تعليقا على مشاركة أخي وحيد (حتى اللغة تظلم المرأة) المنشورة على الرابط:
http://arabswata.org/forums/showthread.php?t=6914

دفاع عن العربية وحديث فيما لا يؤنث

لا يا أخي وحيد، أرجوك، لغتنا العربية بريئة من هذه الاتهامات جملة وتفصيلا، وليست مذنبة، وهي لم تظلم المرأة، ولم تظلم أحدا طوال عمرها المديد، ولا يجوز اتهامها بمعاداة المرأة، أو بممارسة التفرقة والتمييز على أساس الجنس، لأن اللغة العربية لغة جميلة، وعادلة، ومحايدة، ومظلومة، ومفترى عليها، ولأن هذه الاتهامات المنسوبة إلى اللغة فيها مخالفات واضحة لفصيح اللغة، وافتراء عليها، ولا يجوز لنا أن نحاسبها على هذا الأساس الباطل، لأن ما بني على باطل فهو باطل!

فالألفاظ والصفات التي يشترك بها الذكر والأنثى، أو التي تدل على الجنسين (على سبيل المثال لا الحصر) لا يجوز تذكيرها وتأنيثها كلها على الإطلاق. مثل: زوج وولد وعبوس وعجوز وأرمل لا تؤنث، إذ ليس في اللغة العربية زوجة وولدة وعبوسة وعجوزة وأرملة.

كما أن اللغة العربية تضم بين جنباتها بعض الصفات المشبهة والصيغ التي يستوي فيها المذكر والمؤنث ولا تؤنث، مثل ما كان على وزن "أَفْعَل" الذي مؤنثه "فَعْلَاء" كأبيض وبيضاء، فلا تقول: أبيضة ولا أبيضون، وإنما تأنيثه بيضاء وجمعه بِيضْ، ولا نقول أحمرة ولا أحمرون، وإنما تأنيثه حمراء وجمعه حُمْر على وزن "فُعْل". وكذلك غضبان مؤنثها غضبى، ولا يقال: غضبانة ولا غضبانون. إذن كل صفة مشبهة على "أَفْعَل فَعْلَاء" أو "فَعْلَان فَعْلَى" لا يقبل العلامات الفرعية المتمثلة في التأنيث والتثنية والجمع، أما اسم التفضيل فأغلب أحواله لزوم الإفراد والتذكير، وذلك إذا جرد من "ال" والإضافة إلى معرفة أو كان مضافًا إلى نكرة.

ومن الصيغ الأخرى التي تعكس ميل لغتنا إلى العدل والمساواة بين الرجل والمرأة صيغة مفعال التي لا تؤنث إفرادا ولا جمعا، فلا نقول معطارات وإنما نجمع معطار على معاطير، فنقول نساء معاطير ورجال معاطير، وامرأة مهذار رجال مهاذير. فهي أيضا من الصيغ التي يستوي فيها المذكر والمؤنث.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى المناصب والوظائف والواجبات والمهمات والمهن والحرف والأعمال والألقاب والرتب، لأن الأفصح أن لا تؤنث بل تبقى مذكرة حتى عندما تحتل المهنة أنثى (ما عدا بعض الاستثناءات مثل: معلم ومعلمة ، عامل وعاملة)، لذلك فإن كسر هذه القاعدة ينشأ عنه ظلم كبير لا يجوز بحق اللغة وبحق للمرأة أيضا، فنقول للمرأة حامل، ولا يجوز أن نقول حاملة، وإلا اختلط الأمر مع حاملة الطائرات، نقول طيار ولا يجوز أن قطعا أن نقول طيارة لأن الطيارة وسيلة من وسائل النقل، ونقول صيدلي ولا نقول صيدلية لأن الصيدلية هي محل بيع الأدوية، وكذلك غسالة هي (آلة غسل الملابس)، ونائبة (مصيبة) بينما المرأة (والكلام بيننا) هي (بركة ونعمة وخير!!!)، كما أن القاضية بالتأكيد ليست امرأة، وهل سمعت أحدهم يؤنث رسول ويقول رسولة؟!!!، ونحن نقول: المرأة كائن حي، ولا نقول المرأة كائنة (حية) لا سمح الله، وكذلك هو الأمر بالنسبة إلى وزير، ومدير عام ، ورئيس، ومفتش، وسفير، وعبد، وهلم جرا.

كذلك في لغتنا الجميلة التي تعلو على كل شبهة أو اتهام تستخدم لفظة عضو وأعضاء لأجزاء الجسد التامة الوحيدة من جنسها أو أجزاء أي شيء آخر، والأفصح أنها تذكر ولا تؤنث إذا كانت وحيدة من جنسها، لأنها بمعنى (جزء)، مثل (الرأس والأنف والقلب والبطن ... الخ). أما إذا تعددت في الجسد وكان منها اثنان أو أكثر، فالأفصح هو التأنيث، مثل (العين والأذن واليد والرجل ... الخ)، وعندما يتم إطلاق لفظة "عضو" مجازا على الإنسان باعتباره عضوا في المجتمع، يكون الأفصح هو التذكير للجنسين، فالرجل عضو والمرأة كذلك.

إضافة لكل ما تقدم، نجد أن لغتنا الحبيبة قد أنصفت المرأة، بل وميزتها عن الرجل، وخصتها وأفردتها ببعض الصفات الخاصة بها دون الذكر، وهذه الصفات التي تنفرد أو تختص بها المرأة دون الذكر لا يجوز تأنيثها بأي حال من الأحوال! مثال ذلك: حامل, مرضع, حائض، بكرٌ، ثيبٌ، طالق, (حلوب لا نقول حلوبة)

فمن هو المظلوم إذن المرأة أم اللغة؟!!!

ودمتم،

منذر أبو هواش