عن لمة الشعراء في الصالون الأدبي بالدارالبيضاء.

و تمت اللمة ، بعد أن تقاطر على الصالون الأدبي بالدارالبيضاء يوم السبت 12ماي 2007 شعراء ونقاد ومحبي الأدب من كل الربوع .. شعراء يمثلون أجيالا مختلفة ، منهم من احتصدت ملكته الكثير من الخبرة والتجربة ، فجاءت قصائده معبرة عن نضج ، ينضح من بين ثنايا سيد القول .. ومنهم من لا يزال يداعب بخجل غواية الكتابة ، فوجد في الصالون حضنا دافئا ، وفر له اللقاء بمن تجدرت غواية الشعر في عقولهم ووجدانهم ، فكان التلاقح الذي لا ريب سيدفع قدما بالتجارب الجديدة ، التي تبحث لنفسها عن موطئ قدم في المشهد الشعري المغربي والعربي..
في اللمة تنافس الشعراء على الإلقاء الجميل ، فلامست قصائدهم هموم الذات والوطن وشجون العروبة ، والهموم الإنسانية الكبرى ، هكذا حضرت فلسطين بكل زخمها الوجداني والنفسي ، وهيمنت قضية العراق بكل تفاصيلها المؤرقة للقلب والضمير،ةفتفاعل معها الجمهور بما تستحق من جميل الإصغاء
و حرارة التصفيق.
وكما كان مسطرا من قبل ، تمت اللمة في جلستين أدبيتين باذختين:
الجلسة الأولى أطرها نظريا الناقد المهدي العرج وسيرتها الشاعرة مالكة عسال، وقد تركزت مداخلة الناقد على "راهن الشعرالمغربي "، فلاحظ أ ن ثمة تنوعا كبيرا في المشهد الشعري الحالي ، وأن القصيدة الشعرية كبنية دلالية بدأت تتفسخ لدى الأصوات الجديدة ، وذلك لصالح كتابة متشظية تبحث في تعب عن هوية منفلتة ، وأن الهوة -يضيف الناقد - ليست فقط بين اللغة الشعرية ولغة الحديث اليومي ، بل اتسعت أيضا بين الشاعر وذاته ، وهكذا ابتعد الشعراء عن القضايا الكبرى ذات المنحى السياسي والإجتماعي ، فأصبح الشعر - نتيجة لذلك - وديعا يعبر ولا يحتج " شعر مبحوح ربما أومثقوب الرئة "، فغدا التواصل لدى الشاعر أهم من لتوصيل .. ثم لا حظ المهدي لعرج أن النقد لا يواكب ما تراكم في المشهد الشعري من إنجازات ، وبالتالي انتفت أية مساءلة حقيقية لهذا المنجز .. ولم يفت الناقد مساءلة مفهوم الجدة في الشعر المغربي ، باعتبار أن الجدة تعني عنده تغييرا في بنية القصيدة الفنية والتعبيرية ، كما توقف عند لغة الشعراء الجدد ، فلاحظ أنها لغة تحتاج إلى تثقيف، مركزا في الأخير على ضرورة تسلح الشعراء برؤيا واضحة تكسب شعرهم نضجا وقوة هو في أمس الحاجة إليهما .
مباشرة بعد ذلك تناوب الشعراء على منصة الإلقاء، فشنفوا أسماع الحضور بأجمل القصائد وأرقها.
الجلسة الثانية استأنفت أشغال لمة الشعراء بعد استراحة ، تم خلالها توقيع الدواوين الجديدة من طرف أصحابها ، فافتتحها الناقد ابراهيم قهواجي بمداخلة حاولت تشريح القصيدة الجديدة كما تقدم نفسها للمتلقي ، فتوقف عند مفهوم اللغة الشعرية ،حيث لاحظ أنها ذات طبيعة انزياحية ، ومتشذرة .. و خلال تحليله للصور الشعرية ركز على أن النص في القصيدة الجديدة يقدم نفسه كصورة كبرى متكاملة تتجزأ إلى صور صغرى ، مستفيدة - في سبيل تحقيق ذلك - من التقنيات الحديثة في السينما كاللقطة مثلا ،و من المشهد في المسرح ، ومن اللوحة في الفن التشكيلي .. أما فيما يخص الإيقاع ، فلاحظ هيمنة الإيقاع الداخلي على حساب الإيقاع الخارجي ، وفيما يتعلق بالرؤيا فيرى الناقد أنها تتوزع فيما بين الذاتي والموضوعي ، و تتميز- عند الشعراء الجدد - باستثمار المعطى اليومي والعابر ، كما أنها تميل إلى توظيف الأسطورة والرمز لتعميق المضامين التي تهيمن على اهتمامات الشعراء الجدد، والتي تتميز على الخصوص بفقدان الثقة في المواضيع الكبرى والإديولوجيات السيارة ، والانكباب على الذات وهمومها..
تلت هذه المداخلة جولة أخرى من القراءات الشعرية ، قدمها الشاعر مصطفى بلعوني ، فصدحت أصوات الشواعر والشعراء بسمفونية بديعة نثرت من حولها أقاحي الجمال وسوسناته ، لتعبق بأريجها الفواح في فضاء الصالون الأدبي بالدارالبيضاء.
مصطفى لغتيري
الصالون الأدبي.