تحليل النفس في التراث العربي الإسلامي. الغزالي نموذجا.
لقد اهتم الفلاسفة المسلمون بالنفس وأمراضها، وبرزوا في تشخيص أحوالها، ووصف علاجها، واشتهر منهم الكثير في ذلك. ومن الذين تميزوا بالأصالة في الموضوع والمنهج، الشيخ أبو حامد الغزالي. الذي تميزت نظرته إلى النفس عن فلاسفة اليونان، ومن تبعهم من فلاسفة الإسلام.
وقد ظهر ذلك التميز في أنه يستمد أسس فلسفته النفسية من الإسلام، ومن تجربته الذاتية في التصوف.
يتكلم الغزالي عن النفس في ثلاث صور مختلفة تشبه إلى حد كبير التقسيم الثلاثي للأنا الذي قال به (سيغموند فرويد ) الذي يحدد الجهاز النفسي كالأتي: الأنا: ويمثل الشخصية الواقعية المهذبة اجتماعيا، والتي تسعى إلى التوافق والتكيف.
الهو: الرغبات والغرائز الداخلية اللاشعورية التي تسعى إلى اللذة والإشباع.
الأنا الأعلى: ويمثل أوامر ونواهي المجتمع الأخلاقية، أو جانب الضمير في الشخصية.
أما(الغزالي) فقد قسّم النفس إلى ثلاثة أقسام قبل( فرويد) بقرون، وإن كان التشابه موجود بين طبيعة كل قسم عندهما.
إذ يجعل (الغزالي) من النفس: « إذا سكنت تحت الأمر وزايلها الاضطراب بسبب معارضة الشهوات سميت النفس المطمئنة...وإذا لم يتم سكونها، ولكنها صارت مدافعة للنفس الشهوانية، ومعترضة عليها سميت النفس اللّوامة، لأنها تلوم صاحبها عند تقصيره.. وإن تركت الاعتراض وأذعنت، وأطاعت لمقتضى الشهوات، ودواعي الشيطان سميت النفس الأمارة بالسوء. »
وعليه نكون أمام ثلاثة أحوال للنفس:
1. النفس الشهوانية: سيطرة الأهواء، والغرائز والشهوات على العقل.
2. النفس اللّوامة: النفس المتوسطة بين صراع الأضداد، الشهوة والعقل.
3. النفس العاقلة: النفس المطمئنة بحكم العقل، وقمع الشهوات والتحكم فيها.
يتبع...