فكرت كثيراقبل أن أكتب هذه السطور ، ولكني في النهاية قررت أن أسرد تجربتي في مجال العمل لعلي أفيد و أستفيد :
تخرجت من إحدى كليات التي تخصصت في اللغات و الترجمة بتقدير مرتفع و كنت و الحمد لله من الأوائل على دفعتي و لكني لم أعين بالكلية لأن حظي العاثر أوقعني في أشطر دفعة مرأت على الكلية منذ عام 1996 . و تخرجت من الكلية و بدأت أبحث عن عمل و كل فكري متجه إلى أن خريجي كليات اللغات يعملون إما في مجال الإرشاد السياحي أو السكرتارية ،و بالفعل عملت في مجال السكرتارية في إحدى شركات المقاولات و لكني تركته بعد قليل لعدة اسباب أهمها نظرة المجتمع الدونية لمن يعملون في هذا المجال .
و بعد ان تركت العمل بعدة أشهر ، لوحت لي فرصة للعمل بإدارة الترجمة بإحدى الشركات ، وعندما ذهبت لمقابلة المدير أخبرني أنني لن أعين بالشركة نفسها و لكن سوف أعمل على قوة عقد إحدى الشركات العاملة في هذه الشركة و أنه لن يكون أي إمتيازات من تلك التي يحصل عليها العاملون المثبتون في الشركة و لن يكون لي أي إمتيازات سوى الراتب الذي سأحصل عليه أخر الشهر مخصوما منه أيام أجازات الشركة و أي غياب ،و عندما أخبرني بذلك أظلمت الدنيا في وجهي ولم يغمض لي جفن ليلتها و لعنت ليالي المذاكرة الطويلة التي كنت أسهر فيها أحيانا إلى الثالثة صباحا ،و بعد تفكير طويل قررت أن أقبل العمل لأني قد لا أجد غيره و لأني كنت قد بدأت أصاب بالجنون من الجلوس في المنزل بلا عمل .
و بدأت العمل ،لأكتشف عالما جديدا مختلفا ، عالم من الحروب و الاحقاد الخفية و المعلنة ، و لكم عانيت من نظرة العاملين المثبتين الإستعلائية و من خوفهم من أن أحسدهم ، لأني لم أكن أحصل على خمس المميزات التي يحصلون عليها ،هذا بالإضافة إلى أن العاملين على قوة العقد يشملون المؤهلات العليا و المتوسطة و العمال ( كعمال النظافة) ، و كنا و مازلنا نخرج و ندخل من الباب الفرعي للشركة الذي يطلق عليه الموظفون المثبتون ( باب الخدم ) ، و لكن ما كان يخفف علي الأمر أن العاملين معي كانوا أكبر مني بكثير وكنت أنا أحاول أن أصبر نفسي و أقول أنا مازلت صغيرة و لابد أن يبدأ أي إنسان عادي صغيرا ثم يكبر .

بدأت العمل بجد و إجتهاد و رغبة صادقة التعلم ، خاصة بعد ان علمت أن مدير الإدارة لم يبق له إلا خمس سنوات ليخرج إلى المعاش ، هذا بالإضافة إلى انني أحببت عملي في مجال الترجمة ، و عندما أنس مني المدير رغبة صادقة في التعلم بدأ يرشدني إلى الطريق الصحيح ، فبدأت ، كلما و جدت وقتا،أخرج الملفات القديمة من الخزانات و أحاول أن أتعلم منها . وبدأت تتحسن أحوال الشركة التي أعمل بها فوفروا لنا بعض المزايا.

ثم حدث فجأة مالم يكن في الحسبان ، فقد أنتقل جميع الموظفين الذين أعمل معهم إلى إدارات أخرى ، و لم يبق في إدارة الترجمة سوى أنا و المدير ، وذلك بسبب مشكلات داخلية لا داعي للإطالة للسرد فيها ، ووجدت نفسي كثيرا وحيدة دون أن أجد أي مساعدة في العمل ، وكم تمنيت أن أجد من يساعدني في العمل و ياليتني ما تمنيت فقد جرت علي هذه الأمنية الكثير من المصائب .

بدأت المشكلات بتعيين زميلة جديدة بالإدارة - اصغر مني سنا ، ثم أعقبتها زميلة أخرى - أنتقلت من إدارة أخرى إلى إدارة الترجمة- و عقب إنتقال هذه الزميلة بدأت المشكلات الحقيقية . بدأ الامر بمشكلات صغيرة قد تحدث في أي عمل و كأن أن تضيع بعض الأشياء الخاصة بي و أسأل ما إذا قد راها أحد فتقول لي :"هل تسرقيننا ؟" و لكني لم ألتفت إلى هذا المؤشر الخطير ، ربما لأني كنت مازلت صغيرة و قليلة الخبرة .

و بدأت المشكلة الحقيقية بمشكلة كبرى أفتعلتها هي مع المدير، و شعرت أنا بالخطر ورأيت أن الأمر يتفاقم ، و ايقنت أنه قد يتحول إلى الشؤون القانونية في أي وقت ، و بما أنني كنت الشاهد الوحيد في الواقعة فوجدت نفسي سأخسر أحد الطرفين إلى الأبد بسبب معركة كلامية لا ناقة لي فيها و لا جمل هذا بالإضافة للإستدعاء للشهادة ، فقررت أن أترك المكتب لبعض الوقت إلى أن تهدأالأمور . و حدث ما توقعت فقد تفاقم الأمر وتم تصعيده للمدير العام و لرئيس الشركة .

في اليوم التالي ، سألتني زميلتي :" لماذا تركت المكتب ؟"فقلت لها :" لأنني لم أرد أن أخسر أحدا " لا أنتي و لا هو" فقالت لي " لا أنتي خرجتي كل لا تخسريه هو فقط . فأكدت لها كلامي مرة أخرى و لكنها لم تصدق و لم أوقن للأسف أنها أعلنت الحرب ضدي أنا و المدير .