يعد فيض أحمد فيض من كبار شعراء الأردية في القرن العشرين، وهو أكثرهم شهرة بعد إقبال، ولقد ولد في سيالكوت عام 1913م، حيث تلقى تعليمه الابتدائي. انتقل بعد ذلك إلى لاهور ليستكمل دراسته، وهناك حصل على درجة الماجستير في اللغة العربية والإنجليزية. عمل كمحاضر للأدب الإنجليزي في الجامعة الإسلامية بالهند، كما عمل كعميد لإحدى الكليات في كراتشي، ثم عمل مشرفا عاما للمركز القومي للفنون بإسلام آباد بباكستان، وتوفي عام 1984م.
كان والده هو "خان بهادر سلطان محمد خان"، ولقد تربى فيض منذ صغره في بيئة أدبية مما جعله ينظم الشعر أثناء دراسته بالجامعة، وكانت هذه هي بداية قرضه للشعر. بطبيعة الحال كان شعره آنذاك يتناول الموضوعات الشعرية التقليدية، إلا إنه بعد أن أصبح من رواد الحركة التقدمية عالج العديد من الموضوعات إلا إنه اختلف كثيرا عن باقي شعراء الحركة، فلقد ابتعد كثيرا عن الأسلوب الخطابي والدعائي. فإن فيض كان أحد رواد الحركة التقدمية التي أسست عام 1935م، وله فيها الكثير من الإسهامات، وكان أساس شعره هو تلك الموضوعات التي تدعم الحركة التقدمية، ومع هذا يمكن تقسيم موضوعات شعره إلى موضوعات رومانسية، وأخرى سياسية، وثالثة اجتماعية، كما كان له باع في الموضوعات الإنسانية.
ومما يميز شعر فيض هو تنوع موضوعاته فلقد تناول استغلال الأغنياء للفقراء، والاحتكار الغير مشروع للطبقة الرأسمالية، كما انتقد مساوئ الصراع الطبقي الاجتماعي.
لم يتناول فيض المشكلات المحلية لبلاده فقط، بل وتناول أيضا قضايا عالمية كالقضايا الإنسانية في أفريقيا، والتفرقة العنصرية، والهجوم الأمريكي على فيتنام، كما تناول أيضا القضايا العربية كالاعتداء الإسرائيلي على لبنان والحرب على بيروت، والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. وبذلك نجد أن نظم فيض لم يكن فقط ذا أثر على أبناء وطنه بل نال أهمية واسعة عند أصحاب اللغات الأخرى، مما أدى إلى ترجمة أعماله إلى اللغة الإنجليزية ولغات أخرى عديدة.
ومن خصائص شعره أنه استخدم رموزا شعرية متنوعة المصدر، فهناك المصدر العربي، والمصدر الفارسي، والمصدر الهندي، والمصدر الإغريقي، وغيرها من الرموز التي تعبر عن ثقافات مختلفة ومتنوعة.
إن أشعار فيض تبدو في ظاهرها أفضل مثال للرومانسية والذوق الجمالي، ولكن في باطنها تضمر أحاسيس لاذعة ومرّة، وعلى هذه الغرار نجد قصائد كثيرة له مثل (دريچہ: النافذة)، (كتے: الكلاب)، (تنہائي: الوحدة)، (لہو كا سراغ: البحث عن الدماء)، وهي قصائد لا نجد فيها الانكسار واليأس بالرغم من ما فيها من حزن ومواساة.
يقول كليم الدين أحمد في ذكر انفرادية فيض أحمد فيض: "يوجد في فيض أمران لا يلتقيان في شاعر تقدمي. الأول هو إنه لدى فيض إحساس بالمتطلبات الفنية، ومن المعروف إنه من أكبر أسباب عدم نجاح الكثير من الشعراء التقدميين الآخرين هو افتقارهم وربما افتقادهم لهذا الشعور بمتطلبات النظم الفنية. الأمر الثاني الذي نجده في فيض هو اهتمامه بأن يضبط كل جزء أو قسم من أقسام القصيدة شكلا وموضوعا".
خلاصة القول هو أن فيض هو شاعر متفرد في فكره وإبداعه، وكانت القضايا الإنسانية هي أبرز قضاياه. كما كانت له مكانة في الشعر الأردي جعلت منه رمزا من رموز الشعر بل والأدب الأردي الحديث، الأمر الذي لا يغفله أبدا مؤرخو الأدب.
بالإضافة إلى كونه شاعر، فلقد كان لفيض عدة كتب في النثر منها كتاب (ميزان) وهو كتاب يحوي مجموعة من المقالات النقدية، وكتاب آخر بعنوان (متاعِ لوح و قلم) وهو عبارة عن مجموعة من المقالات النثرية.
أما عن الشعر فلقد كان لفيض عدة مجموعات شعرية وهي (نقش فريادي)، و(دستِ صبا)، و(زندان نامہ)، و(دست نہ سنگ)، و(سر وادي سينا)، و(شامِ شهرياران). ولقد طبعت هذه الأعمال الكاملة في كتاب واحد.
هذا بالإضافة إلى الحبسيات التي كتبها فيض أثناء الفترة التي قضاها في السجن، حيث أتهم في إحدى القضايا السياسية مع آخرين من أدباء الحركة التقدمية.
وعلى الرغم من قلة غزليات فيض إلا إن اسمه بارزا في أوساط كتاب الغزل. كما برع في كتابة الشعر الحر، والشعر المرسل.
نال فيض أحمد فيض العديد من الجوائز، وكانت أكبر هذه الجوائز هي جائزة (لينين) من الاتحاد السوفيتي السابق.
رد مع اقتباس
المفضلات