لمحت الومض من بعيد


ألفت مهجتي الاتكال والكسل ، وركنت إلى عيش الرفاه والدلال .
ولما اقتربت من طور النضج ، أخذت أشعرها ببعض واجباتها ،
التي يجب أن تكون جنبا إلى جنب مع حقوقها .
فضاقت بالعيش معي . وتاقت لتقيم في فضاء طليق ،
لا تسيجه جدران ،
ولا تظله سقوف .
ولا تقيد الحياة فيه ضوابط .
توهمت العثور على السعادة بين أحضان المرح .
وعلى اليمن في وسائل جلب النفع والمتعة .
وأن الحرية كامنة في رفع الحرج ونزع الأغلال.
غدو ورواح بلا مراعاة لقيم ، ولا اعتبار لمبادئ ،
ولا وقوف عند حدود .
اغتنمت أول غفوة مني،
فهرولت ،
ونطت سابحة في فراغ مدلهم .
تشدو ترانيم الفرحة ،
ترقص على زغاريد الخلاص .
تقطع المسافات الخيالية في لمح البصر .
تفقدتها .
بعثت في أثرها شرارات مقلتي .
وجدتها عالقة بغصن مصلوب ،
تدلى رأسه واندلقت اطرافه ،
على وجه صخر صلد ،
مقيم على حافة المنحدر السحيق ،
ترتجف وريقات أغصان الغصن تجاوبا مع هبوب فحيح مهجتي ،
تخلصت بعسر، لتعلق ثانية وثالثة .. بشرك أخرى ..
طال بها المقام
سئمت المرح واللهو، أضاعت المنهج وعسر بلوغ الهدف .
اندثرت أمامها معالم طريق العودة
تاهت بين الرغبات الجامحة ،
ترى الهوة سحيقة ، وتجد الخلاص صعب المنال
وفجأة لمحت الومض من بعيد ، فامتطت تموجاته
وقالت :
أخطأت الوسيلة وأسأت الاختيار