من المعروف أن الاتحاد الأوروبي أصبح يضم في عضويته الآن 27 دولة بعد أن توسع في السنوات الأخيرة، وانضمت إليه في بداية هذا العام كل من رومانيا وبلغاريا. لكن ربما ما لا يعرفه الكثيرون أن اللغات الرسمية المعتمدة لدى الاتحاد الأوروبي تبلغ 23 لغة، ما دفع بالمؤسسة الأوروبية إلى إنشاء مفوضية خاصة باللغات، وتمّ اختيار ليوناردو أوربان مسؤولاً عنها.
والجدير بالذكر أن اللغة التي ينطق بها الجزء الأكبر من الأوروبيين هي الألمانية تليها الفرنسية والإنجليزية. ويتكلم الألمانية نحو 83 مليون شخص كلغة أمّ، كما يتحدث بها 63 مليوناً آخرين كلغة أجنبية أو لغة ثانية لتحتل بذلك المركز الثاني بعد اللغة الإنجليزية كأوسع اللغات "الأجنبية" انتشاراً داخل دول الاتحاد الأوروبي. لكن تحرير أكثر من نصف وثائق المفوضية الأوروبية يتم بالإنجليزية، تليه الفرنسية ثم الألمانية. وفي هذا السياق ذكر منسق اللغة الألمانية في الإدارة العامة للترجمة بالمفوضية الأوروبية، أن نحو ثلاثة أرباع العاملين في لجان ومفوضيات الاتحاد يفضلون استخدام اللغة الإنجليزية في التواصل فيما بينهم، بينما يستخدم 15% اللغة الفرنسية وحوالي 2.8% فقط اللغة الألمانية.
وقد نص قرار صادر عن الاتحاد الأوروبي في السابق بأنه من حق جميع مواطني الاتحاد أن يخاطبوا مؤسسات الاتحاد الأوروبي بلغاتهم، حينها كان هناك فقط أربع لغات رسمية وهي لغات الدول الست المؤسسة للاتحاد (ألمانيا، بلجيكا، فرنسا، ايطاليا، لوكسمبورغ وهولندا). لكن عدد اللغات تضاعف مع انضمام أعضاء جدد إلى الاتحاد الأوروبي، ويعني اعتماد هذا العدد الكبير من اللغات كلغات رسمية للاتحاد أعباء مالية وتقنية ضخمة، ناهيك عن الإرباكات التي تحدث بسبب الترجمة. فعلى سبيل المثال قام الاتحاد الأوروبي في العام الماضي بترجمة مليون ونصف المليون صفحة إلى اللغات المختلفة، وهذا الجهد يكلف ميزانية الاتحاد حوالي مليار يورو سنوياً.
وحسب المفوض الأوروبي لشؤون اللغات فإنه ليس مطروحاً اعتماد لغة واحدة، كالإنجليزية أو الفرنسية مثلاً، كلغة رسمية لمؤسسة الاتحاد الأوروبي، لأنه من الناحية السياسية "ليس من المقبول إجبار مواطني الاتحاد الأوروبي على استخدام لغة واحدة، سواء كانت الإنجليزية أو غيرها"، كما أن ذلك سوف يثير مخاوف لدى بعض الدول الأعضاء، إلاّ أن المسؤول الأوروبي أبدى رغبته بتشجيع مواطني الدول الأوروبية على تعلم لغات كثيرة.
ويُشار هنا إلى أن بعض الأقاليم الأوروبية تناضل من أجل ضم لغاتها الوطنية إلى اللغات الرسمية للاتحاد الأوروبي مثل إقليم كاتالونيا الذي يتمتع بالحكم الذاتي. كما أن هناك حوالي 40 لغة إقليمية في دول الاتحاد الأوروبي، لتبقى مشكلة تكاليف ترجمة الوثائق قائمة من دول حلّ قريب.