غالب الغول والوتد المفروق :
تعريفه وأهميته ومكان تواجده
من قلم / غالب أحمد الغول
@@@@@@@@@@
الوتد المفروق :

يمكن تعريف الوتد المفروق كما جاء في كل الكتب العروضية كما يلي : حرفان متحركان بينهما حرف ساكن نحو (( كيْفَ))
ويرمز له بالرمز ( ــ ب ) أو بالرمز ( /ه / ) أو بالرقمين ( 2 1 )

1 ــ وجود الوتد المفروق بعد أن يتبع مفعولاتُ مفعولاتُ مثلها .

يوجد الوتد المفروق بارزاً في تفعيلة خليلية واحدة فقط , عندما تكون منفردة كتفعيلة مستقلة, ولا يمكن زحاف هذا الوتد إن جاء مستقلاً أو انفصل عن تفعيلته , وهي ( مفعولاتُ ) حيث تنتهي التفعيلة بوتد مفروق , أي أن آخر التفعيلة حرف متحرك , يجعل من الصعب الوقوف عليه , وهنا لا بد من أن يأتي بعد مفعولاتُ سبباً خفيفاً لا يقبل الزحاف ( مقيداً بثباته ) ليصنع مع التفعيلة وتداً مجموعاً , للتخلص من حركة آخر التفعيلة في الضرب الشعري , وهنا لا نستطيع تسميته بالوتد المفروق , لأن تعريف الوتد المفروق (( كما أفسره )) هو ذالك الوتد الذي تفرق عن تفعيلته وأصبح منفرداً لخدمة إيقاعية , أو لوضع تفعيلي آخر.
ويمكن أن يأتي الوتد المفروق , مفروقاً عن تفاعيلة في تفعيلة ( مستفٍعلن أو فاعلاتن ) هكذا
(مستفعِ + لن )ِ فاع ِ + لاتن) أو (مفعو + لاتُ) .


انظر إلى المثال التالي :
ــ ــ ــ ب ــ/ ــ ــ ب ـــ ( مفعولاتُ مفْ + عولاتُ مف )

ومن هذا الترتيب ــ في المثال أعلاه ــ علينا أن ندرك بأن مفعولاتُ لا يتبعها إلا مفعولاتُ مثلها لأجل سلامة الوتد المجموع الذي يتشكل من ( آخرها + السبب الأول من التفعيلة الثانية الذي يليها) والذي لا يقبل الزحاف .

أو يمكن أن يأتي بعد مفعولات مستفعلن بشرط الطي ــ كما سنوضحه بعد قليل ــ , ليبقى السبب الأول في مستفعلن دون زحاف, ولا يأتي بعدها أي تفعيلة غير مستفعلن ومفعولاتُ ولا يتبع مفعولاتُ كل من ( فاعلن أو فاعلاتن أو فعولن أو مفاعيلن أو متفاعلن أو مفاعلتن ) , تحاشياً من تعدد الحركات التي تفسد الإيقاع لكثرة اجتماع الأوتاد والحركات .

ومن تتابع مفعولاتُ مع مفعولاتُ ثانية أو ثالثة , فعلينا أن نعلم بأن الوتد المفروق في أخر مفعولاتُ قد تخلى عن وتديته , وصار سبباً عادياً يتبعه حركة الوتد ثم يأتي سبب الوتد المجموع . انظر الشكل:
ـــــ ب ــــــ ( لاتُ مسْ ) وينقل أيضاً إلى ( فاعلن )
ويمكن زحاف (لاتُ ) لأن الوتد المجموع جاورها , ولا يمكن منع السببين من غير زحاف , بل يمنع زحاف سبب الوتد المجموع ( مسْ ) الذي يأتي إجبارياً بعد ( لاتُ )

إن التفعيلة مفعولاتُ في الوضع أعلاه قد تممت الوتد المجموع بوجود سبب ثابت بعدها , وليس من المعقول أن نمنع زحاف سببين قبل أو بعد حركة الوتد , ( لاتُ مفْ ) ( ــ ب ــ ) لكن المشهور أن الوتد المجموع في أي وضع كان يمنع زحافه .
أي أنه يمكن زحاف سببين من مفعولاتُ وهما ( عو ) أو ( لا ) بينما يبقى السبب الأول منها بدون زحاف وهو ( مف ) لأنه السبب الشارد , ويصحب معه سبباً آخر ليشكلا معاً تفعيلة مستقلة وهي ( مفعو ) وتنقل إلى ( فعْلن ) , لأجل توحيد كنى التفاعيل ) .

ويتبقى من مفعولاتُ الجزء الأخر منها وهو ( لاتُ مفْ ) على وزن ( فاعلن ) لتوحيد كنى التفاعيل أيضاً , وهذه يمكن زحافها إلى ( فعِلن ) كما جاء في الدوبيت , ليكون زحاف مفعولاتُ وما بعدها هكذا :
(مفعو ) أو فعْلن
(لاتـُمُفْ) أو ( فاعلن ) وعند الزحاف تصير ) فعـِلن بكسر العين
مفعولاتُ مفْ = فعْلن فاعلن ( بعد التأصيل إلى كنى التفاعيل المعروفة )
مفعولاتُ مفْ = فعْلن فعِلن ( بعد التأصيل )
مفعولاتُ مفْ = ومنهم من أطلق عليها اسم ( مستفعيلتن ) وهذا لا يصح أن تكون تفعيلة واحدة بل يجب تجزئتها إلى تفعيلتين مثل :
( فعْلن فاعلن )
ومنهم من أطلق عليها اسم ( مستفعِلتن ) وهذا لا يصح أيضاً , بل يجب تقسيمها إلى تفعيلتين مثل ( فعْلن فعِلن )
وهذا التقسيم خاص في وزن الدوبيت دون غيره ,
وهذه مفعولاتُ الأولى والثانية والثالثة ( لبحر الدوبيت ) على الوجه المطلوب هكذا :
سبب شارد ثم يأتي بعده أجزاء مطابقة لأجزاء مستفعلن تماماً , وهذا مما يدل على صحة القول بأن الدوبيت وزن عربي أصيل ,
ــ/ ب ــ ب ــ/ب ــ ب ــ / ــ ب ب ــ أو هكذا
ــ/ ــ ب ب ــ / ــ ــ ب ــ / ب ــ ب ــ / أو هكذا
ــ / ــ ب ب ــ / ب ــ ب ــ / ــ ب ب ــ/

والأمثلة أعلاه تبدأ بالسبب الشارد ثم يتبعه تفعيلة مستفعلن وزحافاتها المعروفة ( الطي والخبن )
والسبب الشارد اصطلاحاً هو السبب الذي انتقل إلى أول مفعولاتُ وهو ( مف ) ولا يقبل الزحاف .

وهنا إثبات حقيقي على إلزام أي تفعيلة تأتي بعد مفعولاتُ أن يمنع سببها الأول من الزحاف كما جاء في طي مستفعلن الاجباري بعد مفعولاتُ كما لاحظنا أعلاه . .
ويقول كتاب الكافي صفحة 103 :
((ومتى وقعت مستفعلن في ضرب المنسرح, لم تجئ على أصلها ,لكنها جاءت مطوية )) ومن المعروف أن طي مستفعلن يجعل سببها الأول لا زحاف فيه , لكي لا يجتمع المتحركات بعد مفعولاتُ

لاحظ وجود الوتد المفروق في البحور التي ذكرت فيها ( مفعولات ) في الدائرة الخليلية ( المجتلب ) ونأخذ منها بحر الخفيف :

1 ــ الخفيف :
بحر الخفيف دخلته مفعولاتُ وهذه الأجزاء التي ظهرت على الدائرة الخليلية : قبل تأصيلها أو قبل تفعيلها بتفاعيل الخليل وهي:

تفعِلن مفعولاتُ مستفعلن مسْ
ــ ب ــ / ــ ــ ــ ب / ــ ــ ب ــ / ــ

ومن هنا نقول إن ( فاعلاتن الأولى لبحر الخفيف , قد أخذت السبب الأول من مفعولاتُ ).
وبقي من مفعولاتُ جزء منها وهو ( عولاتُ ) سبب ووتد مفروق ) ثم أضيف إليها السبب الأول من مستفعلن الأخيرة , فصارت ( عولاتُ + مسْ ) ونقلوها إلى مستفعلن .

ولكي يعرفنا الخليل على أن (مستفع ) هي وتد مفروق لا يمكن زحافه ,وليس له علاقة بمستفعلن , بل هو جزء من مفعولاتُ, قام وفرض على التفعيلة تفريق الوتد المفروق , ونقل اسمها إلى ( مستفع ( ومنع زحاف الوتد ) لأجل هذه الغاية , ليخرج من ورطة إيقاعية ملموسة بين مستفعلن كصورة وهمية , وبين (عولاتُ + مس ) كصورة حقيقية ظهرت على الدائرة .
.
وعند خبن ( مس ْ ) من مستفعلن الأخيرة, حتى ظهر عيب آخر وهو من الحركتين المتتابعتن ( حركة الوتد وحركة الخبن ) فليس له إلا أن قال يجب ( كف مستفعلن فصارت مستفعلُ ) ولكنه بالحقيقة قد ( كف ) عولاتُ + مُ ) وليس له إلا هذا التحايل على المقاطع . علماً أن مستفعلن الحقيقية لا يمكن كفها , ولو أمكن ذلك لتم كفها ( في الرجز حمار الشعراء ) , ومن هنا نقول بأن الوتد المفروق قد دخل بحر الخفيف إجباراُ وقهراُ لأن بعض الأمثلة الشعرية جاءت على هيئة ( مستفعلُ ) , وهذا الوضع يوجب إظهار الوتد المفروق ليمنع زحافه , لكي لا تلتقي الحركات بشكل فوضوي , وهذا يدل على عبقرية الخليل الموسيقية التي حلت معضلة الإيقاع بوجود الوتد المفروق في الخفيف وغيره في الدائرة الرابعة فقط ( دائرة المجتلب ).

وخلاصة القول أقول :
إن الوتد المفروق للتفعيلة مفعولاتُ المتتابعة في وزن الدوبيت لا يلزم إظهاره كوتد مفروق , لأن الوتد المجموع الذي يلتصق به منعه من الظهور , لكي لا يمنع زحافه , وصار الوتد المجموع هو الذي يلتزم بالزحاف , لأنه من غير الممكن أن نمنع سببين على طرفي حركة الوتد من الزحاف , وكان الأولى أن نمنع الزحاف عن الوتد المجموع هكذا:
مفعولتُ مفْ ( ــ ــ ب (ب ــ )) الزحاف أصاب (لا) من مفعولاتُ , ولم يصب السبب الذي أتى بعد حركة الوتد المجموع .

انتهى البحث .