الوعد


وعدتك أنني سوف أعود .. ولم أخلف وعدي .. لأن كل شيء هنا يناديني ويلح علي أن أبقى .. كل الجداول والسواقي ابتسمت مرحبة بي .. و أشجار السنديان تمايلت أغصانها في غنج كأنها تترقب اللقاء الوشيك .. لكن هيهات .. أحس قلبي منذ أوغلت في الغابة المجاورة أنني لن أجدك .. وأنني لن أجد سوى صدى أنفاسك يتردد بين الربى .. إني أعلم أنك هنا .. تراقبني عيناك عن كثب .. تتابعان خطواتي وتحصي علي أنفاسي . لا أدري لم تهربين مني و تتوارين عن ناظري وأنا ما جئت إلا لأراك وأعيد ذكرياتي معك وأعيشها . كنت أمني نفسي بخريف زاه وبأمسيات حالمة على الصخرة المطلة على الوادي .. أتيت حالما .. أحضن حلمي وأمني القلب بكل شيء .. تعرفين .. لا الغروب عاد يهمني شفقه .. ولا الليل صار يسحرني بسكونه .. أيتها المتخفية من وراء الضباب الجاثم على التلال ، اظهري فقط لحظة لأقول لك أنك لا تستحقين قلبي .

قلبي أنا .. وهبته للريح و المطر .. رميته للبحر تتقاذفه الأمواج المتلاطمة .. قلبي أنا لم يعد ملكك ولا ملكي منذ أن لم يعد للوعد معنى ولا للموعد نكهة .. هربت فعلي أن أهرب .. واختفيت فيلزمني الاختفاء .. لتكن هذه إطلالتي الأخيرة على هذه الربوع التي طالما تغنت ولازالت بمقدمي .. و لسوف يخبرك النهر والصخرة والوادي أنني انتظرت طويلا .. وأن صبري قد نفذ.. سوف يتلو عليك النهر كل أشعاري ، و تعيد الصخرة كل خواطري ويردد الوادي صدى أفكاري و أناتي و آهاتي.. الوداع أيتها المتخفية .. الوداع .. لن أبقى .. فليس لي ما أبقى لأجله .. أنت لم تكوني لي سوى سرابا .