( فى رحاب التابعين رضي الله عنهم وأرضاهم )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين ، سيدنا ونبينا محمد وعلي آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم علي ملته وسنته أجمعين إلي يوم يقوم الناس فيه لرب العالمين .
وبعد
ففي تعريف التابعي قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالي :
( التابعي من صحب صحابيا ، ولا يكتفي فيه بمجرد اللقى ، بخلاف الصحابي مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه يكتفي فيه بذلك لشرف النبي صلى الله عليه وسلم وعلو منزلته ، فالاجتماع به يؤثر في النور القلبي أضعاف ما يؤثره الإجتماع الطويل بالصحابي وغيره من الأخيار ) .
وقد مدحهم الله تعالى في القرآن الكريم كما مدح الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ،
قال تعالى :
{ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم } . التوبة 100 .
ومدحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه عمران بن حصين رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ،،،]
قال عمران : فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا ] . رواه البخاري
وكان الصحابة رضي الله عنهم قد تفرقوا في الأمصار ، وبرز في كل بلد واحد منهم أو أكثر ، والتف حولهم كثير من التابعين ، يأخذون عنهم القرآن الكريم ويروون الحديث النبوي الشريف فيما أخذوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وعمد كثير من التابعين إلى التنقل في البلاد طلبا للعلم ورواية الحديث عن بعض الصحابة في كثير من البلاد ، فنهلوا وارتووا ، فكانوا بذلك حلقة مهمة محكمة بين جيل الصحابة وبين جيل أئمة المذاهب ومن بعدهم .

وقد تتبع كثير من الأئمة والحُفاظ هؤلاء التابعين ، فصنفوهم في طبقات ،،
عدها الحافظ الحاكم النيسابوري خمس عشرة طبقة ، وعرفهم الإمام السيوطي في ألفيته في علم الحديث شعرا ،
وتتبعهم ابن حبان البستي في الأقطار والبلاد التي كانوا فيها في كتابة ( مشاهير علماء الأمصار ) .
ويجدر بالذكر كما جاء عن الحاكم النيسابوري أن آخرهم : من لقى أنس بن مالك من أهل البصرة ،
ومن لقى عبد الله بن أبي أوفى من أهل الكوفة ،
ومن لقى السائب بن يزيد من أهل المدينة ،
ومن لقى عبد الله بن الحارث بن جزء من أهل مصر ،
ومن لقى أبا أمامة الباهلي من أهل الشام .
وكان أول من توفى من التابعين معمر بن يزيد حيث توفى بخراسان فى سنة 30هـ .
أما آخر من توفى من التابعين على العموم فهو خلف بن خليفة حيث توفى فى سنة 181 هـ .
وبهذا التاريخ انقضى عهد التابعين رضي الله عنهم أجمعين .

علي أن أفضل التابعين كما قال الإمام البلقيني من حيث الزهد والورع هو أويس بن عامر القرني ، من قبيلة مراد باليمن ،،،
وذلك للحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
[ إن خير التابعين رجل يقال له أويس ] .
وفي ( كفاية المسلم في الجمع بين صحيحي البخاري ومسلم ) للشيخ محمد أحمد بدوي عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال :
إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
[ إن خير التابعين رجل يقال له أويس ، له والدة ، وكان به بياض ، فمروه فليستغفر لكم ].

وعن أسير بن جابر قال :
كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم ،،، أفيكم أويس بن عامر ؟
حتى أتى على أويس ، فقال : أنت أويس بن عامر ؟
قال : نعم .
قال : من مراد ، ثم من قَرَن ؟
قال : نعم ،
قال : فكان بك برص ، فبرأت منه إلا موضع درهم ؟
قال : نعم ،
قال : لك والدة ؟
قال : نعم .
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
[ يأتى عليكم أويس بن عامر من أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن ، كان به برص ، فبرأ منه إلا موضع درهم ، له والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ] ، فاستغفر لي ، فاستغفر له .
فقال له عمر : أين تريد ؟
قال : الكوفة ،
قال عمر : ألا أكتب لك إلى عاملها ؟
قال : أكون في غبراء الناس أحب إليّ .
قال : فلما كان من العام المقبل ، حج رجل من أشرافهم ، فوافق عمر ، فسأله عن أويس ،
فقال : تركته رث البيت ، قليل المتاع ،
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
[ يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص قبرأ منه إلا موضع درهم ، له والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ] ،
فأتى ( أي الرجل ) أويسا ، فقال : استغفر لي ،
قال : أنت أحدث عهدا بسفر صالح ، فاستغفر لي ،
قال الرجل : استغفر لي ،
قال : لقيت عمر ؟
قال : نعم ،،،، فاستغفر له ،
ففطن له الناس ، فانطلق على وجهه .
قال أسيد بن جابر : وكسوته برده ،
فكان كلما رآه إنسان قال : من أين لأويس هذه البردة .

وجاء في الموسوعة الذهبية للعلوم الإسلامية للدكتورة فاطمة محجوب :
أويس القرني له مقام شرقي قرية برنبل مركز أطفيح بالجيزة على قارة بسفح الجبل ، والصحيح أنه مدفون بمصر .آهـ
رضي الله عنه وأرضاه .

ومن أفاضل التابعين ، الفقهاء السبعة من أهل المدينة المنورة بنور المصطفي صلي الله عليه وسلم ، وهم :
1. سعيد بن المسيب .
2. عروة بن الزبير .
3. أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف .
4. سليمان بن يسار .
5. القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق .
6. خارجة بن زيد بن ثابت .
7. عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود .
وكذا :
1. أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارثة بن هشام .
2. سالم بن عبد الله بن عمر .
3. نافع مولى ابن عمر .
4. ابن شهاب الزهري .
5. أبو الزناد .

ومن أشهر التابعين فى مكة المكرمة :
1. عكرمة مولى ابن عباس .
2. عطاء بن أبي رباح .
3. أبو الزبير محمد بن مسلم .

ومن أشهر التابعين فى الكوفة :
1. الشعبي عامر بن شراحيل .
2. إبراهيم النخعي .
3. علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي .

ومن أشهر التابعين فى البصرة :
1. الحسن بن أبي الحسن البصري .
2. محمد بن سيرين .
3. قتادة بن دعامة الدوسي .

ومن أشهر التابعين فى الشام :
1. عمر بن عبد العزيز .
2. قبيصة بن أبي ذؤيب الخزاعي .
3. كعب الأحبار .
4. أبو إدريس الخولاني .
5. مكحول .

ومن أشهر التابعين فى اليمن :
1. طاووس بن كيسان اليماني الحميري .
2. وهب بن منبه وأخوه وهيب .

ومن أشهر التابعين فى مصر :
1. أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني .
2. يزيد بن أبي حبيب .

رضي الله عنهم أجمعين ،،
وسلام عليهم في الخالدين ،،
ويحسن في كل آخر الحمد لله رب العالمين .