جس نبض الحــــــب
لصلاح ابوشنب

دخل ناظر المدرسة الثانوية الليلية الى الفصـــل بشكل مفاجىء ، ألقى فى أذن المدرس همسات ، تأجل بعدها الدرس ، قال المـــدرس وهو يلملم أوراقه : زميلكم عماد توفى .. انتفض الطلاب .. اندفعــوا الى فناء المدرسة ، وقف الناظر فى الوسط وســـأل عمـــــن يعرف عنوان المرحوم ؟ قال أحدهم أنا ... امتلئت عربة الترام رقم أربعة عن آخرها بالطلاب متجهه الى حى رأس التين ، عند التاسعــة ليلا وصــــل الناظر . المـدرســون وجميـــع الطلاب ، الكــــل يبكى فى مشهد مهيب ، وقـــف الجميـــع عند بــــاب العمـــارة مشدوهيـن .. لاسرادق ولا بكاء ، ولا أحد من أهــــل المتوفى يتلقى العـــزاء . لا مصابيح فى المكـــان مُتدلاّة ولا شىء يـــدل على حدوث حالة وفاة . أسرع بعـــض الطلبة فاحضروا كراسى مـــن المقهى المجاور كى يجلس المعزيون ، عند أول الطريق ظهرت فتــاة تصرخ ، اعتقــــد الحاضــــــرون أنها شقيقته ، فتقدموا لتعزيتها ، قبلــت العزاء وهى تنتحب بشدة .
ظل الناس على هذا الحـــال حتى اقتربـــت عقارب الساعــة من الحادية عشرة ليلا ثم بدؤا بالانصراف واحد ورآء الآخر . لــم يتبقى سوى حضرة الناظر والمدرسين كاظمين غيظهــم مستغربين مـــــن هذا الموقف الساخر المهين . شاب فى العشرين كــان يجلس علـــى المقهــــــى المجاور بألحاظه يراقبُ الحاضرين و بعــــد انصراف جــــل المعـزيين تقدم وسأل الباقين عن سبب تجمعهم ، تظاهر بالاندهاش مـن سماعه للخبر ، استنكر الأمر فى تعجب مصطنع .. اتضح فـــــى النهاية أنه شقيق للمتوفى . بعـــد قليــل مـــــن التــردد المصحوب بالارتباك استــــأذن فــــى الذهــــاب للاتصـــال بوالــده لاستجلاء الأمر. عــــاد نافيا للخبر مؤكدا على انها اشاعــــــة كاذبة وأن شقيقه فى زيارة لوالده المتزوج بأخرى وهو حّى يرزق .
استاء حضرة الناظر الذى كــــان قـــد اغلـــق مدرسـتــة علــــى الفـوروذهـــب مــــع أعضاء هيئــــــة التدريس لمواسأة أهل الطالب ومشاركتهم احزانهم كما تضجــــر المدرسون ، بينما هتفت الفتاة .. عماد حّى .. عماد لم يمت .. الحمد لله حبيبى حى .

========
=====
===