الرّسم الهندسي
بقلم: حسين أحمد سليم

يُعتبر الرّسم الهندسي فنّا قائما بحدّ ذاته, وعلم هندسي يعتمد على القواعد الرّياضيّة الهندسيّة, سيّما ما يختصّ بالرّسم الصّحيح للأشكال الهندسيّة المنتظمة وغير المنتظمة, وينطبق من النّقطة بالمفهوم الهندسي وتتابعها لتكوين الخطّ بأشكاله المتعدّدة ومن ثمّ تكوين الأشكال المختلفة...
والرّسم الهندسي هو اللغة التي تسمح للمهندس من التّعبير وترجمة أيّ تصميم أو دراسة هندسيّة, بطريقة توقيعيّة فنّيّة وهندسيّة, تمكّن الآخرين من مهندسين وفنّيين وتنفبذيين, من فهمه وتطويره وتصنيعه وتنفيذه...
والرّسم الهندسي ضمن إطاره العام, يساعد كي يقوم المهندس الرّسّام بتكوين رسم هندسي معيّن, هذا الرّسم في تكوينه يكون وفقا لمعايير ومصطلحات ورموز متّفق عليها بالنّسبة للشّكل والتّسمية والمظهر والحجم وما إلى ذلك...
ويهدف الرّسم الهندسي في المحصّلة النّهائيّة, إلى إستيعاب كافّة الخواصّ الهندسيّة لكيان أو شكل أو مخطّط أو منتج ما, بشكل واضح وجليّ بما لا يدع مجالا للبس أو إشكال... والغاية الأساسيّة من الرّسم الهندسي, هي توصيل المعلومات الأساسيّة واللازمة والتّفصيليّة التّنفيذيّة, التي تمكّن المصنع من إنتاج المكوّن, أو تساعد المهندس المقاول من التّنفيذ الصّحيح والسّليم لتفاصيل ومواصفات ما تحتويه المخطّطات...
والرسم الهندسي, كما بقيّة فنون الرّسم, ما هو إلا رسم يتمتّع بمكانيكيّة معيّنة, في إطار لغة فنية وهندسية شبه عالميّة... ولغة الرّسم الهندسي مثلها مثل أيّ لغة أخرى, تستخدم في التّفاهم ونقل الأفكار الهندسيّة بين النّاس، لها أبجديّاتها وأدواتها ومصطلحاتها ورموزها وكياناتها... سواء كان ذلك عن طريق رسم الخطوط أو الكتابة وتحضير الرّسومات, أو عن طريق القراءة ودراسة رسومات سبق تحضيرها من قبل المهندس الرّسّام...
والرسم الهندسي, هو القاعدة الأساسيّة التي ينطلق منها أيّ نوع من أنواع الرّسم الأخرى... ولكنّه ليس رسمًا كالمعروف والمتداول بين الناس، فهو يختلف في تفاصيله وفي مصطلحاته وفي صورته, وفي نظام وأسلوب ومنهجيّة تحضيره, وما يحويه من بيانات وتفاصيل تتّصل بأعمال الصّناعة والتّصميم والإنتاج الصّناعي... ولإتّقان عمليّات الرّسم الهندسي لا بدّ من المعرفة والمهارة بمباديء وأسس وقواعد الرّسم الهندسي, الأمر الذي يحتاج من المهندس الرّسّام إلى معرفة هذه الأسس والقواعد والمباديء والإلمام بالمقاسات والمعايير الدّوليّة...
وكما سلف وقلنا فإنّ للرّسم الهندسي كلغة هندسيّة فنّيّة, له قواعد وأسس لا يستطيع ممارسته , إلا من درسه دراسة سليمة, ومدى التّحصيل فيه والتّحسين, يتوقف على كثافة المران الكامل, وممارسة الدّقة التّامّة...
ولغة الرّسم الهندسي تستخدم كلغة هندسيّة فنّيّة متميّزة, وذلك بين تقنيّ التّشييد العمراني والخدماتي للبنيات التّحتيّة والمواصلات والصّناعة والبناء على إختلاف طرزه... من عمال ومشرفين ومهندسين ومخترعين, وهو وسيلة تواصليّة متكاملة, ويعتبر الرّسم الهندسي الوسيلة الوحيدة, للتّفاهم بينهم على ما يرغبون في إنتاجه وصناعته وإعماره وتشييده, من منتجات لإستخدامها في حياة الإنسان... والرّسم الهندسي يُعتبر اللغة التي يمكن من خلالها, الاحتفاظ بالمستندات والمخطّطات التي تتّصل بالاختراعات والتّصميمات والخرائط المعماريّة والإنشائيّة والعقاريّة وغيرها... فيسهل الرّجوع إليها عند مقتضى الحاجة...
والرسومات الهندسيّة هي البديل عن الأجسام والمصنوعات والعمائر والطّرقات والعقارات... بمعنى أنّه إذا كانت هناك قطعة في بلد ما, وكانت رسوماتها في بلد آخر, فإنّ كلاهما يكون ملمًا بجميع البيانات والمواصفات والمقاسات لهذه القطعة, والرّسم الهندسي قد يكون رسمًا بالقلم الرّصاص, أو قد يكون بالحبر الصّيني الأسود, أو قد يكون بأقلام الفحم وغيرها, وقد يكون مطبوعا على آلات التّوقيع الرّقميّة, التي تستند على الرّسومات والخرائط المرسومة رقميّا على الحواسيب من خلال برمجيات رقميّة معدّة لهذا الغرض, وهي تطلّب كذلك خبرة وتجربة في التّعامل معها إضافة للإلمام بأسس ومباديء الرّسم الهندسي...
وللرّسم الهندسي خواصّ عامّة يُعرف بها وهي رسم المساقط الأساسية الثلاث: الرّأسي والأفقي والجانبي, إضافة للرّسوم المزوّاة وفنون رسم المناظير... والرّسم الهندسي بشكل عام هو نقل للمعلومات الأساسيّة للشّكل الهندسي وكيفيّة رؤية الجزء المرسوم من أكثر من منظور... وتبيات الأبعاد والمقاييس التي تحدّد حجم الجسم من خلال وحدات معيّنة للقياس... ضمن حدود التسامحات, أيّ المقدار المسموح به والذي قد تختلف به الأبعاد في الواقع عن التّصميم... والمادّة المصنوع منها أحد السّطوح أو الأجزاء... وتبيان مدى نعومة السطح ومدى تدرّج السّطح من الخشونة إلى النّعومة... هذا ويجب مراعاة تناسق الخطوط, ويجب أن يكون الرّسم كلّه بنفس الّدرجة تقريبًا، وعند التهشير, يجب أن يكون خطّ التّهشير خفيف نسبيًا...