في تصريف أحوال الزمن ؟
    وبهذا المنطق العقلاني القرآني يُخاطب الشاب الذي ضُرب مثلا أول الكلام الشاب الذي يريد العفاف والزواج ويحسبها بالقلم والورقة حتى ينفذ صبر القلب مع حبر القلم ويتوقع مستقبلا بلا أنثى هل بنى حكمه هذا على يقين من كون الزمن لن يتغير , هل سيظل دخله هو هو ؟ هل سيظل يعمل عمله نفسه ولن يزيد عليه شيئا ؟ هل تأكد من بقائه في بلده دون انتقال أو سفر - ومن أجدب انتجع كما قالت العرب – هل تأكد من أن ربه تعالى لن ييسر له الأمر بغير حساب القلم والورقة ؟
    كان عليه أن يفكر في هذه الأمور تفكيرا إيجابيا وأن يفكر في الطرق التي يحل بها مشكلته وأن يبدأ المحاولة والتنفيذ ولا ييأس من رحمة الله أبدا ولكل مجتهد نصيب والنصر مع الصبر وهذه سنة كونية ثابتة لا تتغير , أليس هذا خيرا من الخوف المَرَضيِّ والتوقع السلبي الذي يشل حركته ويلقيه إلى الأرض بدلا من أن يرتفع به إلى السماء ؟
    وهذه الأخت الكريمة التي لم تجد الزوج الصالح بعد , وتوقعت أن الدنيا وقفت عندها وأن الحياة ليس لها وجه آخر إلا هذا الوجه العابس , هل يقوم حكمها على مستقبل الحياة على علم أم ظن ؟ هل ملأت يديها من تصاريف القدر ؟ هل تأكدت أن الله تعالى كتب في صحيفتها أنها هكذا تعيش وهكذا تموت ؟ هل عندها دليل على أن ابن الحلال لن يطرق الآن ويدخل ويطير بها إلى عشه دون أن يكلفها وأهلها شيئا كما حدث لغيرها ؟ هل عندها دليل على أن الفرج الإلهي توقف عن العمل ؟ ليس عندها دليل وهذه ظنون من وحي الشيطان الذي يريد أن يدمر حياتها وأولى لها ثم أولى أن تفتش في حالها وتحسن من وضعها وتتفاءل إلى ما لا نهاية فمن تفاءل بالخير وجده , وألا تكف عن الضراعة إلى الحكيم العليم الرحيم فالدعاء في ذاته عبادة تؤجر عليها وكم فرج من كربة وأخرج من أزمة .
    والأخ الكريم الموظف – في بلده أو في سفره – الذي ملأ الدنيا نواحا من تحكم الجبابرة , وشكاية من ظلم القياصرة , وتوقع مستقبلا مظلما وأوقع تفكيره السلبي في وحل الخبال فلا يكاد يقف حتى ينزلق هل عنده دليل على أن هذا الجبار الذي يغضب الله فيما ولاه من سلطة ومنصب سيظل على هذه الحال لن يتغير لسنين وسنين وهل تأكد أنه ثابت في مكانه بكل صحته وكامل عنفوانه ؟ هل تيقن أن الله لن يغير حاله بين طرفة وانتباهة بالهداية أو يأخذه أخذ عزيز مقتدر , هل تأكد صاحبنا هذا أنه سيظل في هذا العمل كما هو في المكان نفسه دون تغير أو انتقال ؟ هل تأكد من كونه سيمتد به العمر في هذا الجو الكالح ؟ هل ضمن عمره ليأخذ النفس الذي أخرجه حتى يحزن على ما لم يحدث بعد ؟ .
    لكل هؤلاء يقال لا يحق لكم من وجهة نظر علمية بحتة أن تحزنوا على ما لم تتأكدوا من حتمية وقوعه , أنت لستم آلهة – ولا إله إلا الله - حتى تزعموا العلم بما يحدث في المستقبل وتحزنوا عليه وكـأنه حدث بالفعل وكل ما عليكم هو انتظاره !! هل أنزل الله عليكم جبريل فأخبركم بمستقبلكم حتى تكونوا على هذا القدر من اليقين ؟ اتقوا الله في أنفسكم وانشغلوا بواجباتكم في المرحلة التي تعيشونها وتوقعوا الخير واسألوا الله العافية .
    أنتم لم تكتفوا بالخطأ في التفكير حتى أضفتم إليه الغفلة عن إيمانكم بالله وكتابه.
    إن الكفار من أهل مكة توقعوا أنهم إن آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ودخلوا الإسلام سيكون مستقبلهم خرابا لأن العرب ستجتمع عليهم فتأكلهم وتمحوهم من سجل الوجود فبين الله تعالى أن توقعهم هذا باطل لا يقوم على العلم ولكن على الظن , وبين لهم إمكاناتهم الحقيقية ونعمه التي أنعم بها عليهم فهو تعالى جعلهم أهل الحرم الآمن والناس جميعا يدينون لهم بالولاء ويقرون لهم يالريادة والرئاسة ويأتيهم رزقهم رغدا من كل مكان وبناء على شواهد هذا الحاضر كان عليهم أن يتوقعوا أنهم إن أسلموا تبعهم العرب فيكون توقعهم سليما قال تعالى : ( وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (القصص:57) فعلى متوقِّع السوء ألا يشغل نفسه بالتوقع السلبي وأن يبحث عن إمكانياته المعطلة فيستغلها بكل جهده وطاقته ثم يتوقع الخير ويأمل في رحمة الله وسيجد من الراحة النفسية ما لا يقدره إلا هو ..
    أيها الخائفون لقد نسيتم أن هناك منظومة إيمانية إيجابية تحصنكم ضد التوقعات السلبية وآثارها النفسية السيئة ولكنكم غفلتم عنها .
    ألم يخبركم الله تعالى أنه لن يصيبكم إلا ما كتبه الله لكم وأمركم في الوقت ذاته باتخاذ الحركة الإيجابية بأن تعملوا وتتوكلوا عليه دون توكل أو احتجاج بأن هذا ( مكتوب ) عليكم و لا مفر منه قال تعالى ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (التوبة:51) فالآية الكريمة تؤكد للمسلم أنه لن تصيبه مصيبة إلا إذا كان الله كتبها ( له) وإرادة الله للعبد خير في كل أحواله , ولكن ليحذر أن يشغل نفسه بتوقع المصيبة التي لم تحدث بعد وعليه أن يعمل واجبه في مرحلته هذه متوكلا عليه الله فجمعت الآية بين الرضا بقضاء الله وبين العمل والتوكل على الله في الوقت ذاته . هذا ما غفل عنه الخائفون ... غفلوا عن أن ما سيصيبهم – إن كان – بقدر الله وعليهم الرضا به , وغفلوا أن واجبهم أن تكون هذه العقيدة دافعا إلى مزيد من الجهد والتوكل على الله دون خوف أو وجل , فأصابتهم هذه الغفلة بالشلل الفكري والتأزم النفسي .
    والمعنى ذاته في قوله تعالى (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ( التغابن 11, 12, 13)
    وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الخطأ الذي قع فيه الكثيرون خطأ التوقع السلبي بناء على الظنون غير العلمية مثل التشاؤم فقد كان صلى الله عليه وسلم يكرهه ويحب التفاؤل بالخير من باب حسن الظن بالله تعالى . جاء في نوادر الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ج1/ص305
    ((الأصل الثالث والستون - في أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل الحسن
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا بعثتم إلي رسولا فاجعلوه حسن الوجه حسن الاسم "
    هذا من طريق التفاؤل وذلك أن أهل اليقظة والانتباه يرون الأشياء كلها من الله تعالى وإذا ورد وارد حسن الوجه حسن الاسم تفاءل به وهو حسن الظن بالله تعالى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطيَّر لأن التفاؤل هو حسن الظن بالله تعالى .... فمن أعطي حظا من التفاؤل انتفع به كمن أعطي الفراسة فله منها حظ ومن لم يعط لم يكن له منها حظ والفأل قريب من الأركان والحظ نحوه )).
    والطيرة معناها التشاؤم باتجاه طيران الطير إن كان يمينا فخير وإن كان يسارا فشر , وكان العرب إذا أراد أحدهم سفرا – مثلا – أطار طيرا وزجره وينظر إلي اتجاهه فإن طار يمينا تفاءل ومضى وإن طار شمالا تشاءم وقعد , وهذا توقع سلبي مبني على الظن ولهذا نهى عنه الإسلام .
    وكذلك كل توقع سلبي للمستقبل يقوم على الظن السيئ مثل توقع المنجم والكاهن الذي يزعم أم يعلم الغيب المستقبل ويعطي للمغفلين توقعاته الخائبة فيتخذون قراراتهم بناء عليها , ولذا كان الوعيد فيه شديدا فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : من أتى كاهنا فسأله وصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد عليه السلام .مصنف عبد الرزاق ج11/ص210.
    ومع الفارق طبعا بين الكاهن وبين أصحاب التوقعات السلبية الخائفين من المستقبل إلا أن المسألة واحدة بين هذا الدجال وبين أصحاب النظارات السوداء هي توقع المستقبل بناء على الظنون والأوهام والخيالات واتخاذ القرارات التي تؤثر في سير الحياة وعلى الصحة النفسية بناء على ذلك .
    أخي العزيز .. أختي العزيزة .
    اتقوا الله في أنفسكم .
    كفاكم حزنا ...كفاكم رعبا .. كفاكم تشاؤما .
    أتعبتم أنفسكم ......أرهقتم من حولكم .
    هل تظنون أنكم آلهة تملكون تصريف الزمن ؟.
    إن كنتم كذلك فتحكموا في صحتكم وتحكموا في أعماركم .
    أوقفوا الشمس ... أطفئوا القمر ...
    وإن لم تكونوا كذلك فانشغلوا بواجباتكم ... وأحسنوا التخطيط لمستقبلكم وتوكلوا على الله .
    وتذكروا أن كنتم أجنة في بطون أمهاتكم فأطفالا فشبابا ولن يتوقف بكم الزمن عند هذه المرحلة كما لم يتوقف في المراحل السابقة . لقد أخطأتم في التفكير وغفلتم عن الإيمان .
    تفاءلوا بالخير تجدوه .
    وأذكركم بما يجب أن يحمل همه فعلا , ويصوره لنا ابن اعطاء الله رحمة الله عليه تصويرا يدل على سمو رسالة المسلم في الحياة :
    (( كفي بك جهلا أن تعول الهم الصغير , وتترك الهم الكبير
    على هم هل تموت مسلما أو كافرا
    على هم هل أنت شقي أم سعيد
    على هم النار الموصوفة بالأبدية التي لا انتهاء لها
    على هم أخذ الكتاب باليمين أو الشمال
    هذا هو الهم الذي يعال )) تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس ص 40.
    والآن ...... لا أحب أن أودعكم إلا وأنتم باسمين ... فتبسموا يُسْعِدْكم الله ..
    تمنياتي بالسعادة والتوفيق


  2. #2
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: الخوف من المستقبل خطأ في التفكير ؟ أم غفلة عن الإيمان ؟

    ولما تودعنا ؟!

    قلمك قيم وطرحك جميل جدا أستاذ فؤاد
    فالقلوب المليئة ثقة بالله تعالى وحسن ظن به لن تخشى من المستقبل فالغيب لا يعلمه إلا الله تعالى
    وماهو مقدر مكتوب ، حتى الشدائد التي تمر بالعبد هي في حقيقتها هبات ومنح ..
    فلا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون
    ومن الأدب مع الله جل وعلا الثقة وحسن الظن به ..
    تقبل مروري المتواضع أستاذي الكريم
    تقديري ~

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية فؤاد عزام
    تاريخ التسجيل
    15/08/2009
    المشاركات
    167
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: الخوف من المستقبل خطأ في التفكير ؟ أم غفلة عن الإيمان ؟

    شكرا للأستاذة الفاضلة سميرة رعبوب
    وصدقت في قولك كل ما يصيب العبد هبات ومنح
    ولك أن تلحظي التعبير القرآني (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) وفرق بين لنا وعلينا
    فمن نظر بعين الرضا وجد أن كل ما يصيبه هو (له)لا عليه .
    جزاك الله خيرا


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •