|
رب إني لك عدت من سراب فيه تهت |
وعلى وجهي شظايا ندم فيه انتهيت |
وكهوف من خطايا تحتها نار وصمت |
وطيور ذرفت سري وطارت حيث طرت |
وتلاشت في زوايا خلدي أنى سريت |
فإذا أبكي أراها أدمعا مما بكيت |
وإذا أشكو أراها كل ما منه اشتكيت |
وإذا أهرب كانت كل درب قد سلكت |
وإذا أغفو أراها كل حلم قد رأيت |
وإذا أفزع للأوهام كانت ما وهمت |
وإذا غنيتها النسيان غنت ما ذكرت |
ومحت ذاتي وعادت لي بما كنت دفنت |
رب جنبني صداها فهي أعدى من عرفت |
هي نفسي وهي شيطاني الذي منه هربت |
سكنت فيَّ ّ وفي صحرائها الكبرى سكنت |
وعلى مصباحها المخنوق في السفح أقمت |
وكما شاءت على الأدغال والريح ارتميت |
وكما ينطلق الإعصار في الليل انطلقت |
وتسللت الفجاج السود فيه ومضيت |
راهبا ضلت مسوحي في هداها وضللت |
ويح عمري ما الذي كنت على الرمل كتبت ؟ |
قصة ..ما زال حولي كل ما فيها رويت |
الأسى والإثم والعصيان وهذا ما حملت |
فإذا التوبة ألقت رحلها عندي رحلت |
وإذا الأوزار حطت حط قلبي وانتشيت |
وإذا ركب الخطايا لاح للعين هفوت |
وكما ينتفض الطائر للفجر انتفضت |
وتلفعت بسري في الدياجي وانسللت |
مثلما ينسل مني خاطر منته برمت |
هذه قصة بستان به كنت عبرت |
حاطبا أجمع نارا .. وأسى فيما جمعت |
ليس لي فأس ولا غرس ولكني احتطبت |
من ربيع ليس لي فيه سوى أني وجدت |
ورحيق كل ما أعلم أني قد شربت |
وعبير كل ما أدريه أني قد شممت |
وثمار كل وعيي أنني منها قطفت |
وغصون ظلها يجهل ما جهلت |
بعثرت سري وعادت وهي للإيمان بيت |
جل ربي ! كل هذا ما الذي كنت ارتكبت |
أذنوب ؟ أم دروب في مهاويها جرفت ؟ |
أنا كذاب ولكن كل ما قلت صدقت |
نقلت نفسي عن نفسي الذي كنت ادعيت |
فهو زور وهو حق وهو سر فيه حرت |
أنا نفسي ذلك الإثم الذي منه هربت |
أنا نفسي ذلك الزور الذي منه جزعت |
كل ما أشكوه منها ذنبه مهما برئت |
عذبتني بخطاها وهواها فاستجرت |
وإلى قدس على من ضفاف النور طرت |
بعدما جردت ذاتي وعن النفس انفصلت |
وإلى الله بنوحي وعذاباتي اتجهت |
وشببت الجسم نارا وهشيما واشتعلت |
رب من بقيا رمادي وحصادي لك جئت |
رب غفرانك إني في ظلامي قد وئدت ! |
|
المفضلات