لن تسبى زينب مرتين

منذر آق بيق


بهذه العبارة التي لا يمكن إيجاد أي معنى منطقي لها ، يحشد حزب الله قواعده الشعبية خلف مغامرته الخطيرة جدا ، و التي ترقى إلىالجريمة الكبرى في حق مجتمعه، و جيرانه السوريين . أيديولوجيا ديماغوجية ، تستهدف الغرائز الطائفية لدى القاع المجتمعي ، يمكن من خلالها تبرير ما لا يبرر، غزو الأراضي السورية بالسلاح ، و قتل الشعب السوري ، دفاعا عن و مساندة لنظام أعلن هو بدوره منذ سنتين الحرب المفتوحة على الشعب من أجل البقاء في الحكم رغما عنه .

الشعبان السوري و اللبناني لديهم الكثير من المشتركات الثقافية و الجينية مما يجعلهما متقاربان جدا، و ساهم التاريخ و الجغرافيا في جعل مصالح الشعبان متشابكة و متصلة ، و أهالي جنوب لبنان بالذات يدينون للشعب السوري بمساندتهم أثناء العدوان الإسرائيلي ، و استقبال عشرات الآلاف منهم . فكيف يطعن أهالي الجنوب ؤ البقاع الشعب السوري في ظهره ، و يشاركون في ارتكاب المجازر بحقه ، و كيف لا يستشعر هؤلاء اللبنانيون الخطر الداهم عليهم أنفسهم من جراء هذا العمل ألعدواني الإجرامي ، و الذي لابد أن يرد عليه الشعب السوري الصاع صاعين آجلا أم عاجلا .

السبب هو أن قرار هذه الشريحة من اللبنانيين بقتال الشعب السوري لم يكن قرارهم ، و ليس بأي حال من مصلحتهم ، و لكنه قرار قيادة حزب الله التي تأتمر بدورها بأوامر النظام الإيراني ، بل هذا الحزب يكاد يكون ايرانيا و ليس لبنانيا ، و لكن بمقاتلين لبنانيين .
إيران صاحبة الاطماع الامبراطورية ، المغلفة بقناع مذهبي ، وجدت نفسها و كأن حلمها تحقق ، العراق تحت أوامرها ، سوريا الأسد ملكها ، و لبنان حزب الله رهن أشارتها ، و فجاه اندلعت الثورة السورية و بدأ لإيران أن الحلم يندثر و يتحطم ، حيث سوريا كانت تلعب دور قلب الامبراطورية ، و بدونها تعود إيران إلى حدودها مرة أخرى .

و هذا ما يفسر المجازفات الهائلة التي تقدم عليها جمهورية ولاية الفقيه في دعمها اللامحدود بالمال و الرجال لنظام الأسد ، و تضحيتها بأهم موجداتها و هو حزب الله في آتون المعركة ، و هي تضحية كاملة لأن في هذه الحالة ، انتصار الثورة يعني نهاية حزب الله ، بينما لو كان وقف على الحياد على الأقل ، لما مسه شئ من سوريا الجديدة ، كون الشعب السوري كان يكن له الكثير من الاحترام لمحاربته إسرائيل . و لكن الآن لن يتسامح السوريون أبدا مع من وقف إلى جانب جزاريهم ، و شارك في المجزرة و غمس يديه بدماء السوريين ، فحق على حزب الله إذا الفناء ، و كيف له أن يهزم شعبا محيطا به كالبحر حول جزيرة صغيرة ، و ليس ذلك فقط ، بل امتداداته المذهبية المتعاطفة معه تحيط حزب الله في لبنان نفسه ، إضافة إلى أن هناك الكثير من أصحاب الوعي ضمن القاعدة الإجتماعية للحزب نفسه يربؤون بأنفسهم عن هذه الأعمال ، و الأمل أن يسود الرأي العاقل ، و يحصل إنقلاب داخل الحزب نفسه ، و يأمرون بسحب قواتهم من سوريا فورا قبل فوات الأوان.

ما يثير القلق فعلا ، أن كل ذلك الغباء الإيراني العراقي اللبناني بإرسال مقاتليهم الشيعة يقتلون السنة السوريين تحت شعار (ثارات الحسين ) و هو شعار آخر لا معنى منطقي له ، ينذر بتحويل نضال الشعب السوري بكافة أطيافه ضد الطغيان و الاستبداد إلى حرب طائفية إقليمية لا تبقي و لا تذر ، يكون من أججها و بدأها المتضرر الأكبر منها ، كون الشيعة يمثلون أقلية في المعادلة الإسلامية ككل ، أقل من 20 % .
السوريون لم يقوموا بثورتهم من أجل مذهب الحاكم ، و لو كان عادلا و نزيها و بدأ بالتحول الديمقراطي ، لما كانت هناك ثورة ، و لكنه ظالما ، فاسدا ، قاتلا ، و مكابرا و معاندا ، و يريد أن يركع الشعب ،و بالتالي كون الرئيس علويا هو آخر شئ يمكن أن يفكر فيه أي سوري عندما يبدأ بسرد سيئات نظامه . فلماذا إذا يصر الأسد على إرسال شبيحته لارتكاب المجازر الطائفية ، و يصر الشيعة في إيران و العراق و لبنان على مشاركته تلك المجازر ، رغم أن لا العلويين شيعة و لا الشيعة علويين أصلا ، و تكفي مقارنة بسيطة بين المذهب الجعفري الاثناعشري ، و الدين النصيري لمعرفة هذه الحقيقة . إن أكبر ظلم تتعرض له الثورة السورية هو اعتبارها ثورة مذهبيه، أو موجهة ضد مذهب معين ، أو تحولها إلى حرب طائفية أهلية، لأن ذلك يفرغ الثورة من معانيها السامية المقدسة و هي الحرية، الكرامة، العدل، و المساواة. و لكن لا شك أن الضغوط من أجل هذا التحول الذي بدأنا نراه بوضوح هائلة بما لا يقاس .

يأتي التاريخ أحيانا لنا ببعض النماذج المجنونة من البشر ، يمتلكون مقدرات هائلة ، و لكن الحكمة ليست منها ، فيأخذون شعوبهم و شعوبا آخرين نحو مقتلة عظيمة ، مثال ذلك هتلر . و الآن لدينا مثل هذا النموذج في القائد الإيراني خامنئي ، الذي إذا استمر في ما يفعله ، و ليس هناك مؤشر انه سوف يتوقف قريبا ، فإنه سوف يجر شعبه و شعوب المنطقة بأكملها نحو حربا طائفية هائلة تفني الملايين ، و هي حتما ليست من أجل إنقاذ زينب من السبي .

عن موقع رابطة أدباء الشام