قبل فترة نشر الشاعر الكبير يحيى السماوي قصيدة بعنوان " خلّيكّ في منفاكَ "
حينها أمسكت قلمي وبدأت بكتابة رد عليها , واقتبست عنوانها من عنوان قصيدته ,
أضعها اليوم بين ايديكم , وأرحب بأي نقد أو تصويب ,
وأعتذر مقدما إن ورد بها خطأ فقد امتزج الحبر بالألم.



أتقولُ لي : خلّيكَ في منفاكَ ,
حتّى يَنجلي هذا الظّلامْ ؟
فإلى مَتى يا صاحِبي , هذا الظلامْ ؟

وإلى مَتى تَبقى البلادُ فريسةً ,
و ضَحيَّةً حتّى العِظامْ ؟

وإلى متى تَبقى البلادُ غَريقةً ,
بدماءِ أشرافٍ كِرامْ ؟

وإلى مَتى يَبقى النَّخيلُ تهزُّهُ
أيدي اللّئامْ ؟

وإلى مَتى يا صاحبي
أبقى بَعيداً عن بلادي,
والحَنينُ يهزُّ أشرعَتي ,
وشوقي لا ينامْ ؟

يا صاحِبي : وطَني يَموجُ كأنَّهُ
بركانُ ثأرٍ وانتقامْ

أولمْ يقولوا إنَّهم جاؤوا ,
لإنقاذِ الرعيَّةِ من نظامْ

وبأنَّهم جَلبوا التحرَّرَ والسَّلامْ ؟

لكنَّهم زرعوا الأراضيَ بالتفرُّق والخِصامْ

فإلى مَتى في عشِّنا يبقى اللّئامْ ؟

وبيوتُنا صارت سُجونا , والمدارسُ
أصبحتْ وكرَ الجهالةِ والظلامْ
ومساجدُ الرَّحمنِ ليسَ بها مصلٍّ أو إمامْ

حتّى الطيورُ تخاصَمتْ وتقاتَلتْ
وانظرْ إلى غربانِهمْ
وأدتْ بلؤمٍ كلَّ أسرابِ الحَمامْ

فوقَ الشِّفاهِ تَمزَّقتْ
ضحكاتُ أطفالٍ , وهمْ
ليسوا كأطفالِ الأنامْ
لا يلعبونَ كَما صغارُ الآخرين بلعبةٍ
وتعوَّدوا أنْ يحمِلوا
بعضَ السّلاحَ وهمْ نيامْ

وتعلَّموا ألاّ تنامَ عُيونُهمْ
خوفَ الكوابيسِ الّتي نشرَ اللّئامْ

وتقولُ لي : خلّيكَ في منفاكَ ,
حتّى يَنجلي هذا الظّلامْ ؟

والكوفةُ المنكوبُ مسجدُها تنادي منقذاً
ومخلِّصا شرفَ المقامْ

فلقد أُبيحتْ كلُّ أنواعِ الفسادِ
وبالفَتاوى حلَّلوا نيلَ الحَرامْ

وأعادَ " آياتٌ " حكايةَ ذبحِ أحفادِ النبيِّ ,
وسَبيِ آلِ البيتِ والصَّحبِ الكرامْ

جسرُ الأئمَّة يشتكي هذا الخِصامْ
ما عادَ يعبرُ منْ يُصلّي خوفَ قتلٍ وانتقامْ

والكرخُ يشكو للرّصافةِ هجرَها
رغمَ الجُسورِِ فلا مشاةٌ , لا زِحامْ

واليومَ نبحثُ عن بقايا تحتَ أكوامِ الرّكامْ
وبقيَّةٍ من أهلنا تحتَ الحُطامْ
أشلاءِ منْ عَبروا يزورونَ الإمامْ

يا صاحبي نَضبتْ دماءُ عُراقنا
خَلَطوا مياهَ الرّافدَين بما تبقّى منْ دَمٍ
أو منْ كتابٍ , أو فؤادٍ أو عظامْ

وتَحققت أحلامُ كِسرى بالعُبور,
فقد تفرَّقَ شملُنا
وتحقَّقتْ أحلامُ " موشي بالشلامْ "

وتقولُ لي : خلّيكَ في منفاكَ
حتّى ينجلي هذا الظَّلامْ

يا صاحِبي :
بيدي حَرقتُ مَراكبي
بيدي هَدمتُ معابري

مزَّقتُ أشرعتي فلا
سفنٌ ولا بعضُ الحطامْ

ما نفعُ أشرعَتي ؟
وأشرعَتي تخاصمُها الرياحُ ,
وإن غرقتُ فلا نوارسُ في السّماءِ ولا يَمامْ

والبحرُ خلفي ,
والعدوُّ أمامَ عينيّ اللّتين تُصارعانِ
رياحَهَ كي لا أنامْ

ما نفعُ أشرعَتي , إذنْ ؟
وهيَ البحارُ دماؤنا !
هل يبحرُ المذبوحُ في بحرِ الدّماءِ
ولوحُ مركبِهِ العِظامْ ؟

منفاي أم وطني سيغرقُ حينما
تتلاطمُ الأمواجُ , ثم يهبُّ إعصارُ الفناءِ ,
فتُغرقُ الأمواجُ أمَّةَ يعربٍ , ليستْ تلامْ

فلقدْ تناستْ ذكرَ ربٍّ ,
في القعودِ , وفي القيامْ

واليومَ أربعةٌ منَ الأعوامِ مرَّت ,
والبلادُ ذبيحةٌ
والعربُ مازالوا نيامْ

تعلو رؤوسَهمُ المذلَّةُ
والخرابُ يزيدُ عاماً بعدَ عامْ

وتخيفُهمْ أشباحُهم في يقظةٍ أو في منامْ

من ذا يعيدُ ملاحماً كادتْ تتوهُ مَع الزّحامْ ؟
من ذا يصدُّ رياحَ حقدِهمُ الّذي ,
قدْ هبَّ إعصاراً يدَمّرُ أرضنا ,
أرضَ السلامْ ؟

وتقولُ لي : خلّيكَ في منفاكَ
حتّى ينجلي هذا الظَّلامْ

يا صاحِبي هذي دُموعي في الختامْ
فلقد تقطَّعَ بعضُ حرفي ,
ضاعَ منْ بعضي الكلامْ

فاقرأ على وطني السّلامْ
واقرأ على شعبي السّلامْ




أتمنى لو أن شاعرنا الكبير نشر قصيدته هنا أيضا , مع ملاحظة اختلاف التفعيلة المعتمدة.