هذه هي المملكة العربية السعودية...!

[عبد الرشيـد حاجب]

إقتباس : سمير المصري


أستاذنا الناقد والأديب والمثقف العربى / عبد الرشيد حاجب

أحييك على هذه النظرة الموضوعية والقراءة المنفردة لنصوص الأحداث التى تعيشها الأمة العربية .

لقد وفقك الله وبلورت وأوضحت بإقتدار دور المثقف العربى تجاه قضايا بلده وأمته .

أتفق معك فى كل حرف كتبته يداك .

شكرا لك لأننى شخصيا إستفدت من هذه السطور الواعية الرشيدة .

خالص تحياتى وتقديرى.


أحييك أخي الشاعر سمير ، وأشكرك جزيلا على هذه اللفتة الكريمة.

أصارحك ، أني لم أكن أريد أن أتداخل في هذا الموضوع بعدما رأيته ينحرف لوجهة أخرى ، غير تلك التي كان يجب أن يأخذها. ذلك أن الوطنية مهما كانت متفتحة ، وأحادية النظرة حتى لو كانت صائبة ، لن تقودانا إلى غاية ما كنا نرجوه من نقاش تثاقفي مثمر ، وتحليل علمي رصين ، يستبطنان ما دق من الأمور ويكشفان ما خفي من مستور ، في خطابات هذه القمة ، لأن المسألة لا تتعلق فقط بغزة وحماس والقضية الفلسطينية ككل ، بل أيضا بمصير أمة ومستقبلها.لقد كانت هذه الحرب الظالمة سببا لتوحيد الشارع العربي ،عكس ما يعتقد البعض تماما ، خاصة من اعتقدوا أن رفض الآخرين لموقف هذه الدولة العربية أو تلك ،يمسهم في شرفهم كشعوب تعيش تحت سقف هذه البلدان ، وتتجنس بجنسيتها، وتحمل في دمائها جينات الإنتماء إليها ، وهو انتماء لا أرى له خطرا ، ولا أستشعر له قيمة إن لم يكن إسلامي النزعة ،وحدوي التصور ،إنساني الغاية في كل ما يروم إليه.
وقد كنت أريد لو أن أحدهم تفضل وحلل قيمة خطاب العاهل السعودي في إطار رؤية جيوسياسية للمنطقة.
لقد آمنت من البداية أن الصمت السعودي والتعنت المصري في قضية المعابر لا يمكن أن يكون هدفه الوحيد هو القضاء على حماس أو المقاومة بصفة عامة .فليس من السهل على أي متابع للوضع في المنطقة أن يسمع كلمة "صواريخ " دون أن يربط ذلك بصواريخ حزب الله ثم سوريا وبعدها إيران.
فقبل شهور فقط انتشرت مصطلحات ، وإن كانت قديمة ، فهي جديدة بالنسبة للكثيرين مثل الصفويين والرافضة والمجوس والفرس وغيرها ، وكان من أكثر الدول نشرا لهذه المصطلحات التي تهدف التهجم على إيران هما السعودية ومصر ، ولقد انتظرنا وقتها أن تهاجم اسرائيل أو أمريكا إيران لكن ذلك لم يحدث .وكلنا نعلم أن حزب الله وبعده إيران قد حصد خيرا كثيرا من تعاطف الشارع العربي ، فكانت أول خطوات الأنظمة العربية لكسر هذا التعاطف الشعبي هو فتح أبواب الجدال الطائفي ،لأسباب كثيرة يطول شرحها لكن من بينها على الأقل الصراع على مراكز النفوذ الإقليمي من جهة ، ثم تهيئة الرأي العام العربي لضربة صهيوأمريكية لإيران.
من هنا يمكن قراءة العدوان الصهيوني على غزة ، وفي ظل سكوت عربي محير ولا معقول ، على أنه استفزاز لإيران لتدخل الحرب سواء مباشرة أو عن طريق حزب الله - لتتوسع فيما بعد لتكون هدية أخيرة من بوش الصغير لمن سماهم بمحور الشر- وإن لم تدخل فلا أقل من أن تفقد ذلك التعاطف الشعبي الذي استحقته عن جدارة بنصر المقاومة في جنوب لبنان .لذلك لم يكن غريبا علينا أن نسمع هنا وهناك من يدعو حزب الله أو ايران بالتدخل ،بشكل استفزازي مقزز ، وهي كلها نداءات خفية صادرة عن مصر والسعودية.
ورغم كل الوحشية الحربية ظلت المقاومة صامدة بعد الحصار الطويل الذي سبقها وهو ما يؤكد أنها كانت مدعومة فعلا .كما يؤكد حصافة الموقف السوري- الإيراني وإحباطه للمشروع الصهيوني العربي المشترك.
وجاءت قمة الدوحة في قطر لتعمق جراح هزيمة السعودية وبعدها مصر والصهاينة .إن حضور كل من إيران وسوريا والسودان وحماس والجزائر لهذه القمة له من الدلالات الواضحة ما يغنينا عن التفصيل.لقد تعمد محور مصر –السعودية أن يفشل هذه القمة ويجعلها تبدو انشقاقا عربيا حتى يتمكن أن يدعو لا حقا لرأب الصدع في البيت العربي ، ويعزف المقطوعة المحببة لدى كثير من الشعوب العربية ..تلك هي معزوفة " الوحدة " أو "المصالحة " ، خاصة حينما تأتي من دولة هي أرض الرسالة الإسلامية الخالدة الداعية للمحبة والسلام .
المصالحة العربية تعني من بين ما تعني استبعاد إبران من اللعبة ، وتهميش دورها الإقليمي وفي نفس الوقت إبقاء الصراع الطائفي مشتعلا تنطلق شعلته من أرض العراق ، فقد كان في الإمكان جدا لو نجحت قمة قطر أن تجعل حدا للصراع العراقي وتتوحد الجهود كلها في المنطقة ضد العدو الوحيد للمسلمين المتمثل في إسرائيل وبعدها أمريكا.
لكن ذلك يبدو مستحيلا لأسباب معروفة كلها تتلخص في الولاء لأمريكا حفاظا على العروش الهشة.في حين يبقى الكرم الحاتمي أو " تبريحة المليار في خاطر غزة " كما نردد في أعراسنا بالمغرب العربي ، مجرد استعطاف للشارع العربي وإسالة لعاب من تعود أن يسيل لعابهم للدولار.
يبقى فقط أن أشير أن هذا الرأي كان جاهزا قبل إنعقاد قمة الكويت نفسها ، وهو لا يعتبر سوى سببا من أسباب الموقف السعودي المتشعبة ، والتي لا علاقة لها بمصالح الأمة العربية والإسلامية في الصميم.