هذه القصيدة لشاعر جزائري ، يدرس الصيدلة..في فرنسا منذ سنوات..كتب القصيدة في مراحل الدراسة الثانوية..وعلى مقاعد الجامعة..وهو بعيد التخصص عن الأدب وفنونه..ولم يمنعه هذا أن يتفوّق..ويكتب روائع الشعر..
وهذه القصيدة ليست منتقاة، لأن كل قصائده في قمة العطاء، والإمتياز:
نبض و جراح...
عَـلِّـلِـيـني و امْطِـري إنْ شئتِ رَفْـضَـــا
و اجْـرَحي بالبعـــدِ أعْطــافَ الأمــــانِي
رُبَّ قـلـــبٍ من لـهـيـــــبٍ يَـتَـغَــضَّــى
أَوْقَـدَتْ أطـلالَــه ذكـرى الـمـكــــــانِ
قد أَسَــامَـتْــني بقـــــايا الحب عـضَّــا
نثـَــرتْ أوراقـَــهُ كَــفُّ الـزَّمــــــانِ
قد فَـضَـضْتُ القَيْـدَ من يُمْـنَـايَ فَضَّــا
يا لَـقَـيْــــدٍ في شـبــــابي قـد رمــــانِي!
**********
كُـنـتِ في فكـري خَيـالا من هـيـــــامِ
غــــارقًــا في نَـوْمِــــهِ لا يَـسْـتَـفِـيــــقْ
و غَـفَـا شـوقي و عِـمْــلاقُ يُـتَـــــامِي
بين كِـتْـمَــــــانٍ بِأَنَّـــــاتٍ و ضِــيــــقْ
كيف أَيْـقَـظْــتِ بقـايـا من غَــــــرَامِي
أُجْـهِـضَتْ قهرًا على القلب الرقيـــــقْ؟
لا رَعَــــا الله وَفَـــــائِـي و ذِمَــــــامِي
أنتِ وَهْــمٌ ضــاعَ في عمــرِ الرَّحـيـــقْ
**********
لا تُـعِـيـدِي ذِكْـرَ أيَّـامي الـخَــــــوالي
شَـاخَ في دنيـا الهــــوى ذاكَ الـولِـيـــــدْ
يا لَـبُـؤْسِـي مِنْ جِـراحَــاتِ اللَّيـــــالي
يَوْمَ هِمْــنَـا و النَّـوَى طَيْــفٌ شَــرِيـــــــدْ!
عَـرْبـَـدَتْ ذكــرى على صـرْحِ خيــالي
تَنْقــف ُ الأحــزانَ و الحبَّ الشَّـهِـيــــــدْ
و بِـنَـهْــرِي مُهْجَــــةٌ تَـرْثِي لِحَـــــالي
تَـغْـمِـزُ الشَّـــوْقَ بِمِجْــدافٍ طَـرِيــــــــدْ
**********
أَيُّ مَـعْـنَـى كان مـنـها ذاتَ صُـبْـــحِ
حـيـنـمـا ولَّــتْ و وارتــها الحـــدودْ؟!
و سَـقَـتْ أَرْضِي بِـكبريتٍ و مِـلْـــحِ
فـأَمـاتَــتْ عُشْــبَ هـاتِـيـكَ الـنُّـجُـــودْ
مُـرْهِـفٌ للكـونِ كي يُطْفِـيءَ جُـرْحِي
كيف كَـمَّـمْــتِ هُتـَافَــــاتِ الـوُجُـــــودْ؟!
أَجْــــرَعُ الآلامَ من دمـعـي و قَــرْحِي
و ضُـلُــــوعٍ ضَــــرَّهَــا ذُلُّ الـصُّــــدُودْ
**********
أنـا يـا دنـيـــا يَـتِـيــــمٌ في الـهــــــوى
عـــاشَ دهـــرًا بين أشـبــاحِ البـشــــرْ
في فـــؤادي كـانَ سِــــرٌّ و انْـطَــــــوَى
و رَمَــــاهُ الغَــــدْرُ يَـوْمًــا فانْـكَـسَــــرْ
أَبَـــدًا قـلـــبـي عن الحـــب ارْعَــــــوَى
مـا أنـا صَـخْــرٌ و لا قـلــبي حَـجَــــــرْ
كـيـف أَنْـسَـى من تَـبَـارِيـــحِ الـنَّـــــوَى
شَــــذَرَاتٍ سَـنَّـــــهَا خَـــطُّ القَـــــدَرْ؟!
**********
ضَـمِّــديـني و اطْـفِـئـي جمــرَ وُلـوعِي
يـا حُروفَ الصـبــرِ بالقـلـب الحــزيــنْ
هَــدْهِـــدِي بالله آهـــــاتِ ضُـلــــوعِي
إنَّـهـا تَـنْـــزِفُ مِنْ جـــرحِ الحـنــيــــنْ
هـل تُــرَى تَخْـبُــو بِرَمْـضــاءِ رُبُـــــوعِي
هـذه الـنِّـيــرَانُ أَمْ يَـفْــنَـى الأَنِـيــــــنْ؟
مــا أَرَى إِلاَّ اشْـتِـعـــــالاً في شُمـــــوعِي
تَـفْـضَــحُ السِــرَّ و تَـغْـتَـــالُ الدَّفِـيــنْ
**********
حِـيـنَـمَـا ذَابَـتْ سَـحـابـــاتُ الكَــــــدَرْ
و صَـفَــا لي مِنْ زَمَـــانِي مَـا صَـفَــــــا
و سَــرَى في مَـعْـبَــدِي حتى انْـهَـمَــــــرْ
كــأسُ أحــلامـي و تِحْـنَـاني طَـفَــــــا
نَـضَـبَ الزَّيْـتُ و مِـصْـبَــاحِي انْـتَـحَــــرْ
و اسْـتَـبَــدَّ القَـطْــرُ و الشَّمْـعُ انْطَـفَــا
فَـدَنَــا طَـيْــفُ حنينــي و انْـصَـهَــــــرْ
و تَـهَـــادَى في فُــؤَادي و اخْــتَـــفَــى
**********
بَـــدِّدِ الظُّـلْـمَــــةَ و افْـضَـــحْ أَمْـــرَهَــا
يا شُـعــاعَ الحب من قـلــبِ الحـبـيــبْ
كيف أُبْــقِــي في فــــــؤادي سِـــــرَّهَــا
و سُـهَـــادِي جَــارَ و الدَّمْــعُ صَـبِـيـبْ؟!
يـا طُـيــــورًا قـد أَقـامَـــتْ وَكْـــــرَهَــا
بين طَــيِّ الــرُّوحِ بالصَّــدْرِ الخـصِـيــبْ
لَـيْـتَــــهَـا آَبَـــتْ و مَــــاذاَ ضَـــــرَّهَــا؟!
مَـنْـهَـــلٌ عَــذْبٌ و أُمْـلُــودٌ رَطِـيـــــبْ
**********
لا تَـقُــلْ لي عِـشْــتُ أَهْـفُــو لِلِـقَـــــاكْ
كـان حُـبًّـــا في فــــؤادي و اخْـتَـنَـــــقْ
أو تَـقُـــلْ لي هِـمْــتُ في دنـيــا رِضَــاكْ
مــــا أنـــا إِلاَّ أَسِــيــــــرٌ و انْـعَـتـَـــــقْ
حَــرَّكَــتْ أشجــــانَـه ذكـــرى هَـــوَاكْ
فَـتَـهَـــــادَى كَبَــريــــقٍ في الغَـسَـــــقْ
ثم أَضْــنَـى مُـهْـجَــــتي يَـوْمًـا جَـفَـــاكْ
فاسْـتَـحــالَ البَـرْقُ وَهْـمًــا و احْـتَــرَقْ
**********
هل تُـرَى أبكي و هل يُجْـدي البكــــاءْ؟
يا لَصَـبْـــرِي من لَـهِـيـــبٍ قد نَـمَــــا
صَـارِخ كالـجــرحِ أَضْــوَاهُ الشَّـقَــــاءْ
ضَـمَّــدَتْ أَشْـجَــانَــهُ كَفُّ السَّــمَـــــا
خَــائِــفٌ أَتْـلُــو تَـعَــاوِيــذَ الـدُّعَـــــاءْ
هَــائِــمٌ في اللَّـيْــلِ أَرْعَـى الأَنْجُـمَــــا
أَيْـنَ مِــنيِّ قَـطْــفُ أزهــــارِ الـرَّجَـــاءْ؟!
أَيْـنَ مِـــنيِّ حُـبُّ هَــاتِـيـــكَ الـدُّمَــــى؟!
**********
كُـلَّـمَــــا مَــــــرَّ بِـفِـكْـــــرِي طَـلَـــــلٌ
يَـلْـثـُــمُ الأيَّـــامَ جِـيــــلاً بَـعْـدَ جِـيــلْ
أَنْـعَـــشَ الذِّكْـــرَى بِصَــــدْرِي بَـلَـــلٌ
فَـشَـفَـى من مِـلْــحِ آَهَــاتِـي الـغَـلِـيـلْ
و لَـكَـــمْ يـا قَـلْـــبُ جُــــرْحٌ جَـلَـــــلٌ
هَــزَّهُ الـنَّـهْـــرُ و أَدْمَــــاهُ الـنَّـخِـيــلْ
ضَـــاعَ في رَكْــــبِ الأمَـــانِـي أَمَـــلٌ
كـانَ أَقْـصَـى غَـايَـتي يَـوْمَ الـرَّحِـيــلْ



بلعباس غزول (عين وسارة)/الجزائر