الصهيونية
مدار - 01-01-2006


اسم لحركة وايديولوجية تعبر عن رغبات وطموحات الشعب اليهودي في العصر الحديث وفي مقدمتها (العودة) الى (ارض اسرائيل) على حدّ تعبير هذه الحركة.

واول من استعمل هذا المصطلح كان المفكر والكاتب اليهودي نتان بيرنبويم (1864 - 1937)، مقتبسا المصطلح من كلمة (صهيون) للاشارة الى الحركة المتجددة التي تؤيد (عودة) الشعب اليهودي الى فلسطين وتحقيق احلامه وأُمنياته، مع العلم ان بيرنبويم نفسه قد انخرط في حزب (اغودات يسرائيل) المتدين وأصبح من كبار معارضي الصهيونية، لكون حزبه لا يؤمن بـ (العودة) السياسية الى فلسطين. والواقع ان الصهيونيين استطاعوا الاستفادة من المعتقدات الدينية وتسخيرها لخدمة التوجهات السياسية التي نادت بها الحركة الصهيونية.

تعود جذور الصهيونية الى قرون ماضية من حيث اشكال التعبير، اذ ظهرت حركات يهودية تنادي بـ (العودة الى ارض اسرائيل)، وكانت هذه الحركات تثير الحماس في نفوس اليهود بأن الخلاص قريب جداً مستغلة الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي كان يمر بها اليهود في مختلف الدول التي حلوا فيها.

والواقع ان مجيء اليهود الى فلسطين في السابق كان لأهداف محض دينية مثل الحج والتبرك من قبور الاولياء والصديقين اليهود او للموت والدفن في الارض المقدسة. ولكن من الواضح ان مثل هذا التوجه قد تغير ابتداء من النصف الثاني من القرن التاسع عشر في اعقاب ظهور تيارات وحركات فكرية وسياسية وادبية يهودية ثم صهيونية دعت بوضوح الى الهجرة الى فلسطين على اساس قومي لتجسيد فكرة (اعادة بناء صهيون) و(تحقيق آمال الشعب اليهودي بالعيش في وطن اجداده).

وظهرت بوادر الحركة من خلال كتابات مجموعة من المفكرين اليهود الدينيين والسياسيين امثال الحاخام يهودا حي القلعي (1798-1878) والحاخام تسفي هيرش كاليشر (1795-1874) وغيرهما الذين دعوا الى هجرة يهودية في مطلع القرن التاسع عشر الى فلسطين وإقامة مستوطنات ووضع الأُسس الثابتة (لتجديد ملك اليهود).

وظهرت طروحات من قبل عدد من المفكرين اليهود الاخرين امثال موشي هيرش (1812-1875) الذين نادوا بضرورة وجود استقلال ثقافي حضاري لليهود بإعتبارهم أقلية قومية لها ميزة خاصة ضمن اطار الدولة الاشتراكية. وظهر تيار صهيوني آخر نادى بوجوب اندماج اليهود في المجتمعات الاوروبية التي يعيشون فيها والتوقف عن الشعور بالغربة والحياد. وظهر تيار اخر في الصهيونية رأى ان الحل الوحيد لمشكلة اليهود يكون فقط عن طريق توطينهم في فلسطين، وهذا يُرضي الدول الاوروبية التي ستتخلص من إرث مسألة اليهود.

وتعمق الجدل والنقاش داخل التيارات اليهودية - الصهيونية في القرن التاسع عشر الى ان قام هرتسل بالدعوة الى عقد المؤتمر الاول العام 1897 في بازل - سويسرا. ولهذا فإن هرتسل يُعتبر المؤسس الحقيقي للحركة الصهيونية فكراً وممارسة. والواقع ان هرتسل قد اقتنع بعد اطلاعه على مجريات الامور والاحداث السياسية الدولية أنّه يجب الاعتماد على دولة كبيرة ذات نفوذ واسع لتأمين الارض والاستيطان للصهيونيين، فحاول مع السلطان العثماني ومع القيصر الالماني نيل الدعم اللازم من اجل تحقيق المشروع الصهيوني ولكن دون جدوى. الا ان هرتسل لم ييأس من متابعة المحاولات فأجرى اتصالات مع القيصر الروسي ومع البابا ومع شخصيات سياسية عالمية اخرى، الا ان ما اراده لم يتحقق في عهده. انما محاولاته الدؤوبة وضعت المسألة اليهودية في مقدمة القضايا التي ستقف امام الدول العظمى حينما يحين الوقت لإتخاذ قرارات مهمة، وبالفعل تتوجت مساعي هرتسل وخلفائه من بعده وفي مقدمتهم حاييم وايزمان بالحصول على تصريح بلفور في الثاني من تشرين الثاني 1917.

ولقد تعرضت الحركة الصهيونية الى عدة انقسامات فظهرت تيارات متنوعة ومنها الصهيونية الدينية والصهيونية العملية والصهيونية السياسية وغيرها.

والمتتبع لنشاطات الحركة الصهيونية على وجه الاجمال يجد ان الصهيونية نجحت في تحقيق مشروع بازل الذي باركه هرتسل، وهو المشروع الذي حول القضية اليهودية من مجرد قضية اقلية مغمورة الى مسألة عالمية تحتاج الى اعتراف بوجودها وتطلب حلاً لها.

ونجحت الحركة الصهيونية في اقامة مؤسسات لها مثل كيرن هيسود (الصندوق التأسيسي) والكيرن كييمت وغيرها. وسعت هذه المؤسسات الى جمع الاموال والتبرعات من اثرياء اليهود بهدف شراء الاراضي في فلسطين وإقامة المستوطنات اليهودية عليها، لتكون نواة الدولة اليهودية المزمع الاعلان عنها في المستقبل.

وتحقق المشروع الصهيوني العام 1947 عندما اتخذت الامم المتحدة قرار 181 الداعي الى انشاء دولتين في فلسطين الواحدة يهودية والثانية عربية. واما على ارض الواقع فنجح اليهود في الاعلان عن دولتهم العام 1948، واخذت مختلف الدول المؤيدة لها بالاعتراف بها.

وتعرضت الحركة الصهيونية الى قرار صادر عن الامم المتحدة العام 1975 اعتبرها حركة عنصرية، ولكن القرار الغي العام 1992. واعتبر العرب والمؤيدون للقضية الفلسطينية ان الحركة الصهيونية حركة استعمارية غربية عنصرية.