قصة قصيرة من وحي الواقع

[نبيل الجلبي]

قصة قصيرة من وحي الواقع

تنازعات مجموعتان من الناس (س و ص) نزاعا قويا مسلحا وكان الطرفان يتراشقان بالحجارة فقط ولم تتدخل السلطة الحاكمة لفض النزاع وانما اكتفت بالتفرج عليهما .
في أحد الأيام رشقت المجموعة الأولى (س) المجموعة الثانية (ص) بالسهام المسمومة مما أوقع عددا من الضحايا بالمجموعة (ص) التي قامت بدورها بتقديم شكوى الى السلطة الحاكمة لكثرة عدد الضحايا أولآ ولأن السهام كانت مسمومة ثانيا ولأن هذه المرة لم تكن المرة الأولى التاي تستخد فيها المجموعة ( س) لهذا النوع من الأسلحة ثالثا وأخيرا لأن السلطة الحاكمة تمنع إستخدام هذا النوع من الأسلحة .
سارعت المجموعة (س) الى نفي استخدامها لهذه السهام واتهمت بدورها المجموعة (ص) بفبركة هذا الموضوع وقالت إن الضحايا تم جلبهم من مناطق تابعة للمجموع (س) الى المنطقة التي تتواجد بها المجموعة (ص) ومن ثم قامت المحموعة (ص) بضربهم مع أخرين من نفس المجموعة بهذه السهام أي رموا أنفسهم معهم!.

انتفضت السلطة الحاكمة غضبا وزعقت وأربدت وهددت بضرب المجموعة (س) وأخذت تتحرك هنا وهناك لتجميع قواها اللازمة لتنفيذ تهديدها .....
هنا ...وهنا فقط اعترفت المجموعة (س) بامتلاكها للسهام المسمومة فهدأ روع السلطة الحاكمة وتناست التهديد والوعيد لتتفق مع المجموعة (س) على تسليم هذه السهام المسمومة الى السلطة وبالتالي عمت الأفراح والليالي الملاح بين المجموعة (س) واستمرت برمي الحجارة على المجموعة (ص) وعادت السلطة للتفرج على التراشق وهي تهنئ نفسها بقرب حصولها على السهام المسمومة وابتعاد خطرها عن طفلها المدلل والذي يسكن قريبا من المجموعتين.

وحسبنا الله ونعم الوكيل

[سعيد نويضي]

بسم الله و الحمد لله و سلام الله على الأديب الفاضل نبيل الجلبي...

قصة من وحي الواقع...هو عنوان يشير إلى حدث أو أحداث يشهدها الواقع العربي بما يمر به من فترات عصيبة...و كان من جميل القول أن تبدع عنوانا تترك فيه للقارئ فسحة الاجتهاد لاستكشاف حقيقة القصة هل هي من الواقع الحي أو من المتخيل المتراكم من أحداث هي أصلا من الواقع حتى و إن أخدت شكل غرائبي أو عجائبي كما هو الحال في بعض القصص...

فعلاقة مجموعة (س) بمجوعة(ص) هي علاقة صراع حول شيء ما...و ذاك الشيء ما غير محدد بشكل واضح...هل هو نزاع قبلي عرقي على مذهب أو على أرض أو على منابع مياه أو على ثروة أو ثروات أو غير ذلك من المواضيع التي يدور حولها الصراع...أهو على الكرامة و الحرية و العدل و الحق و الخير...أم على تفاهات فبركها الذين لهم منافع و مصالح من أجل الاستيلاء على ما لديك حين تستعمله في الوقت (الذي يجهله أو يعلمه أو يريد أن يرى آثاره في الواقع الحي)...
الحدث هو صراع على شيء ما...و الجميل في القصة أنه ليس مهم الموضوع المتنازع عليه و لكن الأساس هو ما لدى كل مجموعة من الأدوات و الأسلحة للدفاع عن ذاتها و كيانها كمجموعة...و هذا ما أمد القصة بتحول في مفهوم الحدث...

الشروط كما يقال: البداية و الوسط أو العقدة و النهاية.
القصة حققت شروطها...
البداية :صراع بين مجموعتين لم تتدخل السلطة لفض النزاع بل تركت المشهد لتتفرج على الضحايا من الجانبين...
العقدة: إحساس إحدى المجموعتين بعدم كفاية الأسلحة و الأدوات المتوفرة لها حتى تحقق النصر فلجأت لما هو "محظور" أو "غير شرعي"...الشيء لذي خلق نوع من تفوق مجموعة على أخرى...و هذا ما لا تريده المسماة "السلطة"...
النهاية " مصادرة الأسلحة المسمومة حتى يتم ليس "التوازن الاستراتيجي" بين المجموعتين بلغة الدبلوماسية بل حتى تظل الجارة المدللة مرتاحة مطمئنة على مستقبلها...

عناصر القصة...

الشخصية: مجموعتان تنتميان لجلدة واحدة...
البيئة: (زمانية ـ مكانية) الواقع العربي في زمننا المعاصر...
الصراع: تمت الإشارة إليه في بداية الكلمة فهو أي الصراع قد جمع بين الخارجي أي ليس بصرع نفسي بل هو صراع اجتماعي و هو كذلك صرع خارجي لتبرير غاية خارجية...

كما يطرح بعض النقاد هل أجابت عن أربع أسئلة التي تشكل بؤرة العقدة...كيف وقع و أين وقع و متى وقع و لم وقع ؟!
كيف وقع: نزاع و صراع مسلح بغير هدف محدد...
أين وقع: الواقع العربي...حاليا و تاريخيا في كل بقاع العالم حيث العنف و الصراع كانا من نتائج اصطدام مجموعتين على شيء ما قد يكون من التفاهة بمكان كما حدث في بعض ما روي بين بعض القبائل...
متى وقع: في الزمن الحاضر و في سالف العصر بحيث تنطبق مقولة "التاريخ يعيد نفسه...مع تعديل بسيك في المقولة...يعيد نفسه و لكن ليس بنفس الشكل"...
و لم وقع: و هنا بيت القصيد...هل وقع النزاع و الصراع دفاعا عن الأرض عن الكرامة عن العدل عن ماذا...؟

كما يبدو واضحا من خلال النهاية أن النزاع و الصراع لم يقم إلا لكي تتسلم الأسلحة المحظورة المهيمنة على القرية و يظل الطفل المدلل ينعم بالطمأنينة كما أشار إلى ذلك الأديب نبيل الجبلي...

النسيج جميل و الحبكة متواصلة بلغة سليمة...أعتقد أن القصة هي خبرية أكثر من كونها فنية...مع العلم أن الأسلوب جاء سهل سلسل تغيب فيه الصورة الشعرية الجمالية الفنية مما أضفى عليها مفهوم قصة الخبر...

إن أصبت فبفضل الله و ممن قرأت لهم في مجال الإبداع و النقد و إن أخطأت فمن جهلي بقواعد النقد و الكتابة و القراءة...

تحيتي و تقديري...

[نبيل الجلبي]

الأستاذ القدير سعيد نويضي المحترم
يشهد الله اني عاجز عن الرد على ما أطريتني به وعلى هذا النقد والتحليل الرائع لقطعة إنشائية وليست قصة بالمعنى الصحيح لسبب بسيط جدا هو إن هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها قصة قصيرة وأردت بهذه القطعة أن أعبر بطريقة ما عن الواقع المر الذي عشناه ونعيشه تجاه جريمة متكاملة الأركان من حيث معرفة المجرم والضحية وسلاح الجريمة والدوافع ولكن (السلطة الحاكمة) في هذا العالم لها رأي أخر .
أشكركم جزيل الشكر وبارك الله بكم