فجر رئيس قسم الحديث في جامعة الأزهر عزت عطية جدالاً قوياً في مصر بعد فتواه المثيرة للجدل والتي تقضي بـ"إرضاع المرأة العاملة لزميلها" منعاً للخلوة المحرّمة. ودفعت هذه الفتوى شيخ الأزهر الى طلب التحقيق مع عطية كما أثارت جدالاً فقهياً وسياسياً وشعبياً.

ورغم العاصفة التي اصابت المجتمع المصري وضجت بها المنتديات الاسلامية إلا أن عطية بقي مصراً على موقفه وقال ان الفتوى لم تكن من عنده، موضحاً بأنه "لا يبيح ولا يحرّم ولا يحلّل وإنما الله تعالى هو الذي يحلل ويحرّم، وأنا أخذت من الشرع وعرضته".

وأوضح عطية أن حديث إرضاع الكبير الذي استند إليه فيما ذهب إليه في اجتهاده ـ على حد قوله ـ حديث ثابت صحيح ، وزاد عطية أنه لا يطالب فقط بالعمل بالإرضاع في العمل عند اقتضاء الضرورة وإنما في الجامعة بين الطلاب والطالبات أيضاً للتغلب على مشكلة الاختلاط بعد انتشاره بشكل كبير حسب قوله.

وقد أباح للمرأة العاملة أن تقوم بإرضاع زميلها في العمل "منعاً للخلوة المحرمة" إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة لا يُفتح بابها إلا بواسطة أحدهما، مؤكدا على أن إرضاع الكبير يكون خمس رضعات، وهو يبيح الخلوة ولا يحرم الزواج حسب فتواه.

وأضاف أن المرأة في العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، مطالباً بتوثيق هذا الإرضاع رسميا، ويكتب في التوثيق أن فلانة أرضعت فلانًا .

وأشار عطية، في برنامج تلفزيوني إلى أن فتواه عن رضاعة الكبير ليست أمرا جديدا، وقال "أنا لم أتفرد بهذا الرأي، فقد قال بالفتوى ابن تيمية وابن القيّم والشوكاني وابن حجر، وإن إرضاع أي مسلمة لأي مسلم عمل شرعي لا اعتراض عليه".

وأوضح بأن الفتوى هي "لأجل ظروف ضرورية عند الاضطرار لخلوة شرعية".

تحقيق من الأزهر

على اثر صدور الفتوى طلب شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي من مجمع البحوث الإسلامية إعداد تقرير للتحقيق مع عطية وهى الفتوى التي أثارت جدلاً واسعاً في الشارع المصري.

من جانبه أصر الدكتور عطية على موقفه مهما كلفه ذلك وأكد أنه على استعداد لتحمل تبعات موقفه حتى لو فقد موقعه كرئيس لمجلس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر مشيراً إلى أنه زاهد في المنصب الذي لا يتقاضى عنه سوى 10 جنيهات كبدل في الشهر ـ حسب قوله ـ .

في الوقت نفسه رحب عطية بالتحقيق معه وقال لو تم استدعائي من قبل مجمع البحوث الإسلامية أو شيخ الأزهر فلن أتردد في الذهاب للمناقشة وما قلته اجتهاد قائم على أدلة وقرائن ولو ثبت غير ذلك سيكون من واجبي التراجع لكن ما قلت به هو دفاع عن السنة وسد لباب التراجع عن بعض الأحاديث.

جدل بين علماء الدين والبرلمان

وأثارت الفتوى جدلاً بين علماء دين في مصر ، الأمر الذي أوصله إلى البرلمان المصري.

وقال عضو مجلس الشعب عن كتلة الأخوان المسلمين صبري خلف الله إن نحو 50 نائبا في البرلمان تدارسوا هذا الموضوع مساء الأربعاء وأعربوا عن قلقهم من انتشار هذه الفتوى إعلاميا، واقترح بعضهم تقديم طلبات أحاطة، لكنهم اتفقوا على ارجاء ذلك، واعطاء فرصة للأزهر والإعلام لوقف الخوض في هذا الموضوع الذي أثار حالة من اللغط الشديد في الشارع المصري خصوصا في أماكن العمل التي تضم موظفين وموظفات، وعندها قد يمتنعون عن طلبات الاحاطة منعا لحدوث زوبعة برلمانية قد تساهم في تضخيم المسألة وتضر بالاسلام.

إلا أن الشيخ السيد عسكر الوكيل الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية، وهي أعلى هيئة فقهية بالأزهر والنائب عن جماعة الإخوان المسلمين بالبرلمان، رفض هذا الرأي مؤكداً انه خروج على إجماع علماء الأمة، ولا يجوز القياس علي حالة خاصة، ومطالباً بالتصدي لذلك لأنه يسهم في نشر الرذيلة بين المسلمين.

وردَّ عليه أيضاً الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية الدكتور مبروك عطية بالقول إنه "لا يوجد في الإسلام شيء اسمه رضاعة الكبير".

وأكد أن الرضاعة بعد سنتيّن و3 أشهر أو بعد 3 سنوات عند بعض الفقهاء لا تحرّم شيئاً. وأعرب مبروك عطية عن أسفه لصدور مثل هذه الفتوى فيما "الأمة تنزف وليست بحاجة إلى هذه الفتاوى".
القاهرة - الحقائق - وكالات