الفكرة الغربية عن المساواة بين الجنسين والتي عرضت لسنوات وكأنها المعادلة السحرية لتحسين وضع المرأة، هي في حقيقتها أفيون الصراع من أجل حقوق المرأة. لقد أنشأت هوسًا بتحقيق الاحترام والإنصاف والعدل للمرأة، ولكن في الحقيقة لم تحقق شيئا من ذلك.

في الذكرى السنوية الثانية للثورة المصرية

نساء مصر ما زال حالهن في تراجع كما كان في عهد مبارك

(مترجم)


سنتان مرّتا على بدْء الثورة المصرية، ولم يحقق هذا الحدث التاريخي آمال وطموحات الآلاف من النساء اللواتي لعبن دورًا هامًا ومحوريًّا في الإطاحة بمبارك ونظامه. فنساء مصر وليومنا هذا ما زلن يعشن في ظل الديكتاتورية العسكرية التي اعتدت بوحشية على المتظاهرات فانتهكت الحرمات ثم أفلت الجاني من العقاب. إن هؤلاء النسوة يواجهن تدهورا في الوضع الاقتصادي، وانعداما للأمن الغذائي، وعدم التمكن من تأمين الاحتياجات الأساسية، والحزن على أطفالهن الذين يعانون من مستويات يُرثى لها من سوء التغذية بسبب الفقر المدقع. إلى جانب هذا كله، هناك تفش للجرائم ضد كرامة المرأة. لقد تحولت أحلام النساء المصريات إلى يأس، وخان النظام العلماني والقيادة البديلة لمبارك آمالهن وتضحياتهن.

على الرغم من هذا، فقد حول البعض نضالهم من أجل مستقبل أكثر إشراقا لنساء مصر إلى دعوة لدستور علماني ينص القانون فيه على المساواة بين الجنسين، وحارب البعض الآخر من أجل مشروع قانون الانتخابات الذي يضمن حصصًا أعلى للنساء في البرلمان الجديد. إن هذا نضال مضلّل يضيع التضحيات الجسيمة لنساء مصر. حيث إن الأنظمة العلمانية التي يشرع فيها البشر القوانين هي التي لا تمنح المرأة أية ضمانات؛ فقد تنقض هذه القوانين في غمضة عين، وفقًا لأهواء من هم في السلطة، كما هو واضح في منع النقاب والحجاب في الدول العلمانية الغربية. وهذا مناقض للدستور الإسلامي، الذي فيه حقوق جميع الرعية - رجالاً ونساء - ثابتة؛ لأن القوانين في الإسلام من الله تعالى ومن أوامره وليس من عقول البشر، ولا يستطيع أي رجل أو امرأة تغييرها. إلى جانب هذا، فهذه الفكرة الغربية عن المساواة بين الجنسين والتي عرضت لسنوات وكأنها المعادلة السحرية لتحسين وضع المرأة، هي في حقيقتها أفيون الصراع من أجل حقوق المرأة. لقد أنشأت هوسًا بتحقيق الاحترام والإنصاف والعدل للمرأة، ولكن في الحقيقة لم تحقق شيئا من ذلك. أي احترام قد جلبت بنود المساواة بين الجنسين المنصوص عليها في قانون الدول العلمانية الغربية للنساء اللواتي يعانين من مستويات مرتفعة من العنف والاعتداءات الجنسية في مجتمعاتهم بسبب قيمهم الليبرالية. علاوة على ذلك، هذه المساواة بين الجنسين، التي تسعى لجعل الحقوق والواجبات متساوية بين الجنسين، قد جعلت المرأة تتحمل المسؤولية عن الرجل في تأمين المعيشة لها ولعائلتها، وحرمتها من الامتياز بكونها مصونة ماديًّا دائمًا من قبل راعيها. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ النضال من أجل مقاعد رمزية في برلمان عاجز وغير فاعل قد يحل في ومضة عين من قبل النظام، ولن يحقق شيئا لنساء مصر؛ فحصول المرأة على حصص أكبر في البرلمان لا تعني بالضرورة تحقيق مستوى أفضل من الحياة للمرأة العادية، بل قد تنفع طبقة معينة من النساء فقط. في ظل نظام مبارك، كانت هناك نسبة 20٪ للمرأة في البرلمان. حتى بنغلاديش، وباكستان، والسودان، وتونس، والجزائر، لديها نسب أعلى. ولكن حتى لو جعلوها 100٪، فلن تؤدي إلى أي تغيير للمرأة تحت هذه الأنظمة الرأسمالية المضطهدة والفاسدة... فالعبرة ليست بزيادة مقاعد المرأة في البرلمان ما دام النظام المطبق هو نظام وضعي علماني فاسد يظلم الرجل والمرأة على السواء!

أخواتي العزيزات في مصر، ثورتكن لم تحقق أهدافها الحقيقية بعد، ولن يحققها إلا دستور إسلامي خالص، تنفذه دولة الخلافة، فهي وحدها التي ستحقق أحلامكن وتلبي طموحاتكن في حياة تضمن لكن الكرامة والأمان والنهضة. فلا تقبلن بنظام من صنع البشر يملأ الحياة بالارتباك والفوضى، معتمدا على أسلوب التجربة والخطأ في تنظيم شؤون البشرية، والله تعالى قد وضع مخططا كاملا شاملا لقوانين تحل كل مشاكلكن وتحفظ حقوقكن وترفع من مستواكن؟ لذلك ندعوكن لتبني رؤية حزب التحرير عن الخلافة المبنية على الإسلام وحده والمفصلة في كتبنا الواسعة ومشروع دستور الدولة الجاهز للتطبيق الآن، والذي يؤمن حلولا موثوقة وشاملة لجميع المشاكل التي تواجهها النساء اليوم في مصر وحول العالم الإسلامي لجعل أحلامهن في حياة أفضل حقيقة واقعة.

قال الله تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) [الملك: 14]

د. نسرين نواز

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير