25/12/2012 12:00 صباحا

قاسم موسى الفرطوسي
اش ماغ ويعني بالقواميس السومرية غطاء الرأس العظيم أو ( أش ساخ ) ومعناها غطاء رأس الكاهن العظيم.. ولكنه ورد في القاموس التركي لعام 1889 باسم ( يا شمق ) ويعني غطاء الوجه عند النساء والمراد به البرقع الخفيف... ولعل الأتراك أخذوه من اللهجة العراقية أثناء أحتلالهم للعراق والذي استمر حتى نهاية القرن التاسع عشر.
وفي العهد السومري ازدهرت صناعة النسيج واستخدم فيها خيط الصوف والكتان لحياكة الملابس والاغطية... وكان الكهنه يلبسون الملابس البيضاء بشكل يغطي اجسامهم من الرأس حتى القدمين ويضعون فوق غطاء الرأس الأبيض شبكة سوداء مصنوعة من صوف الاغنام وهي تشبه شباك صيد الاسماك في الاهوار...
وكانت ترمز إلى الخير والتكاثر أو المطالبة بحصة المعبد من الثروة السمكية في أهوار جنوب العراق... أم الخطوط السوداء في حواش هذه الشبكة فتتعلق بطرد الارواح الشريرة من
لابسها.
وكان أول من لبس اليشماغ هو الحاكم السومري العادل والمتدين ( كوديا ) في الفترة ( 2146 – 2112 ق.م ) وذلك لكونه حاكما عادلا ومحبا للسلام ويسعى لإسعاد شعبه ثم أصبح اليشماغ لباس الأمراء والكهنة في العصر السومري الذهبي. ( 2122 – 2014 ق.م ) وهكذا أنتقل من الكهنة والأمراء إلى عامة الشعب.. وقد توارثه سكان الاهوار من اسلافهم السومريين قبل خمسة ألاف سنة ق.م ثم إنتشر في الدول الخليجية وباقي البلدان العربية.
وبعد الاحتلال البريطاني للعراق عام 1918 سارعت الشركات البريطانية التجارية بتصميمه وتصنيعه وعلى أوسع نطاق وأصبح تجارة مربحة حيث أطلق عليه ( اليشماغ اللندني ) وهو أجودها ثم الشركات الكورية والصينية ومنها اليشماغ الأحمر والمنتشر حاليا في المملكة العربية السعودية ودول الخليج وأصبح رمزاً لهم.
يلبس سكان الاهوار في الوقت الحاضر اليشماغ ذا الخطوط السوداء والتي تشبه عيون شباك الصيد.
والموشح بخطوط عريضة في جوانبه وهي متموجة تشبه أمواج مياه الاهوار.. وفي حافته خطوط ورسوم سوداء تمثل زعانف الأسماك التي يعتقد السومريون بأنها تطرد الارواح الشريرة.. ولكن السادة العلويين في الاهوار يلبسون اليشماغ الاخضر بعد صبغه بمادة خضراء ليميزهم عن باقي الناس وليكنون لهم كل الاحترام لأنهم من سلالة الرسول (ص)... أما الصابئة المندائيون والمنتشرون في الاهوار فكانوا يلبسون اليشماغ بخطوطه الحمراء وهم مميزون بلباسهم هذا. في بداية السبعينيات تلثم باليشماغ الأحمر بعض الشباب من صيادي الاسماك من برودة الجو وبدون عقال ولكنه الأن منتشر على عامة الشباب. وعرب الأهوار لا يلبسون الغترة البيضاء لأنها أصلا ً لباس وزي أهل البادية.
ويعد اليشماغ أو (الشطفة وجمعها شطافي) هو اللباس المتمم لهندام الرجال بعد وضع العقال عليه وله الكثير من الدلالات الخاصة. فمن لا يلبس العقال فوقه فهذا يدل على أن صاحبه لديه ثأر عشائري ولم يأخذ به أو يدل على الحزن لوفاة عزيز عليه كالوالدة مثلا.. ومن يضرب الشطفة على الارض في وسط الديوان فأنه يجزم بالوصول إلى خصمه ومهما بلغت التضحيات..
وحذاري أن تخاطب أحدهم في الديوان وتقول له ( يشماغك وسخ ) فأنه يعتقد أن هناك عاراً أو عيبا ً أو نقصا ً بعائلته واليشماغ يلبسه الرجال دون النساء.. وقد جاء ذكره في أهازيج وأغاني وشعر أهل الهور.