حدث بالفعل


من 12 سنة كنت أصلي الجمعة، والخطيب بدأ في عرض أدلته لتحريم الموسيقى وأن الإجماع منعقد على المنع، ثم ذكر آية "لهو الحديث" وأسهب في شرح كلام بن مسعود بأنها الغناء ثم ذكر إسم الطبري وابن كثير كمصدر..


فكرت في الرد عليه مترددا فليس من العُرف مقاطعة خطيب الجمعة


تجرأت ثم أشرت بيدي مقاطعا له وقلت:


" كلامك غير صحيح ياشيخ..الإجماع أنكره ابن حنبل وابن حزم..وحتى لو جازالإجماع فالإمام الغزالي لم يرى تحريم الموسيقى والغناء في كتابه إحياء علوم الدين، ثم كلمة "لهو الحديث" تعني "باطل الحديث" والدليل أنها نزلت في النضر بن الحارث الذي ساوى بين القرآن وغيره، وأما كلام ابن مسعود فهو رأي مردود عليه والطبري له كلام تاني في تفسير اللهو بغير الغناء حضرتك ماذكرتوش"..انتهى


كان ينظر إليّ باحتقار ثم أدار وجهه والتفت الناحية الأخرى وأكمل كلامه دون أن يرد


بعد الصلاه كانت الناس تنظر إليّ باستغراب كأني عملت جريمة، بينما كنت أرى الأمر عادي ومن صميم الإسلام، لأن خطبة الجمعة يفترض أنها محاضرة علمية وسلوكية مفتوحة لا بيان ديني أو سياسي باسم مذهب أو خليفة..


قلت قديما أن أكثر الأماكن التي يُكذَب فيها على الله هي المساجد وخصوصا خطبة الجمعة، وأن الإصلاح لن يتم سوى بتحويل الخطبة لفرصة لقاء وتبادل معرفي واجتماعي..لا كأنها الآن بيان حكومي مفروض يُكفَر منكِرهِ ويزدرى لجريمته الوحيدة أنه يُعمِل عقله ويعترض على الإمام وقداسته المفروضة بفعل فاعل.