الصحافة والمجلات النسائية تظلم المرأة
الدكتور عادل عامر
حول واقع الصحافة النسائية ومجلات المرأة في العالم العربي عقدت مؤخراً بساقية الصاوي ندوة استضافت خلالها الكاتبة الصحفية والباحثة بجامعة عين شمس هبة عبد العزيز والتي قدمت بحثا بعنوان "الواقع السلبي لمجلات المرأة وكيفية تطويرها"، وقد أكدت الباحثة أنها توصلت من خلال البحث إلي نتيجة صادمة وهى أن مجلات المرأة ظلمت المرأة، كما وجهت العديد من الانتقادات العنيفة لهذه المجلات النسائية. وقالت إن الدراسة شملت خمس مجلات هي (نصف الدنيا – حواء – كل الناس – المرأة اليوم"إماراتية" – سيدتي "تصدر من لندن" ) أما نتائج استطلاع الرأي حول مدى الاستفادة المرأة من مجلات المرأة من خلال عينة فشملت 200 امرأة يقعن في الفئة العمرية من 20 إلى 45 عاما من ذوات المؤهل الدراسي العالي وروعي في اختيارهن تنوع الخلفيات الاجتماعية والمستويات الاقتصادية، وكان لافتا أن نسبة 63% لا يعترفن بهذه المجلات كمصدر للثقافة والوعي، ولم يحدث أن اشترين إحدى هذه المطبوعات وتقتصر علاقتهن بها على القراءة العشوائية التي تحدث بالصدفة، وأن 17% من العينة يداومن على شراء مجلة واحدة على الأقل من هذه المطبوعات، 20% يواظبن على قراءة مجلة واحدة على الأقل ولكن من خلال الاستعارة من المكتبات العامة أو الصديقات أو النسخ القديمة في محلات تصفيف الشعر، والغريب أن 96% من قراء المجلات النسائية حسب العينة المستهدفة يعتمدن على مصادر أخرى للثقافة والمعرفة العامة أهمها التليفزيون والصحف غير المتخصصة. وحول الهدف الرئيس من مطالعة هذه المجلات قالت الباحثة: "جاء معرفة أحدث خطوط الموضة بنسبة 42%، ثم معرفة أخبار النجوم بنسبة 20 % وأحدث قصات الشعر والماكياج 12% والجديد في عالم الديكور 8%، والغريب أن البحث عن أسرار السحر الأسود والشعوذة شكَّل 7%، و3% الطهي والمدهش إن 97 % من قارئات هذه المطبوعات أعربن عن قناعتهن المطلقة بأن ما تقدمه هذه المجلات في أبواب الموضة والديكور والطهي عبارة عن تقليد أعمى للغرب لا يمت بصلة إلى واقعنا أو تفاصيل الحياة الاجتماعية التي نحياها، ولا حتى مع الإمكانيات المادية المتاحة". ووجهت الباحثة العديد من الانتقادات لمجلات المرأة العربية منها التركيز على الشرائح العليا في المجتمع من المتعلمات ونساء المدن الكبرى وسيدات المجتمع المرفهات، وفي وقت يتم فيه تهميش وتجاهل قطاعات نسائية كبيرة، وهن النساء في الريف والبادية والنساء العاملات في المهن المختلفة وكذلك غياب الروابط الفعلية بين القائمين على تحرير هذه الصفحات وبين قرائها الحقيقيين من النساء، وانتقدت تركيز مجلات المرأة على القضايا التقليدية، والتي تتضمن الأزياء والطهي والأطعمة والديكور، أي أنها تتعامل مع المرأة على أنها أنثى فقط، ولم تهتم بالنواحي العقلية واحتياجاتها وأدوارها الأخرى في المجتمع، فضلا عن التركيز على تغطية أخبار المشاهير من الفنانات وسيدات المجتمع، وعدم القيام بدور خبري ملموس يخدم ويلبي الاحتياجات النسائية والأسرية المختلفة، وطرح نماذج من الأزياء والديكور لا تتناسب إطلاقاً مع المرأة المصرية والعربية، وتوضح هبة عبد العزيز أن محرر مجلات المرأة يجب أن يتم اختياره بناء على مواصفات ومؤهلات محددة، ولكن لا يتم الالتزام بهذا على أرض الواقع الفعلي حيث تخضع عملية اختيار محرر مجلة المرأة للعشوائية والمجاملات والمحسوبية كجزء من السياق الإعلامي العام دون الوعي بأن محرر مجلة المرأة يجب أن يختلف في أدواته ومهاراته عن نظيره في المطبوعات الأخرى. وتشير هبة عبد العزيز إلى أن غالبية المصادر التاريخية تجمع على إن الوطن العربي عرف الصحافة لأول مرة في نهاية القرن الثامن عشر، وكانت مصر هي الدولة العربية الأولى في هذا المجال، حيث صدرت فيها أول جريدة تصدر في العالم العربي وهي الصحيفة التي أصدرها نابليون بونابرت عام 1798م باسم "كورييه دويلجيبت"، وكانت مصر أيضاً هي البلد العربي الأول الذي ظهرت على أرضها صحافة المرأة حيث أصدرت اللبنانية "هند نوفل" في نوفمبر سنة 1892م بالإسكندرية أول مجلة نسائية عربية وهي مجلة "الفتاة"، وكانت أول مجلة نسائية تصدر في لبنان هي مجلة "الحسناء" التي أصدرها "جرجي نقولا باز" سنة 1909م، وكانت سورية هي ثالث بلد عربي يعرف الصحافة النسائية حيث صدرت سنة 1910 أول صحيفة نسائية وهي مجلة "العروس" التي أصدرتها ماري عبده عجمي في دمشق، أما البلد العربي الذي عرف الصحافة النسائية بعد ذلك فهو العراق حيث أصدرت "بولينا حسون" أول مجلة "مرأة" عراقية، وهي مجلة "ليلى" التي صدر العدد الأول منها في الخامس من أكتوبر سنة 1923م، وكانت الكويت هي الدولة الخليجية الأولى التي صدرت فيها مجلة نسائية، وهي مجلة "أسرتي" التي صدر العدد الأول منها في 8 فبراير سنة 1965 ، ثم توالي ظهور مجلات المرأة والأسرة في باقي دول المنطقة. وتتميز مجلات المرأة والأسرة في منطقة الخليج والجزيرة العربية بتقدم مستواها الطباعي والإخراجي.