بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين الهادي إلى الحق وإلى صراط الله المستقيم سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه ومن دعا بدعوته واتبع سنته إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين .

وبعد . . . .

فإن الإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الإسلام ، تلك التي نراها ونسمعها بين الحين والحين ، من بعض الضالين والمغضوب عليهم والكافرين ، ممن أظلمت أبصارهم وبصائرهم ، ليست بجديدة أو حديثة ، بل هي قديمة قدم الإسلام ، منذ أن جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر ربه سبحانه وتعالى .

بل يمكن القول إن الإساءة في حد ذاتها قد تعدت شخصه صلى الله عليه وسلم إلى أبعد من ذلك ، فوصلت إلى ذات الله سبحانه وتعالى .

اقرأ ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تعالى في الحديث القدسي إذ يقول :

" شتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ، وكذبني وما ينبغي له أن يكذبني ، أما شتمه إياي فقوله : إن لي ولدا ، وأنا الله الواحد الأحد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد ، وأما تكذيبه إياي فقوله : ليس يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته "
رواه أحمد والنسائي والبخاري في صحيحه .

وأما الإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد سجلها التاريخ بين صفحاته ،،
إذ كانت من الكافرين حينذاك سافرة واضحة ، استهزاء وسخرية وعداء ومقاطعة ،،،،
ووصل الأمر إلى القتال والمواجهة بآلات الحرب .

وإذن فالأمر ليس جديدا مستحدثا ، بل هو كما ــ قلنا ــ متجدد بين الحين والحين ، ولايزال ،، ما بقيت الدنيا ، وما بقى الخير والشر ، وما بقى مؤمن وكافر ،

لذلك فإن خطابنا يتوجه إلى شقين :

أما الشق الأول ،، فهو إلى إخواني المؤمنين ، من يدينون بلا إله إلا الله محمد رسول الله في كل بقاع الأرض .

بداية ،،،،،،، يهمنا أن نقرر أن المسلم الحق في أقرب تعريف له هو ذلك الشخص صاحب السلوك القويم والخلق الكريم والفكر السليم ، من يجسد التوحيد الخالص الذي بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه ، متبعا لشريعته وسنته إيمانا واحتسابا ، عقيدة لا لبس فيها ودعوة لله رب العالمين .
ثم . . . إنها لفرصة سانحة لتجديد تطبيقنا نحو تربية وتعليم أولادنا الدروس والعبر من مثل هذه الهجمات ،،،،،
( أسبابها منا ومنهم ، ثم علاجها منا ، بنهج محكم مثمر ) .
فأسبابها منا ، لا تخرج عن تقصيرنا في تطبيق شريعتنا إفراطا وتفريطا ، ولن يغير الله تعالى ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
وأسبابها منهم ، لا تخرج عن كفرهم وضلالهم ، مع تقدمهم وتأخرنا ، وهجومهم غرورا وغطرسة ، ودفاعنا تأخرا وضعفا وخذلانا .
حقائق واقعة ، لا محيص عن الاعتراف بها وتصحيحها ، ما دام في الجسد قلب يخفق ، ونفس يتردد .

إن مواجهة الآخر لها أكثر من باب ،،،
لعل منها أن هؤلاء الذين نراهم أمامنا ،، منهم المضلون الفجرة ، الكافرون الغَدَرَة ، ( أئمتهم وصناديدهم ) ،
ومنهم المضللون المغترون المنقادون لأئمتهم وصناديدهم .
وهؤلاء وهؤلاء ــ قلة وكثرة ــ علينا مواجهتهم ،، كلا حسب موقعه من ضلال وغي .

فأنت حين تناظر صنديدا مضلا ، تأتي ببيان تدحض به قوله وإضلاله ،،،
وحين تخاطب مضللا منقادا ، بيانك تجاهه يغاير بيانك الأول .

وعلى اعتبار أن من ليس معنا نطلق عليه لفظ الآخر ،،
فإن هؤلاء وهؤلاء باب يمثل أحد وجهي الآخر .

أما الوجه الثاني من الآخر ، فلا يقل أهمية عن سابقه ،،،
ونقصد به الناشئة من أولادهم ، الذين يربونهم على كراهيتنا ، حقدا وضلالا وإضلالا ، فينفثون في عقولهم سمومهم ،،،،،
وحينئذ أنت في منافسة عظيمة .
إما أن ينتصر آباؤهم وصناديدهم المضلون ، فينجحون في تنشئة الناشئة مثلهم ، وعلى معتقداتهم وقواعدهم وسياساتهم ،،،
وكلها تخالفك وتقاومك ،،،،
وإما أن تنجح أنت في أن تبذر فيهم بذورا منطقية تدعوهم إلى قبولك ، وقبول فكرك ومعتقدك ، ولو بعين محايدة ،،،
فإذا سنحت سانحة ــ قريبا بإذن الله ــ فلن تجد تعصبا مقيتا ، أو رفضا تاما ، أو انغلاقا كاملا ، ومن ثم عداءا سافرا ،،،
بل قد تبصر الأعين ، وتنجلي السحب ، ويزال الران من على القلوب ، وتكون هداية من رب العالمين ،،،
وما ذلك على الله بعسير .
" فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام " الأنعام 125.

جهود لا بد لها من تخطيط محكم ، وتنفيذ مخلص تقوم عليه ، والإمكانات لذلك على مستوى العالم الإسلامي الممتد كثيرة ومتنوعة ، ولكن يعوزها الترتيب والتوظيف والتنظيم ، وتنويع المواقع ، وتوزيع الأدوار .

إن نشر الفكر الإسلامي في أرض غير إسلامية ، له ضوابطه وأصوله في ظل ظروفه ومتطلباته ، فضلا عن تنظيمه وتنفيذه .
فيا أخي المسلم المؤمن ،،،
أنت تعلم كيفية الانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرة دينه وشريعته والدعوة إليها ، إيمانا ويقينا واحتسابا لوجه الله رب السموات والأراضين .
ابدأ بنفسك ، فلن يغير الله ما بك حتى تغير ما بها ، لن تعدم الكيفية ، ولن تضل الطريق ،،،
ابدأ مخلصا نيتك ، وإنه سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملا .
إن الكلام المفترض توجيهه إليك لا يخفى عليك ،،،
ولا أدق ولا أصدق ولا أبلغ من مصحفك الذي في بيتك ، ارجع إليه ، وكفى به هاديا مرشدا ، وكفى به نصيرا .

ومن الجدير بالذكر ــ فى مقامى هذا ــ أننى صنفت بعون الله وتوفيقه مصنفا بعنوان ( هذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،، يا أيها الآخر ،، ) توخيت فيه توجيه خطاب موضوعى هادف إلى عقل هذا الآخر ،،
ذلك الذى امتلأ حقدا وكراهية لأسباب كثيرة متراكمة ،،
لعل منها رضاعه منذ صغره كراهية الإسلام ونبى الإسلام والمسلمين ،، بكل الوسائل الممكنة ،،وهى كثيرة ومتنوعة ،،

ولأنه ( أى الآخر ) فى جل وقته جبل على القراءة ،، وكأن { اقرأ } ما نزلت إلا لهم من دوننا ،،
ولأنه ( أى الآخر ) لايقرأ إلا ما تسطره أيدى الضالين المضلين ،،
ولأنه ( أى الآخر ) لايرى إلا الأمثلة المتردية من سلوك بعض المسلمين ،،،
وهى وإن كانت قليلة أو ضئيلة أو شاذة ،، إلا أنها تصور له مكبرة مضخمة ،، وإن شئت فقل معملقة ،،،
ثم إنها ترسل إليه على أنها تمثل حقيقة الإسلام والمسلمين ،،
ومع أن الإسلام منها براء ،، إلا أنه ( أى الآخر ) قد يقوم له بعض العذر،، لاسيما وأنه ــ بأفاعيل المضلين ــ لايرى ،، ولا يسمع ،، ولا يقرأ غير ذلك ،،
والأمر الأخطر أن كثيرا من أقلام المسلمين صارت فى جلها أقلام ردّ تهم ودفع شبهات ومزاعم وتخرصات ،،،
وكأنها تقوقعت فى خندق الدفاع .

ومع أن هذا النهج لاغبار عليه مطلقا ،، بل قد يكون الأولى فى بعض الأحيان ،،
إلا أنه من الضرورى اللازم أن تنتهج هذه الأقلام نهج التعريف الصحيح الموضوعى بالإسلام ورسالته ،، وبنفس القدر والمقدار ، فى الأحيان الأخرى ،، حتى لانترك الساحة خالية لتلك العقول ــ فضلا عن القلوب ــ التى تغذوها العداوة والكراهية لدين الله تعالى ،،