التعامل المربك مع محاصيلنا الزراعية
بين التضييق وسوء التسويق


جريدة المستقبل العراقي


كاظم فنجان الحمامي

ما تواجهه محاصيلنا الزراعية (الحنطة, الشعير, الذرة الصفراء) من إهمال وتضييع في الوقت, وتضييق مفرط في التعامل الميداني المربك, وتقصير واضح في التسويق, وما يواجهه الفلاح المنتج بعد مواسم الحصاد المرهقة من إجراءات إدارية وتسويقية بطيئة ومملة وغير حضارية, يجعلنا نفقد الأمل بتحسن مستويات الأمن الغذائي في العراق, بسبب تعثرها وتدهورها, أو تخلفها أحياناً. .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
ويحق لنا هنا أن نعتب على إدارات مؤسساتنا الزراعية والتجارية والصناعية, ونتحاور معها في المحاور الوطنية, عسى أن نتوصل من خلال تشخيص العلل المزمنة إلى إيجاد الحلول الجذرية الناجعة, وربما نسهم إلى حد ما في إسعاف الأوضاع التسويقية البليدة. .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
بداية نقول: يفترض بمؤسساتنا الزراعية أن تستنفر جهودها كلها من أجل تفعيل وتعزيز مقومات الأمن الغذائي, وأن تشحذ طاقاتها كلها من أجل تحقيق التنمية الشاملة, ويفترض أن تسعى لتنظيم وتنمية القطاع الزراعي من أجل إنتاج متطور ومتنام ومتكامل, ويفترض أن تسعى لتحقيق أهدافها الإستراتيجية, وتعمل ليل نهار نحو زيادة الإنتاج وتحسينه, ومراقبة تطورات السوق, ووضع التشريعات اللازمة لتنظيم العمليات التسويقية. .
بيد أننا أصبنا بالإحباط عندما شاهدنا التقرير الذي بثته قناة (السومرية) عن سوء تسويق المحاصيل الزراعية في ذي قار بذريعة عدم توفر المخازن الكافية:-

نسمع منذ زمن بعيد عن خطط ومشاريع وزارة التجارة العراقية نحو توفير مخازن نظامية ومتطورة, لكننا فوجئنا باضطرار أعضاء مجلس محافظة ذي قار إلى التدخل المباشر لمعالجة تفاقم مشاكل التخزين, بعد أن عجزت السايلوات عن توفير المخازن الملائمة لاستيعاب الكميات المتدفقة إليها, فلجئوا إلى المدارج والمسطحات المكشوفة في المطارات العسكرية المتروكة, واختاروا مدرج مطار (الفضلية) لعدم قدرة صومعات الناصرية والرفاعي على استيعاب الكميات المنتجة محلياً. .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
وهنا لابد لنا من التساؤل عن جدوى الخطط الإنتاجية التي تبنتها وزارة الزراعة لعام 2013 والمتعلقة منها بمحاصيل الحنطة والشعير والذرة الصفراء ؟, وما هي الطاقة الاستيعابية (التخزينية) المتاحة بالأطنان في سايلوات وزارة التجارة لكل منتج زراعي ؟, وهل تداركت الجهات المعنية تداعيات هذه الأزمة المستدامة فوفرت المعامل اللازمة لتفريط الذرة الصفراء, ووفرت معدات تجفيفها وتخزينها ؟, ومتى تلبي وزارة الزراعة احتياجات حقولنا, فتوفر لها مستلزمات إنتاج المحاصيل الثلاثة, وتوفر لها ما تحتاجه من سماد ومبيدات وحاصدات وآلات أخرى, وبما يعزز جودة الإنتاج ويزيح الأعباء الموروثة والمتراكمة والمتكررة عن كاهل القطاع الزراعي ؟, ومتى تعلن الوزارات المعنية بهذا الأمر عن الأسعار التشجيعية لشراء المنتجات الزراعية, والأسعار المخفضة (المدعومة) للأسمدة والمبيدات والوقود, وأجور عمل الحاصدات والجرارات, وأجور نقل المحاصيل من الحقل إلى السايلوات حتى يتبين للفلاح المكافح الخيط الأبيض من الخيط الأسود وسط تقلبات السوق وزحمة المزايدات الجشعة ؟, وما الذي أنجزته تشكيلات وزارة الصناعة حتى الآن في مجالات تصنيع ما يمكن تصنيعه من آلات ومعدات وأجهزة, وفي توفير ما يمكن توفيره من قطع غيار ميكانيكية تذلل المصاعب التي يواجهها الفلاح ؟. .
ختاما نوجه العتب واللوم إلى الجمعيات الفلاحية لعزوفها عن رفع دعاوى قضائية ضد التشكيلات الوزارية المقصرة والمتقاعسة والنائمة ؟, ونهيب بها عدم التخلي عن مطالباتها الوطنية بإنشاء مراكز متخصصة لتطوير البذور في المحافظات العراقية كافة, وبالاتجاه الذي يضمن دعم القطاع الزراعي, وزيادة غلة الإنتاج.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
وبهذا الصدد نذكر إن الجمعيات الفلاحية في إقليم كردستان كان لها الدور الفاعل في حث المؤسسات ذات العلاقة على إنشاء ثلاثة مخازن كبيرة في (دهوك), خصصت لها مساحات زراعية تقدر بأربعين دونماً, وبات من المؤكد أن المخازن الجديدة ستسهم إسهاما كبيراً في تخليص محافظ (دهوك) من أزمات تخزين المحاصيل الرئيسة, وتكرس جهودها الآن لشراء المرشات الحقلية العملاقة للتغلب على مواسم الجفاف, في الوقت الذي ظلت فيه المحافظات الجنوبية متأرجحة بين التضييق وسوء التسويق. .
والله المستعان وإليه المشتكى