العرب وكاس العالم
بقلم الأستاذ :نعمان عبد الغني
namanea@yahoo.fr
بفضل جهود الاتحاد الدولي (ألفيفا) عرفت لعبة كرة القدم طريقها إلى الألعاب الأولمبية عام 1920 حيث شاركت في أولمبياد انفرس (14) دولة ثم ارتفع العدد في أولمبياد باريس عام 1924 إلى (22) دولة وكانت تلك الدول تمثل أربع قارات هي (أمريكا ، أسيا ، أفريقيا ، أوربا) . وحيال المشاكل التي نشأت في الدورات الأولمبية بسبب اللاعبين الهواة والمحترفين بدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (ألفيفا) يفكر جدياً في تنظيم بطولة عالمية بكرة القدم لتدارك مشكلة الهواية والاحتراف . وفي 26 أيار (مايو) لعام 1928 شهدت مدينة أمستردام الهولندية اجتماعاً مهماً للاتحاد الدولي لكرة القدم (ألفيفا) برئاسة رئيسه الفرنسي جول ريميه تم خلاله اتخاذ القرار التاريخي بتنظيم أول بطولة عالمية لكرة القدم وحدد العام 1930 موعداً لإقامتها وإفساح المجال أمام جميع اتحادات الدول العالمية للمشاركة .
والواقع أن اجتماع (ألفيفا) في أمستردام لعام 1928 لم يكن هو الاجتماع الأول لإقرار تنظيم بطولة كأس العالم . بل سبقته اجتماعات عديدة أبرزها الاجتماع الذي عقد في باريس يوم العاشر من كانون الأول (ديسمبر) عام 1926 لأعضاء اللجنة التشريعية المنبثقة عن (ألفيفا) . وتقرر أن تشمل البطولة أفضل الفرق العالمية وأن يشارك فيها الهواة إلى جانب المحترفين بدون تمييز . لكن هذا القرار لقي معارضة من اللجنة الأولمبية الدولية لأن إقامة هذه البطولة سوف يؤثر سلباً على اللعبة في الألعاب الأولمبية . لكن رئيس الاتحاد الدولي (جول ريميه) لم يكن على عجلة في ذلك الوقت حيث درس كل الاقتراحات بهدوء خصوصاً بعدما وجد معارضة من عدد لا بأس به من أعضاء الاتحاد الدولي لتنظيم مسابقة كروية خارج الألعاب الأولمبية . وعندما طرح المشروع على التصويت فاز بأغلبية ثلاثة وعشرين صوتاً مقابل خمسة أصوات . وبذلك أعطي (الضوء الأخضر) لإقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم في الأورغواي العام 1930 وقرر المجتمعون إبقاء الاجتماعات مفتوحة للموافقة النهائية على هذا المشروع وتشكيل لجان فرعية لتنظيم هذه المسابقة .
وفي (17 ، 18) أيار (مايو) العام 1929 اجتمع الاتحاد الدولي (ألفيفا) في مدينة برشلونة الإسبانية لدراسة اقتراحات اللجنة المكلفة بوضع المقترحات المالية والتنظيمية وتمت الموافقة على كل القرارات المتخذة بشأن إقامة البطولة في العام 1930 لكن اللجنة لم توافق على إقامة البطولة في الأورغواي وكذلك طلب الأوربيون تغيير مكان إقامة البطولة بسبب البعد وتكاليف السفر . لكن الاتحاد الدولي رفض ذلك وأصر على إقامتها في مونتيفيديو . كما أن موعد إقامة البطولة يصادف احتفال الأورغواي بالعيد المائة لاستقلالها . وحيال هذا الأمر لم تشارك في هذه البطولة سوى أربع دول أوربية هي رومانيا وبلجيكا ويوغسلافيا وفرنسا التي شاركت في أخر لحظة . وبذلك انطلقت أول بطولة كأس العالم لكرة القدم بمشاركة (13) دولة بينها أربع دول أوربية وتسع دول من أمريكا .
وبعد نجاح بطولات كأس العالم الأولى والثانية والثالثة التي جرت في الأورغواي وإيطاليا وفرنسا وأثر انتهاء الحرب العالمية الثانية عقد الاتحاد الدولي لكرة القدم (ألفيفا) اجتماعاً برئاسة نائب رئيسه البلجيكي سليدريزر في لوكسمبورغ في 25 تموز (يوليو) 1946 قرر المجتمعون على أثره إطلاق أسم (جول ريميه) على الكأس العالمية تقديراً لجهوده في إطلاق هذه البطولة ومنذ ذلك الحين عرفت كأس العالم باسم (جول ريميه) .

العرب في كأس العالم :
بالعودة إلى سجلات بطولة كأس العالم لكرة القدم يمكن القول أن ست دول عربية فقط نجحت حتى الآن في تمثيل الكرة العربية في البطولات العالمية . وتعد مصر الدولة العربية الأولى التي نجحت في أن تكون السفيرة الأولى للكرة العربية في كأس العالم وكان ذلك في إيطاليا العام 1934 . وبعد ذلك غابت الكرة العربية عن الأدوار النهائية لكأس العالم فترة طويلة استمرت من العام 1934 حتى العام 1970 حيث نجحت المغرب في دخول الأدوار النهائية التي جرت في المكسيك وكانت نتائجها مقبولة إلى حد ما . واعتبر الفريق المغربي أول فريق عربي يتسبب في توتر الفريق الألماني الاتحادي الوطني . وبعدما غاب العرب عن نهائيات كأس العالم في ألمانيا الاتحادية العام 1974 عادت تونس في العام 1978 في الأرجنتين تحظى بشرف تمثيل الكرة العربية هناك حيث سجلت نتائج مرضية وشاءت الصدفة أن تقع تونس في مواجهة مع منتخب ألمانية الاتحادية الذي أصبح (معقداً) من الدول العربية .
وفي المونديال الإسبانية العام 1982 سجلت الكرة العربية قفزة جريئة في فوزها بمقعدين للأدوار النهائية عبر الجزائر (ممثلة أفريقيا) والكويت (ممثلة أسيا) . وقد شرفت الجزائر الكرة العربية في هذه البطولة ، عبر فوزها التاريخي على ألمانيا الاتحادية التي لم تستطيع على ما يبدو حل (عقدتها) مع الدول العربية . وعلى صعيد المنتخب الكويتي قدم عروضاً جيدة عكست جدارته تمثيل الكرة العربية في إسبانيا .
وفي المونديال المكسيك العام 1986 نجحت دولتان في الصعود إلى النهائيات للمرة الثانية وهما الجزائر والمغرب (ممثلة أفريقيا) فيما كان انتقال العراق الفريق الثالث لأول مرة في تاريخها الكروي (ممثلة أسيا) بعد سلسلة نتائج كبيرة حققتها التصفيات التمهيدية . حيث لعب العراقيون خارج بلدهم وبعيداً عن جماهيرهم . وقد يكون طبيعياً تفوق الكرة في المغرب العربي وانتزاعها بطاقتي أفريقيا لكأس العالم من خلال اقترابها من أوربا واحتكاكها بالفرق القوية والاستعانة بنجومها المحترفين في فرنسا وسويسرا والبرتغال وغيرها .
لكن كرة المشرق العربي لا تقل نجاحاً عنها خاصة وأن هذه البلدان لم تعرف الاحتراف الكروي حتى الآن ولكنها عوضت ذلك بالإمكانات المادية والفنية التي وضعتها في تصرف نوادي كرة القدم واستخدامها كبار المدربين والخبراء في هذا المجال كما أن لجوء الاتحاد الدولي (ألفيفا) إلى تقسيم دول أسيا إلى فئتين حرم الدول العربية من انتزاع البطاقة الأسيوية الثانية لنهائيات كأس العالم