بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأستاذ المفكر أيوب ناصر...

ليس هناك من شك أن "اليتم" هو من العوامل المؤثرة إلى حد بعيد في تكوين "شخصية الإنسان"...

لكن مع كامل احترامي و ذلك لعدم وضوح الفكرة بشكل تام أن اليتم بالمعادلات الرياضية يساوي الإبداع أو العبقرية فأعتقد أن هذا مستبعد إلى حد كبير و لكن له دور كبير في تشكيل عنصر من عناصر النواة في مسألة الطاقة الإبداعية لكنه ليس العنصر الوحيد و الفعال بنسبة المائة في المائة...

لأنك أستاذي لو قمت بإحصاء عدد الأيتام في الحربين العالمتين الأولى و الثانية لوجدت أرقاما مهولة و مذهلة إلى حد بعيد...مع العلم أنك لو قمت بإحصاء بالمثل لعدد العباقرة و المبدعين للفترة التي تلت الحربين العالميتين لوجدت كما لا يتناسب مع حجم اليتامى من الكتاب و المبدعين...

و لم أقم بإحصاء لعدد الجوائز الكبرى و المعترف بها دوليا كجائزة نوبل أو غيرها من الجوائز الكبرى التي تقدم العباقرة و المبدعين في شت الميادين لما وجدت إلا عددا ضئيلا في المائة سنة التي عرفت من الحروب العالمية و الإقليمية و التي خلفت من اليتامى العديد العديد و من الفجائع و المصائب ما يشيب له الطفل قبل الحلم...

و مع ذلك يظل السؤال ما سر العبقرية و ما سر الإبداع الذي طواه الإنسان بين جنباته...فالعلم يقدم تفسيرا بكل تأكيد و الدين يقدم تفسيرا آخر بكل تأكيد... و لا يمكن في حكم الله عز و جل أن يكون هناك تناقض بين من سمى نفسه و ذاته الجليلة العليا بالعليم بكل شيء...فالنقص في معارفنا و في ما وصل إليه علمنا هو الذي جعل الظاهرة الإبداعية أكثر تعقيدا و بإصرار الإنسان على تحقيق فكرة "الخلود" على أرض الواقع من جهة و بإصراره على تفسير للظواهر المحيطة به و لعناده و لتحديه لتحقيق فكرة " الصراع" أو حقيقة " التدافع" هو ما جعله منه الإنسان ليس السياسي فحسب أو الإنسان المثقف أو الإنسان المدني بل كذلك الإنسان المبدع كتعريف أفضل من التعريف الذي صاغه أرسطو للإنسان...أو حسب قولته المشهورة التي اعتمدها توينبي <<لا يستطيع الإنسان أن يحيا بشكل دائم بعيدا عن الحياة الاجتماعية دون أن يفقد إنسانيته و يصبح "حيوانا أو إلها"...تعالى الله جل و علا عما يقولون علوا كبيرا...

لك التحية و التقدير و للحديث بقية إن شاء الله....