الأعداد
في أحاديث خير العباد
صلى الله عليه وسلم
---
إعداد
العبد الفقير إلى الله
صبري الصبري
****
(العدد ثلاثة)
**
روي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدَّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان) متفق عليه
**

بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن الحديث المتفق عليه هو ما ورد في الصحيحين صحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم وقد جمعت الأحاديث المتفق عليها في كتاب (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان) وقد سبق الإمامُ البخاري الأمامَ مسلم في صحيحه فهو شيخه رحمهما الله وكان الإمام مسلم يجل الإمامَ البخاري وإذا دخل عليه يقول دعني أقدم قدميك يا إمام المحدثين من فرط تقديره له وهكذا أخلاق العلماء الأجلاء وقد جاء صحيح الإمام مسلم أحسن تبويبا وأدق تنسيقا فقد استفاد من شيخه الإمام البخاري وصحيحه فكانا درة العقد في كتب الأحاديث الشريفة رحمهما الله تعالى وجزاهما عن سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خير الجزاء
في هذا الحديث نجد العدد (ثلاثة) حيث أوضح الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن علامة المنافق ثلاثة علامات :

العلامة الأولى : (إذا حدث كذب) : والكذب آفة خطيرة لا ينبغي أن تكون بمسلم صادق الإيمان ، وقد سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هل يكذب المؤمن ؟! قال : لا ، وقد أوضح صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن في المعاريض مندوحة عن الكذب والمعاريض هى أقوال يتجنب الإنسان بها الكذب دون الإفصاح عما لا يريد الإفصاح به ، نتعلم ذلك منه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حينما خرج هو وأبو بكر الصديق رضى الله عنه يتفقد ساحة غزوة بدر قبل بدئها ولقيا أعرابيا وسأله عما بدا له وسأله الأعرابي ممن أنتما ؟! فقال له : من ماء ! ، فهو صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نظرا لما للغزوة المرتقبة من أسرار وما لها من اعتبارات دقيقة لم يشأ أن يخبر الأعرابي عن شخصيته الشريفة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وعن شخصية صديقه رضي الله عنه فأجاب إجابة صحيحة أنهما من ماء فالله خلق الإنسان من ماء مهين ، وربما ظن الأعرابي أن ماء هي موضع ما وربما فهم فهما معينا لكنه لم يعرف ما أراد الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إخفاءه عنه .. وهكذا نتعلم من هذا الموقف كيف نتصرف إن واجهنا موقفا مشابها دون أن نتورط في الكذب الذي هو علامة من علامات النفاق وخصلة ذميمة من خصال المنافقين ، ويلقى الكذابون يوم القيامة عذابا شديدا حيث يحشرون ووجوههم سوداء ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوي للمتكبرين) الزمر ، وفي الحديث الصحيح بالبخاري (اضمن لي ما بين لحييك وما بين فخذيك أضمن لك الجنة) وما بين اللحيين اللسان وهو أداة الحديث صدقا أو كذبا فليكن لساننا رطبا من ذكر الله ، لا من الغيبة والنميمة واللغو والمراء والكذب .

العلامة الثانية : (إذا وعد أخلف) : الوفاء بالوعد من صفات المؤمنين وإخلاف الوعد من صفات المنافقين حيث تقدح هذه الصفة الذميمة في أخلاق المسلم وفي سماته الطيبة وقد حضت آيات عديدة بكتاب الله عز وجل على الوفاء بالوعود التي يعد بها لذا لابد أن يعرف المسلم حدود ما يستطيع الوفاء به حتى لا يعد وعدا فوق طاقته فيخلفه فيهوي في دركات النفاق والعياذ بالهه تعالى .

العلامة الثالثة : (إذا أؤتمن خان) : لا إيمان لمن لا أمانة له كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وهو القائل المؤمن من يأتمنه الناس على أموالهم وودائعهم وأعراضهم وأما المنافق فهو خائن للأمانة لا يؤديها ولا يحرص على أدائها لأصحابها ، فهو والعياذ بالله خوان أثيم مضيع للأمانة مفرط في حقوق الناس لا يثق به أحد ولا يتصف بصفة الأمين المؤدي للأمانات فعنده تضيع ولديه تفقد وعنده تسلب وتسرق بوسائل وأساليب شتى مدارها الخيانة والمكر والخبث والسوء والفسق والغي والفساد مما يؤدي لتقطع الأوصال وفرقة الأواصر وتشتت الروابط وقطع الأوصال وتفرق القربى وتشابك الخلان وتقاتل الجيران ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وبعد فهذه أعداد ثلاثة تمثل علامات من علامات النفاق والمنافقين بيّنها لنا الحبيب المحبوب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لكي نتلاشاها ونتجنبها فلا نكذب ولا نخلف الوعد ولا نخون الأمانة . فجزاه عنا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحسن الجزاء ورزقنا صدق محبته وصدق اتباعه وأنالنا شفاعته العظمى يوم الدين وصحبته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .