بات من المؤكد أن الصراع على التواجد الجيو سياسي في الشرق الأوسط ومنطقة الصحراء الكبرى والساحل أصبحا من أولويات الأجهزة الأمريكية بتنسيق مع استخبارات البنتاغون، فالحرب على الإرهاب الدولي ومواجهة البيت الأبيض لكانتونات في المنطقتين يدفع باتجاه إعادة النظر في الاشتغال على هذه الملفات، وهو ما يسبق الحسم الأمريكي مع روسيا وباقي الأوراق بما فيه استعادة التوازنات في سوريا بعد تحريف الجيش السوري معركة شعبه نحو الحرية.إلى ذلك، إن الملف السوري بعثر الأطراف الإقليمية لأن الخيار البديل قد يكون تدخل أممي لأن مشكل الشعب السوري يمكن عرضه تحت عنوان جرائم حرب ضد الإنسانية رغم الفيتو الروسي –الصيني؛ كما جرى في الحالة الليبية إزاء جرائم كتائب القذافي. لكن إيران تناور ضد الجيش الحر الذي لا يزال دفاعيا في سوريا. غير أن روسيا متخوفة من الرد الأمريكي / الأوروبي لذلك جمدت تسليم صواريخ "س 300" لأن أوباما قد تكون له خيارات أقوى. فانزلاق موسكو في هذه الحرب المعقدة بسوريا لن يترك ترددا لواشنطن لأن مصالح أمريكا واضحة، و قد صنفت الخارجية الأمريكية "حزب الله" كمنظمة إرهابية إبان حرب تموز. لكن الإدارة الأمريكية لم تعد على تمهل من أمرها وقد تفاجئ الأسد بحسم مفاجئ من خلال دعم المعارضة السورية أكثر من السابق. من جهة أخرى، فإن الإدارة الروسية تعمل على لخبطة الأوراق بشراكة مع الجزائر ومنظمة البولساريو وعناصر من الطوارق بمنطقة الصحراء الكبرى والساحل وعلى امتداد الخط العرضي للصحراء الكبرى والساحل وبتنسيق مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. لكن عزل إقليم الصحراء الغربية بإجراءات خاصة رغم نية الرباط تسليمه حكما ذاتيا هو تكتيك مؤقت لأن التنقيب عن البترول في محيط جزر الكناري يهدد الاستقرار في جنوب المغرب. فدخول موسكو و الجزائر العاصمة على خطوط العمليات بالمنطقة .هو ما دفع الخارجية المغربية للتعجيل بزيارة موسكو. لكن لافروف في ندوته المشتركة مع العثماني أجهض النتائج المنتظرة من الزيارة عندما كرر الموقف الروسي بحل الاستفتاء كخيار وحيد لنزاع الصحراء الغربية، لهذا إن مقاربة الرباط لملف الصحراء من البوابة الروسية هي رؤية غير منضبطة مع تقاطعات السياسة الدولية وضوابط الاستقطاب الدولي للمنطقة. فالمرحلة تخدم مصالح الرباط في اتجاه باريس وواشنطن.غير أن الوضع الإقليمي في شمال أفريقيا وبخاصة في مصر أفقد المنطقة دور القاهرة كلاعب رئيسي في المربع الإقليمي بعد عزل الرئيس مرسي والانقلاب على شرعيته من طرف الجيش والفلول من المخابرات العامة المصرية. من جانب آخر، يرى ملاحظون كثر أن دعوة حميد شباط عن "حزب الاستقلال" المغربي خروج وزرائه من ائتلاف الأغلبية الذي يقوده حزب" العدالة والتنمية" الإسلامي والذي قد يؤدي إلى أجرأة انتخابات مبكرة في المغرب وعودة حزب الاستقلال إلى المعارضة برغبة فرنسية جراء تسويقه خطابا في إقليم الصحراء أغضب أطرافا دولية. هو تأكيد على جهد حثيث من مقرري السياسات السابقة في المنطقة العربية (قبل مجيء الربيع العربي) لإنتاج نفس السياسات مما يدخل المنطقة العربية في صراعات ستعجز الأجهزة العربية في الدولة العميقة على تجاوزها، و بذلك سيتكرر الفشل في تجاوز مقررات الربيع العربي ، ويزيد من وعي الشعوب العربية بالمفسدين.
نزار القريشي