أضواء على الحوار فى البحرين
خلص الاجتماع المصغر للحوار الذي انعقد مساء امس على عقد لقاء ثالث يوم الأحد المقبل، وقد توافقت الأطراف المجتمعة على أن ترفع التوافقات إلى عاهل البلاد وتعتبر ملزمة بصيغ دستورية، كما تم التوافق على أن تكون هناك لقاءات ثنائية بين الأطراف، وما يتم التوصل إليه خلال اللقاءات الثنائية يعرض على الجلسات العامة.
وقد عكست مواقف الجمعيات السياسية المعارضة في الجلستين الثامنة والتاسعة (17 و20 مارس) محاولاتها لإطالة أمد الجلسات عبر تمسكها بمطالب ومواقف إشكالية وجدلية تسهم في عرقلة مسار الحوار وخلق أجواء مشحونة من شأنها عدم تقريب وجهات النظر بين أطراف الحوار ولا تؤدي بدورها إلى إحراز نتائج مثمرة خلال جلسات الحوار.
ومازالت هذه الجمعيات وبدفع من الوفاق تمارس أدوارا سلبية في جلسات الحوار من حيث تكرار طروحاتها الإشكالية ورفع سقف مطالبها بشكل استفزازي كما ما حدث على سبيل المثال في الجلسة الثامنة في 17 مارس حين أصرت هذه الجمعيات على التقدم بأوراق مخالفة لجدول الأعمال لجهة تضمنها مواقف جدلية هدفها إفشال الحوار وخاصة فيما يتعلق بالمطالبة بتمثيل الحكم في الحوار وعرض النتائج على استفتاء شعبي ووجود خبراء من خارج قاعات الحوار أو حتى خارج المملكة، إضافة للإصرار على مناقشة بعض القضايا الإجرائية غير الجوهرية في محاولة من وفد المعارضة لإحباط الشارع وزعزعة ثقته في الحوار والإساءة لصورة الحوار أمام الرأي العام العالمي وإيهامه أن الدولة غير جادة في الحوار.
كما تضمنت هذه الأوراق تراجعات عن آليات ضبط الجلسات وتراجعا في آليات الحوار التي تم التوافق عليها من قبل كما أنها لم تشر إلى الميثاق كمرجعية أساسية ولا الدستور وتمت الإشارة فيها إلى الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها المملكة وتضمنت موضوع العقد الاجتماعي وبشكل مناقض للمفهوم المتعارف عليه لهذا الموضوع الأمر الذي دفع باقي أطراف الحوار إلى رفضها .
وشملت اوراق المعارضة أيضًا بعض البنود المأخوذة من وثيقة قامت السفارة الأمريكية بتقديمها لهذه الجمعيات تحت عنوان (وثيقة المبادئ والمصالح المشتركة) والتي عرضتها هذه الجمعيات خلال الجلسة السابعة للحوار بتاريخ 13 مارس لتكون جزءًا من مبادئ الحوار وتضمنت عددًا من المبادئ منها: الحاكمية للشعب أي ان الشعب هو مصدر السلطات، ومبدأ تقييد السلطة، وضرورة خضوع السلطة للعقد الاجتماعي والسياسي من خلال تحقيق مبدأ المساواة في كل المجالات، ودولة القانون وتقييد ممارسات السلطة.
ولاشك أن كل هذا يبرهن على أن الجمعيات المعارضة وخاصة الوفاق قد دخلت الحوار تحت وطأة الضغوطات الدولية وأنها مازالت تستعين بالمجتمع الدولي لتحقيق مزيد من الضغوطات على الدولة وبما يخدم أجندتها الانتهازية.
من جانب آخر، مازالت الجمعيات المعارضة على موقفها بالإصرار على المشاركة في الحوار وعدم الانسحاب منه بالتزامن مع التمسك بمطالبها الإشكالية وخاصة تمثيل الحكم في الحوار وعرض نتائجه للاستفتاء الشعبي، وهذا ما عكسته مجريات اجتماع مجلس شورى الوفاق الذي عقد في 19 مارس وتم خلاله التأكيد على عدة أمور من بينها: أن الحوار الوطني هو الخيار الاستراتيجي لقوى المعارضة وعلى مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وأن قرار المعارضة المتعلق بالترحيب بحوار التوافق الوطني هو الخيار الصائب لعدم إعطاء الفرصة لأي جهة لاتهام المعارضة بأنها هي التي تخلق التأزيم والادعاء بأن المعارضة استطاعت أن تقلب معطيات الطاولة على الحكومة من خلال طرح ما يتعلق بإجراء استفتاء شعبي على مخرجات الحوار حيث قوبل هذا الموضوع بالرفض الأمر الذي أدى إلى توجيه اللوم للأطراف الموالية المشاركة في الحوار، إضافة إلى الادعاء بأن المشادات الكلامية التي جرت خلال الجلسة الثامنة للحوار بين وزير العدل وممثلي قوي المعارضة هي من افتعال الوزير حيث كان يسعى من خلالها إلى دفع المعارضة للانسحاب من الجلسة إلا أن المعارضة قررت البقاء والرد عليه، والزعم بعدم جدية الحكومة في الحوار ورغم ذلك فإن ممثلي المعارضة سيستمرون في مشاركتهم بالحوار وسيؤكدون على مطالبهم المتمثلة بضرورة تمثيل الحكم وإجراء استفتاء شعبي على مخرجات الحوار.